الوثيقة | مشاهدة الموضوع - الاحتلال الأمريكي للعراق: خرق للقانون الدولي… والعودة إلى قانون الغاب : مزهر جبر الساعدي
تغيير حجم الخط     

الاحتلال الأمريكي للعراق: خرق للقانون الدولي… والعودة إلى قانون الغاب : مزهر جبر الساعدي

مشاركة » الأحد أغسطس 14, 2022 9:17 pm

من لحظة بدأ الغزو الروسي، أو كما يقول الروس؛ العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا؛ عملت أمريكا ومن معها، أو أنها جيشت دول الاتحاد الأوروبي ضد الغزو الروسي لأوكرانيا، بمجموعة من العقوبات الصارمة والقاسية وغير المسبوقة على روسيا؛ على خلفية، اختراق روسيا للقانون الدولي، بغزوها دولة ذات سيادة، وعضوا في هيئة الأمم المتحدة، ودولة أوروبية.

لم تستطع أمريكا إلى الآن أن تؤسس في العراق ما تريد، أو ما يخدم، أو يتخادم مع استراتيجيتها الكونية، كبوابة لها

أمريكا نسيت؛ كيف أنها غزت واحتلت العراق بحجج ثبت أنها باطلة ولا وجود لها في الواقع، بل إن هذه الحجج من صناعة المخابرات المركزية الأمريكية. لقد غزت واحتلت العراق، من غير أن يكون هناك قرار دولي، أي أنها قامت بأكبر عملية خرق للقانون الدولي بغزوها واحتلالها للعراق. لقد كذبت الولايات المتحدة على الرأي العام الأمريكي والرأي العام الدولي، باعتبار العراق يشكل تهديدا على الأمن القومي الأمريكي وعلى السلام والاستقرار العالمي، لأن العراق يمتلك أسلحة الدمار الشامل، وله علاقة بتنظيم «القاعدة»، وما إلى ذلك من أكاذيب، الأمريكيون يعرفون قبل غيرهم أنها محض خدعة لتمرير احتلال العراق، أما الأسباب الأخرى المحركة لهذه الحرب على العراق، فهي محركات استراتيجية تتصل اتصالا عضويا بمحاولة أمريكا في وقتها؛ لجعل هذا القرن قرنا أمريكا، وهو شعار المحافظين الجدد.
أسباب احتلال العراق تنحصر في التالي: أمن الكيان الإسرائيلي ـ السيطرة على الثروة النفطية فيه ـ الموقع الاستراتيجي له. هذه هي الأسباب الجوهرية والأساسية لغزو واحتلال العراق من قبل أمريكا.. أمريكا في ذلك الوقت تأكدت من أنها لا يمكن أن تغير شكل دول المنطقة العربية، كما هو جار في الوقت الحاضر؛ إلا بأنهاء دور العراق، حتى يصبح الطريق لها سالكا على جميع الصعد، التي من أهمها؛ التطبيع المجاني مع الكيان الإسرائيلي. هذا هو ما خططت له أمريكا والكيان الإسرائيلي، وأيضا السيطرة على نفط العراق، بما يضمن لها السيطرة على أسواق الطاقة في العالم، وبما يعزز هيمنتها على هذا العالم والتحكم بمصائر الدول. الاحتياطات النفطية في العراق، ليس كما هو معلن، أي 147 مليار برميل، بل إن الاحتياطات أكبر من هذا الرقم بكثير، أي 350 مليار برميل، وربما أكثر قليلا من هذا الرقم، كما يقول خبراء هذا الشأن، بالإضافة إلى الموقع الاستراتيجي للعراق؛ إذ لا يمكن نجاح الاستراتيجية الأمريكية الكونية؛ بربط دول الخليج العربي، وبقية دول المنطقة العربية في مشرق الوطن العربي، وأيضا الكيان الإسرائيلي بشبكة من خطوط نقل الغاز والنفط إلى أوروبا، مع شبكة من خطوط السكك الحديدية؛ إلا باحتلال العراق.. عليه فإن احتلاله لم يكن السبب، أو الدافع له؛ هو أسلحة الدمار الشامل، أو علاقته بتنظيم «القاعدة»، أو أنه نظام ديكتاتوري، كما روجت لهذه الأكاذيب، أمريكا وبريطانيا؛ لتخليق مسوغات احتلال العراق، بل إن السبب في ذلك هو تغيير شكل دول المنطقة تماشيا مع الاستراتيجية الكونية الأمريكية. وللتغطية على كذبها على الأمريكيين وعلى العالم، بعد أن ثبت بطلان حججها، أو مسوغاتها لغزو واحتلال العراق؛ تحولت إعلاميا بطريقة دراماتيكية مفضوحة، من أنها تريد أن يتحول العراق إلى دولة ديمقراطية يحتذى بها في الشرق الأوسط، وأيضا الدفاع عن حقوق الإنسان في هذا البلد. الولايات المتحدة الأمريكية تسعى أو هي سعت، بشكل دؤوب على المحافظة أو إدامة هيمنتها على مقدرات العالم؛ باحتلال العراق. لقد حطمت بهذا الاحتلال قدراته، وحولته إلى دولة تدور في حلقات فارغة، مكتظة بأزمات متتالية، لم تجد إلى الآن؛ مخرجا ناجعا لهذه الأزمات.. كي يفتح لها الطريق؛ باستخدام موقع العراق الاستراتيجي، وثرواته من النفط والغاز؛ ليشكل بداية إلى تحويل الاستراتيجية الأمريكية، أي القرن الأمريكي كما كان يحلم المحافظون الجدد؛ إلى واقع يتحرك على الأرض. المسؤولون الأمريكيون، يقولون إن إدارة بوش الابن؛ ارتكبت خطأ بغزوها واحتلالها للعراق، وهذه هي الأخرى كذبة أخرى، لتجميل وجه أمريكا، وإن ما قامت به، ما هو إلا سوء تقدير سياسي ليس إلا.. إنما الحقيقة، عندما نحيلها إلى ماهية السياسة الأمريكية، بمرجعيتها وموجهاتها الإمبريالية، تقودنا إلى القناعة التالية: إن امريكا سوف تحتل العراق، بصرف النظر عن الصواب والخطأ في هذا الاحتلال؛ لأنه يشكل المفتاح الذي به تفتح أمريكا؛ جميع أبواب التغييرات في المنطقة العربية.. وهذا هو ما حصل، إنما بطريقة تحمل هذه التغييرات، في داخل حركتها؛ أدوات تغير التغييرات مستقبلا، ولو بعد حين، في ظل، أو تحت أجواء المتغير الدولي الحالي، الذي سيكون بمثابة السندان الذي يتيح لإرادة الشعوب أو قواها الحية؛ حرية الحركة، بالطرق المنظم والهادف على سندان المتغير الدولي، في مواجهة التغول الأمريكي، الذي يستخدم نشر الديمقراطية والدفاع عنها أو عن قيمها، ستارا يخفي خلفه؛ الأهداف الحقيقية.. هنا يظهر سؤال مهم جدا: هل أمريكا نجحت في مخططها هذا؟ من السابق لوقته الإجابة الشافية والواقعية على هذا السؤال في ظل احتدام الصراع في المنطقة العربية وفي جوارها وفي بقية بقاع المعمورة؛ سواء بين القوى الدولية العظمى، أو القوى الإقليمية، أو الصراع في دول المنطقة العربية التي طالها الربيع العربي، أو الشتاء العربي، الذي حولته أمريكا وغيرها إلى شتاء ممطر، مطرا رماديا في كل حين وفي كل مكان. إنما في المقابل؛ أن امريكا بغزوها للعراق خسرت كثيرا بفعل المقاومة العراقية الباسلة، لقواتها الغازية، في جميع أصقاع هذا الوطن الشامخ، وليس في امكنة محددة كما يروق للبعض؛ حصرها في محدودية جغرافية معينة. لقد قاوم العراقيون في الوسط والجنوب كما غيرهم في بقية جغرافية العراق. نعود مرة اخرى، الى؛ هل نجح الامريكيون في استراتيجيتهم الكونية هذه؟ نجحوا في أمرين؛ أولا في تخريب دول مهمة في الصراع العربي الإسرائيلي حتى الآن، لكن ربما كبيرة جدا، أو أنها الحقيقة المنتظرة لانتفاضة الشعوب العربية، لناحية التوصيف الواقعي والموضوعي؛ أن تتحول هذه الدول العربية، إلى غير ما تريد أمريكا لها أن تكون عليه، بعد زمن ما، المرجو أن لا يكون انتظاره طويلا. هذا الأمر متروك أو هو من مهام القوى الحية والوطنية في هذه الدول وشعوبها الحية والذكية. الأمر الثاني الذي نجحت فيه أمريكا وإسرائيل، وهو نجاح جزئي ورسمي أي لا يمثل إرادة الشعوب؛ ألا وهو التطبيع المجاني مع الكيان العنصري والمجرم بكل المقاييس والأعراف الدولية. أما من الناحية الاستراتيجية فقد خسرت أمريكا كثيرا. إذ فقدت قدرتها على التأثير الدولي. كما انها وبسبب حربها في العراق، تراجعت اقتصاديا بما ينذر في أفول قوتها على جميع الصعد ولو بعد حين. وفي العراق، لم تستطع إلى الآن؛ أن تؤسس ما تريد، أو ما يخدم، أو يتخادم مع استراتيجيتها الكونية، كبوابة لها. فقد فشلت فشلا ذريعا في إرساء وتثبيت قواعد راسخة لهذه الاستراتيجية، حتى هذا الوقت.. في المقابل دفع الشعب العراقي، ثمنا باهظا من دماء ابنائه الأصلاء والأبطال في مقارعة ومواجهة الغازي والمحتل الأمريكي في سنوات ما قبل 2011، مع ضياع حتى هذه اللحظة، بوصلة الطريق إلى الامن والاستقرار والسلام والتنمية. إن الشعب العراقي بقواه الحية والوطنية، والحرة والمستقلة، وتاريخه المجيد، الموغل في حقب التاريخ الإنساني، كواحد من أهم محطات تأريخ البشرية؛ سينتزع من بين أنياب الذئاب، أو من بين أنياب من يريد بالعراق شرا، مستقبلا وضاء للوطن والناس.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron