الوثيقة | مشاهدة الموضوع - الفرات.. مرآة فشل السياسات.. أموال مهدورة ونهر يحتضر
تغيير حجم الخط     

الفرات.. مرآة فشل السياسات.. أموال مهدورة ونهر يحتضر

مشاركة » الخميس سبتمبر 11, 2025 10:55 am

بغداد/المسلة: تهبط مياه الفرات إلى مستويات غير مسبوقة، كاشفةً عمق فشل السياسات الحكومية في معالجة أزمة البيئة والمياه رغم صرف مليارات الدولارات على مشاريع لم تُترجم إلى حلول فعلية. ويصف خبراء المشهد بأنه الأسوأ في تاريخ العراق الحديث، حيث يواجه البلد جفافاً يهدد أمنه المائي والغذائي معاً.

عجز السياسات أمام كارثة الجفاف

ويؤكد الأستاذ الجامعي حسن الخطيب أن نهر الفرات يسجل اليوم أدنى جريانه منذ عقود، وأن تباطؤ تدفقه في الجنوب يزيد من تلوث المياه ويفاقم انتشار الطحالب السامة وزهرة النيل التي تخنق الحياة المائية. ويكشف المتخصصون أن هذا الوضع لم يكن مفاجئاً، بل نتيجة مباشرة لغياب خطط استراتيجية لمواجهة التغير المناخي أو التفاوض بجدية مع دول المنبع تركيا وإيران اللتين تواصلان بناء السدود وحجز الحصص المائية.

أرقام صادمة بلا حلول ناجعة

ويحذر المتحدث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال من أن العراق يتلقى أقل من 35% من حصته الطبيعية في نهري دجلة والفرات، فيما يتراجع الاحتياطي المائي في السدود إلى أقل من 8% من طاقتها التخزينية، وهو رقم يضع البلاد أمام تهديد غير مسبوق. وتكشف بيانات رسمية أن الخزين المائي انخفض من 10 مليارات متر مكعب في مايو إلى 8 مليارات فقط في سبتمبر، ما اضطر السلطات لإطلاق كميات أكبر من المخزون القديم، وهو ما غذّى بدوره ظاهرة الطحالب وعمّق أزمة التلوث.

تلوث يلتهم النهر

وتحذر وزارة البيئة من أن انخفاض منسوب الفرات في كربلاء والنجف يفاقم التلوث البكتيري ويؤثر على صلاحية المياه للشرب، رغم تطمينات رسمية بسلامة المعايير. وتشير شهادات محلية من سكان الناصرية إلى مشاهد مروعة لزهرة النيل التي امتصت ملايين اللترات من المياه وشكلت طبقات خانقة على السطح، فيما تحولت بحيرة النجف الخصبة إلى برك راكدة تنذر بالموت البيئي.

فشل التخطيط الحكومي

ويقر مراقبون بأن الأزمة ليست مجرد نتيجة للعوامل الخارجية أو المناخية، بل انعكاس لعقود من سوء الإدارة وغياب سياسات استدامة بيئية حقيقية.

ويشير ناشطون على منصة “إكس” إلى أن “الفساد ابتلع مليارات الدولارات المخصصة لمشاريع الري والسدود، ولم يبقَ للعراقيين سوى مياه آسنة ووعود رسمية متكررة”.

وتذهب تدوينات أخرى إلى التذكير بأن البنك الدولي صنف العراق ضمن أكثر خمس دول هشاشة في مواجهة تغيّر المناخ، بينما تستمر الحكومات المتعاقبة في إنكار عمق الكارثة أو الاكتفاء بردود فعل آنية.

مستقبل مائي مجهول

ويحذر الخبراء من أن استمرار الوضع على ما هو عليه سيحوّل وادي الرافدين إلى بؤرة عطش غير قابلة للحياة، مع هجرات قسرية محتملة لملايين السكان نحو مناطق أكثر أمناً مائياً. ويرى محللون أن الأزمة البيئية ستتحول سريعاً إلى أزمة سياسية واجتماعية وأمنية، إذ لا يمكن فصل الأمن الغذائي عن الأمن المائي، ولا فصل الاثنين عن بقاء الدولة ذاتها.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات