الوثيقة | مشاهدة الموضوع - شعوبُنا العربية لا يمكن أن تقبل التطبيع : محمد عايش
تغيير حجم الخط     

شعوبُنا العربية لا يمكن أن تقبل التطبيع : محمد عايش

مشاركة » الاثنين أكتوبر 19, 2020 9:23 pm

2.jpg
 
ثمة حدثان مهمان خلال الأيام الماضية، يجب الانتباه لهما في ملف التطبيع العربي مع الاحتلال الإسرائيلي، الأول هو طرد الوفد العربي المطبع من المسجد الأقصى، على الرغم من إحاطته بحماية من قوات الاحتلال، أما الحدث الثاني فهو تظاهرة شعبية في عاصمة البحرين المنامة، تندد باسرائيل وترفض التطبيع، في مواجهة وفد قادم من تل أبيب لزيارة البلاد.
ربما يعتقد البعض أن هذين الحدثين عابران، حيث كان من الممكن أن لا نسمع بهما لولا مقاطع فيديو قليلة تبرع بها ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي، لكن الحقيقة أن كلا منهما يحمل دلالات بالغة الأهمية، وأغلب الظن أن الإسرائيليين ينتبهون جيداً لمثل هذه الأحداث، لأنها في الحقيقة بالغة الأهمية، ولأنها الوحيدة التي تُفسد عليهم فرحتهم باختراق الصف العربي، والتطبيع مع دول المنطقة واحدة تلو الأخرى.
الرسالة الأهم التي نقرأها من هذين الحدثين، وهي رسالة مشتركة، مفادها أن الشعبين الفلسطيني والبحريني، على حد سواء، يرفضان التطبيع مع الاحتلال، وأن لا أحد في القدس أو المنامة يُصدق أكاذيب الأنظمة، التي تتحدث عن أن هذه الاتفاقات تحقق مصلحة أو أن منها أي فائدة، وإنما الضمير الجمعي لكلا الشعبين وللأمة جمعاء يتفق على أن هذه الاتفاقات تشكل خيانة لقضية القدس، وطعنة في الظهر للشعب الفلسطيني، الذي يقاوم الاحتلال بالنيابة عن الأمة، منذ سبعة عقود وأكثر. أن تخرج مظاهرة شعبية في بلد مثل البحرين تندد باتفاق أبرمته الحكومة مع تل أبيب، فهذا حدث مهم جداً، فنحن لا نتحدث عن باكستان ولا إندونيسيا ولا تركيا ولا اليمن، ولا غيرها من الدول التي تشهد احتجاجات يومية حول كل الشؤون والقضايا، وإنما هي تظاهرة في بلد كان فيه شيء اسمه «ميدان اللؤلؤة» فسحقته الدبابات على من فيه من بشر وشجر وحجر، وتحول الى مجرد ذكرى، أو جزء من تاريخ.. أي أننا نتحدث عن بلد يدفع فيه المتظاهرون ثمناً غالياً، وأغلى من أي مكان آخر. في حادثة القدس وزيارة الوفد التطبيعي إلى المسجد الأقصى، فثمة أمر بالغ الأهمية لا يفهمه إلا سكان المدينة المقدسة، وهو أن الوفد التطبيعي المتصهين دخل الى الحرم من «باب المغاربة» وبحماية من جنود الاحتلال، وهذا الباب هو الأقرب إلى حائط البراق، وقد استولى عليه المحتلون الإسرائيليون منذ سنوات طويلة، ومنعوا الفلسطينيين من استخدامه، خوفاً من أن يكون مدخلاً للاشتباك مع المستوطنين، الذين يؤدون طقوسهم على حائط البراق.. هذا الباب لم يعد بمقدور أي فلسطيني استخدامه، ولا الاقتراب منه، بينما يستخدمه المستوطنون حصراً في اقتحاماتهم.. واليوم بات مصدراً لاقتحامات وفود المطبعين العرب!

الضمير الجمعي للأمة لايزال يرفض التطبيع مع إسرائيل، والتعامل مع الإسرائيليين على أنهم أصدقاء

دخول الوفد الخليجي المطبع إلى المسجد الأقصى من باب المغاربة، وبحراسة من جنود الاحتلال، وخروجهم من الأقصى مطرودين منبوذين، يعني أن الإسرائيليين ودول التطبيع العربي، كلاهما يُدرك أنَّ الفلسطينيين يرفضون هذا التطبيع، ويعتبرون أنه دعم للاحتلال على حسابهم، كما أن استخدام هذه الطريقة في اقتحام الأقصى، تعيد التأكيد على أن المرابطين هناك من الفلسطينيين يرصدون ويتابعون ويعلمون من يزورهم ومن أين يأتيهم. مظاهرة البحرين وطرد الوفد الإماراتي من المسجد الأقصى دليل على أن شعوبنا العربية ما زالت على موقفها، وأن الاتفاقات التي تم ابرامها مع الاحتلال لا تمثل الشارع، والحراسة الإسرائيلية المشددة للمطبعين، تعني أن تل أبيب تفهم هذه الحقيقة وتُدرك بأن التطبيع الرسمي ممكن، أما الشعبي فلا يزال بعيداً.
شعوبنا العربية مازالت حرة وحية وهي ليست جموعا من الأغبياء، كما تحاول بعض الأنظمة العربية أن تتعامل معها، والضمير الجمعي للأمة لايزال يرفض التطبيع مع إسرائيل، والتعامل مع الإسرائيليين على أنهم أصدقاء، كما أنَّ شعوب الخليج لا يمكن أن تتحول بضغطة زر إلى اعتبار الفلسطينيين أعداء، والاسرائيليين أصدقاء.. هذا مستحيل.
كاتب فلسطيني
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron