الوثيقة | مشاهدة الموضوع - البرلمان في زمن اللكمات: حين تتكلم الأيدي وتسكت القوانين
تغيير حجم الخط     

البرلمان في زمن اللكمات: حين تتكلم الأيدي وتسكت القوانين

مشاركة » الخميس أغسطس 07, 2025 5:56 pm

بغداد/المسلة:تحت قبة البرلمان العراقي، لم تكن جلسة الثلاثاء سوى مشهد صاخب آخر من فصول العطب السياسي الذي يعصف بأعلى سلطة تشريعية في البلاد، حيث تحوّلت الخلافات بين مكونات السلطة إلى عراك جسدي علني، كاشفٍ عن هشاشة البنية التوافقية التي يفترض أن يقوم عليها النظام السياسي العراقي بعد عام 2003.

وتحوّلت قاعة البرلمان، مجازاً وحرفياً، إلى ساحة اشتباك، ليس فقط بالألفاظ، بل باللكمات والشتائم المتبادلة، في مشهد قد يصلح عنواناً لدراما سياسية سوداء أكثر من كونه جلسة تداول تشريعي.

وما جرى بين رئيس البرلمان محمود المشهداني ونائبه محسن المندلاوي، وتطوره إلى اعتداء جسدي بين نواب، لا يمكن فصله عن السياق العام لصراع الكتل على المكاسب والمناصب، خصوصاً تلك التي تمثّل مفاتيح السلطة الإدارية في الدولة.

ويدفع هذا الانفجار البرلماني بوضوح نحو تساؤلات عن مستقبل المؤسسة التشريعية التي دخلت، فعلياً، ما يشبه العطالة الدستورية. فمع اقتراب نهاية الدورة البرلمانية، وعدم القدرة على تمرير أي قانون ذي أثر، تبدو الأجندة التشريعية وقد أصبحت رهينة صراعات بينية لا تمس جوهر العمل البرلماني بقدر ما تعكس خريطة النفوذ داخل البيت السياسي الشيعي والسني على السواء.

ويعزز هذا الطرح التصريح الصريح الذي أدلى به المشهداني نفسه بوصفه هذه الدورة بأنها “الأسوأ على الإطلاق”، في إقرار من داخل المؤسسة بحجم الإخفاق السياسي والتشريعي. وهو إخفاق تُضاعفه هيمنة قادة الكتل على القرار النيابي وغياب أية محاسبة حقيقية، وسط امتيازات مالية كبيرة تثير استياءً شعبياً متنامياً.

ويتقاطع ما جرى داخل قاعة البرلمان مع جدل أوسع حول التوازن المكوّناتي، حيث تعترض قوى سنية على ما تصفه بـ”ابتلاع” الإطار التنسيقي للمناصب العليا في الدولة، في انتهاك غير معلن لما يُسمى “التوافق السياسي”. وهي ذريعة قد تستخدم لتبرير الانقسام ولكنها تعكس في عمقها غياب الثقة وانعدام التوازن في تقاسم السلطة.

ويفتح تعليق النائب السابق مشعان الجبوري نافذة على ما يراه “محاولة انقلاب دستوري” بتمرير جلسات دون نصاب، ما قد يعني أن الصراع القادم لن يكون حول التشريع، بل حول شرعية المؤسسة نفسها.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات