الوثيقة | مشاهدة الموضوع - فضائح الدبلوماسية العراقية: من مستشارين حرامية المناشف في جمهورية أسطنبول إلى الترحيب بتاجر الماريجوانا كمبعوث “خاص” للرئيس ترامب! صباح البغدادي
تغيير حجم الخط     

فضائح الدبلوماسية العراقية: من مستشارين حرامية المناشف في جمهورية أسطنبول إلى الترحيب بتاجر الماريجوانا كمبعوث “خاص” للرئيس ترامب! صباح البغدادي

مشاركة » الثلاثاء أكتوبر 21, 2025 10:17 pm

في خطوة مفاجئة وغير مسبوقة في عالم الدبلوماسية, وقد تُشبه لنا بإرسال تاجر فواكه لإدارة وزارة الطاقة، فقد أعلن الرئيس الأمريكي “ترامب” تعيين مارك سافايا (40 عاماً)، رجل الأعمال الكلداني الأصل والذي يدير بدوره إمبراطورية سلسلة متاجر مخدر “القنّب / الماريجوانا ” في ولاية ميشيغان، مبعوثاً خاصاً له شخصيآ إلى العراق، متجاوزاً كل القنوات والأعراف الدبلوماسية التقليدية بين دول العالم , وكأن “بغداد” عاصمة الرشيد , أصبحت فرعاً جديداً لسلسلة متاجره . هذا القرار، الذي أثار عاصفة من الجدل , وما يزال في الأوساط السياسية والأمنية العراقية , وما بين مرحب له وبالاحضان ومنتقد له بشدة ، لانه ليس مجرد تعيين روتيني ، بل إعلان صريح وواضح لا لبس فيه , بأن إدارة ” البيت الأبيض” ويا للأسف على مهد الحضارات , لم تعد ترى في “العراق” دولة سيادية تستحق سفيراً محترماً ، بل أنه “ملفاً شائك ومعقداً ومستباح ” يحتاج معه إلى وجود تاجر أو “مدير أزمات” يجيد لغة المال والأعمال أكثر من إجادته اللغة الدبلوماسية وحتى أن كانت شبه معدومة … وربما أسهل للعراق وبالتعامل معه ومع مشاكله المستعصية أن يتمتع المبعوث الجديد لغة التهديد المباشر والوعيد بالويل والثبور لكل من يعارضه . فالرجل نفسه، الذي حظي بثناء الرئيس “ترامب” لدوره في حصد أصوات الجالية العراقية وحتى العربية في الانتخابات الرئاسية ، سبق له شخصيا بنقل رسالة تهديد “واضحة لا لبس فيها” لتحرير مختطفة إسرائيلية-روسية، معلناً أن “العقاب قادم للجميع لا محالة” وبدورها قد أشادت بهذا التعيين في صفحتها الشخصية على منصة “أكس” وكتبت حرفيآ ما نصه :” أهلاً وسهلاً على تويتر بمارك سفايا مبعوث الولايات المتحدة للعراق الجديد @Mark_Savaya مارك لعب دوراً هاماً في تحريري من قبضة كتائب الحثالة بعد ٩٠٣ يوماً في الأسر دون إعطاء أي مقابل ” ويا لها من مقدمة لمبعوث “دبلوماسي” : رجل يزرع الماريجوانا نهاراً، ويهدد بالعقاب ليلاً، ويُرسل الآن إلى مهد الحضارات ليُعلّم أهلها كيف يُدار بلد نفطي بأساليب … ولكن بأساليب زراعية بدائية ! ألم يقل الرئيس الأمريكي صراحة في معرض لقائه الصحفي في قمة السلام بشرم الشيخ ” العراق بلد نفطي ولكن لا يعرفون كيفية التصرف به “. حسنآ أيها القراء الأعزاء، تعالوا معنا لنقص عليكم حكاية مضحكة ومبكية في نفس الوقت تحمل معها أهات وانفاس تخرج النار والشرارة من مواطن عراقي لا يجد قوت يومه , وفي زمن يُفترض أن يُعيد فيه العراق كتابة تاريخه كمهد الحضارات، يبدو أن دبلوماسيتنا الرسمية قد قررت الكتابة بدم الحرج والفضائح على جدران قصور وزارة الخارجية المهترئة بالمحسوبية والمحاصصة الطائفية حالها كحال بقية الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومة . تخيلوا معي : بلد علم العالم الكتابة والقراءة والقانون، اليوم يُعامل كدولة “مشاكلها عويصة جدا ” تستحق ليس “سفيراً ” محترماً، بل مبعوثاً خاصاً يديره رجل أعمال يقضي أيامه بين مزارع القنب الهندي في ميشيغان! وكان “ترامب”، ذلك الرئيس الذي يُدير العالم كشركة بناء فنادق ، قال لنفسه حسنآ ولم لا : ” العراق ؟ أرسل لهم تاجر مخدرات، فهم يحتاجون إلى “هدوء” أكثر من “سلام” دبلوماسي ! ” أذن دعونا نبدأ بالمقدمة الاخرى , الشهية، تلك الفضيحة التي أشبعتها مختلف وسائل الإعلام العراقية والعربية من انتقاداً حاداً كسيف الجيش العراقي الوطني السابق . أتذكرون أنها كانت قبل أيام قليلة , السيدة المستشارة “الدكتورة” في سفارتنا بجمهورية إسطنبول الصديقة التركية والتي كانت تُفترض أن تكون جسراً للعلاقات ؟ حسناً، لم تكن الجسر الذي كنا نتمناه ، بل هي كانت حقيقية ومن خفت يديها ماهرة ! اتهامات علنية بالسرقة من فنادق عمان الفخمة، وشهادات دراسية مزيفة من بكالوريوس إلى ماجستير ألى دكتوراه، كلها وهي فقط خريجة معهد ادارة ، وكأنها تُدير مكتباً لتزوير السير الذاتية وبدلاً من تمثيل السيادة العراقية. القنوات الإعلامية صاحت باعلى صوتها ، تويتر (أو إكس، كما يُدعى الآن) على بالسخرية والانتقادات اللاذعة ، ومنصات التواصل تحولت إلى محكمة شعبية لها . لكن، يا إلهي، لماذا أسترسل؟ هذا الموضوع ليس قديم العهد وإنما حدث قبل أيام فقط ، وليس مثل قوانين حمورابي ، وكلنا نعرف كيف ستكون نهاية هذه الفضيحة : تحقيق، وعود بـ”الإصلاح”، ثم… صمت! والاستقواء السيدة الدكتورة المستشارة بالعشيرة لغرض رد اعتبارها على فضيحة السرقة وليس هذا فقط وانما تريد معاقبة السفير العراقي في الأردن والموظفين الذين سربوا الوثائق الخاصة والكتب الرسمية التي وجهت إلي مقر وزارة الخارجية ؟ ولكن، انتظروا، هنا يأتي الجزء الأكثر لاذعاً، الذي يجعل الفضيحة السابقة تبدو كلعبة أطفال . في 19 ت1 2025، أعلن السيد الرئيس “ترامب” ومن على منصة للتواصل الاجتماعي ” تروث سوشل ” ، ذلك الرجل الذي اصبح بسهولة له ومن غير رادع يوقفه أن يبني جدراناً ويهدم اتفاقيات، عن تعيين مارك سافايا – نعم، مارك سافايا، صاحب سلسلة متاجر “ليف آند بود” لبيع الماريجوانا في ديترويت – ميشيغان كمبعوث خاص للولايات المتحدة إلى العراق! ليس سفيراً، بل “مبعوث خاص”، كأن العراق ليس دولة سيادية، بل عبارة عن “مزرعة” مشاكل تحتاج إلى “مدير مشاريع” يحل أزماتها بالسرعة التي يبيع بها أوراق “القنب ” يُقدم الآن كـ”خبير في العلاقات العراقية-الأمريكية”. خبير ؟! حسناً ، إذا كانت خبرته في زراعة الحشيش باللهجة العامية العراقية وإدارة لوحات إعلانية صارخة تقول ” تعال واحصل عليها، أنها عشب مجاني! ” مما حدى بالبلدية أن تنتقد بشدة مثل تلك الإعلانات الصارخة وفي غير محلها والمستفزة في الوقت نفسه , وهذا ما تابعته بصفة شخصية ومن خلال القرب الجغرافي بين المدينة التي أعيش فيها وميشيغان والتي لا تتعدى مسافة اقل من ساعتين بالسيارة لأني دائما أكون في زيارتها وبالأخص لغرض الالتقاء بالشخصيات الجالية العراقية المرموقة , في المناسبات والمنتديات الثقافية التي ادعوا لها بين الحين والاخر ، فلماذا لا تعيينه وزيراً للزراعة في بغداد أيضاً؟!والأدهى، يا سادة، رد الفعل الرسمي في بغداد! رئيس الوزراء السيد محمد شياع السوداني، ذلك الرجل الذي يُفترض أنه يدير بلداً لا يُدار، وصف التعيين بأنه “خطوة مهمة ومعتبرة تعبر عن متن العلاقات بين العراق وأمريكا “، ومشيداً بالوقت نفسه , بأصول سافايا العراقية و”فهمه للوطن الأم”. يا إلهي، أي فهم هذا؟ فهم كيفية تهريب النفط والدولار عبر الحدود، أم فهم كيفية تحجيم الميليشيات الولائية باستخدام فقه “التقية” الشيعية التي سوف يتم ممارستها عليه من قبل قادة الأحزاب الإطار التنسيقي وقادة الفصائل الولائية المسلحة ولغرض أن يتم التقرب منه وتحجيمه وفي صراع سوف يشتعل فيما بينهما خفية , ومثل ما قالها الشاعر الفرزدق للإمام الحسين (ع) عندما لقيه متوجهاً إلى العراق وفي طريق ذهابه إلى كربلاء :” قلوبهم معكم ولكن سيوفهم عليكم ” ؟ صحيح بان ملفات السيد “سافايا” محددة مسبقاً وكما يقول الكتاب : إغلاق المنافذ والمعابر الحدودية غير الرسمية والتي يتم استعمالها للتهريب مختلف البضائع والسلع والمخدرات والسلاح مع إيران، السيطرة على البنك المركزي لمنع تهريب الملايين الدولارات إلى طهران وبالأخص مزاد العملة ، و”التحجيم” – بل إنهاء – دور مؤسسة “الحشد الشعبي” والفصائل الولائية المسلحة . وكأن العراق، بلد الثروات النفطية الهائلة والذي أصبح نقمة على الشعب العراقي وليس نعمة له وهبها الله لهذا البلد ، بل اصبح مع مجيء “هؤلاء” بعد عام 2003 يُعامل كمستعمرة تحتاج إلى “مدير تنفيذي” أمريكي ليُنظف كل هذه الفوضى التي ما تزال تعصف به كل يوم !هل هذا العراق الذي حارب الاستعمار والديكتاتورية، أم أصبحنا الآن دولة ينظر إليها بنظرة أقل ما يقال عنها دون المستوى وبالحضيض من الآخرين وأنها مجرد دولة “أزمات مستعرة” مثل سوريا أو لبنان، حيث يُرسل الرؤساء الأمريكان مبعوثين خاصين لإطفاء حرائق الحروب التي ما تزال رمادها تستعر ؟ لماذا لم يُعين “ترامب” واحداً من الشخصيات الكلدانية المرموقة في ميشيغان كسفير عادي، لا كـ”مبعوث وحلال مشاكل وعقد “؟ هل يُنظر إلينا الآن بنظرة دونية لهذه الدرجة ، كبلد غارق في الفساد والتهريب، يحتاج إلى رجل يتحدث لغة الأعمال … و الهم لغة تجارة المخدرات؟ وفوق كل ذلك، يشيد بعض السياسيين العراقيين بالتعيين لأنه “عراقي الأصل” فقط لا غير ! يا للإله وقصر النظر! كأنهم لا يفرقون بين مهام السفير – الذي يُمثل الدولة بكرامة – ومهام المبعوث الخاص، الذي يحمل أجندة واشنطن في جيبه كأنه قائمة تسوق . أما التنمية الاقتصادية والاجتماعية؟ آه … نسيت ربما ، تلك ستكون مجرد ملفات “جانبية” في أولويات السيد “سافايا”، الذي اعترف في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز ” أنه يقضي معظم وقته بين مزارعه . تخيلوا: مسؤولون عراقيون يتحاورون معه بالإنجليزية الدبلوماسية، بينما هو يفكر في كيفية زراعة “السلام” كما يزرع “القنب المخدر” ! وفي الوقت الذي يأمل بعض العراقيين أن يُبعد هذا التعيين الأحزاب الموالية لإيران، يتساءل الآخرون: هل سنُخدَع مرة أخرى بـ”التقية” السياسية، أم أن تجارة المخدرات أفضل من “فقه التقية ” في التعامل مع واشنطن؟ ولكن ، يا سادة الدبلوماسية العراقية، إذا كان هذا هو ما وصلتم إليه – من سرقة المناشف في جمهورية إسطنبول الصديقة إلى الترحيب الحار المبالغ فيه لتاجر القنب في بغداد – فمن يدري ما الذي سيكون عليه شكل التالي القادم ؟ ربما مبعوثاً خاصاً للميليشيات يكون صاحب مطعم شاورما في نيويورك ! أيها المسؤولون ، انتفضوا لكرامة العراق قبل أن يصبح المبعوث التالي يبيع لنا “عشب السلام” كبديل عن النفط . وإلا، فدعونا نكتب تاريخنا الجديد بعنوان: “كيف علم العراق مهد الحضارات والأنبياء العالم الكتابة والقراءة والقانون … ثم نسيها أو تناساها بفضل حفنة من ساسة ومسؤولين لعبة معهم الصدفة والحظ بعد عام 2003 ليتسيدوا على هذا الشعب المسكين تحت ستار ومقولة :” يجب أن لا يخدم عبد الزهرة عمر مرة أخرى ” !.
وأخيراً، وليس آخراً، تلك الصورة الجميلة التي التقطتها كاميرات قمة السلام في شرم الشيخ قبل أيام فقط – نعم، تلك القمة والتي عقدت في 13 ت1 2025 برئاسة مشتركة بين ترامب والسيسي، حيث وقع قادة العالم على “وثيقة السلام” لإنهاء الحرب في غزة، مع مشاركة رئيس الوزراء “السوداني” نفسه بين 31 زعيماً آخرين، كأن العراق جزء من الاحتفال الكبير! تخيلوا: السوداني يبتسم بجانب ترامب، وكأنهما يوقعان على صك خضراء للولاية الثانية ، بينما الجميع يصفق لـ”يوم عظيم للشرق الأوسط” كما وصفه ترامب نفسه، مع لوحة مكتوب عليها “السلام 2025” وكأنها إعلان لعقار جديد في فلوريدا! لكن، يا سادة، هذه الصورة ليست صكاً أبيض يُعطى على محض للولاية الثانية والتي يسعى لها السوداني بجنون – لا ، إنها بصمة إصبع للتأكيد على صفقة أكبر : مشاريع النفطية العراقية، تلك الثروة السوداء التي أصبحت نقمة على شعبنا، ستُباع بالجملة مقابل ابتسامة هنا وتصفيق هناك، حتى لو كره الكارهون في الإطار التنسيقي الشيعي الذين يتذمرون الآن من “التدخل السافر”، لكنهم يعرفون في قرارة أنفسهم أن السلام الإقليمي يأتي مع فاتورة أمريكية مكتوبة بخط عريض: ” ادفعوا بالنفط شبه المجاني ، و نغفر لكم الميليشيات والتهريب !” وإلا، فدعونا نكتب تاريخنا الجديد بعنوان : “كيف علم العراق العالم الكتابة والقراءة … ثم باعها بالمزاد!”
sabahalbaghdadi@gmail.com
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات