بغداد/المسلة: اشتدت سخونة المشهد الانتخابي في كركوك مع اقتراب موعد الاقتراع النيابي المقرر في 11 تشرين الثاني نوفمبر الجاري، حيث عادت المدينة المتوترة إلى صدارة الاهتمام السياسي العراقي، بعد أن تحولت مرة أخرى إلى ساحة اختبار لتوازن القوى بين المكونات الثلاثة: الكرد والعرب والتركمان، ولكلٍّ منهم حساباته القديمة والجديدة في معركة الـ12 مقعداً التي تُعد بوابة النفوذ في واحدة من أكثر المحافظات تعقيداً في العراق.
واندفعت الأحزاب الكردية لتكثيف حضورها الانتخابي بعد استعادة ريبوار طه، القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، منصب المحافظ، ما أعاد الثقة إلى الشارع الكردي بأن فرصهم الانتخابية باتت أفضل من الدورات السابقة. غير أن التنافس الكردي-الكردي، بين “اليكتي” و”الديمقراطي”، ظل يهدد بتآكل أصواتهم لصالح الآخرين، خصوصاً بعد تصاعد الخلافات داخل الحزب الديمقراطي في ما يعرف بملف “واحد كركوك”، حيث يتهم مرشحون رئيس قائمتهم شاخوان عبد الله بالاستئثار بالقرار وتوجيه الأصوات لمصلحته.
وازدادت حدة الخطاب الكردي القومي في الأيام الأخيرة، إذ لجأ بعض المرشحين إلى نغمة “كركوك المحتلة”، محاولة لاستعادة بريق خطاب ما قبل عام 2017، حين خسر الإقليم سيطرته على المدينة إثر دخول القوات الاتحادية.
ورغم التفاهمات السابقة التي نصت على تدوير منصب المحافظ بين المكونات الثلاثة، فإن الاتحاد الوطني يسعى لتثبيت موقعه بوصفه “حارس كركوك الكردية”، رافضاً فكرة تقاسم المنصب التي تم الاتفاق عليها في فندق الرشيد ببغداد.
وفي المقابل، وجد المكون العربي نفسه في أكثر لحظاته تشتتاً، بعد أن دخل الانتخابات عبر أربع قوائم متنافسة، ما ينذر بضياع نحو 80 ألف صوت وفق تقديرات المراقبين.
وتداول ناشطون عرب في “إكس” و”فيسبوك” دعوات لمقاطعة التصويت، احتجاجاً على ما وصفوه بتهميش العرب في الاتفاقات السياسية، فيما حذّر آخرون من تكرار خطأ المقاطعة الذي سيترك كركوك رهينة للآخرين.
وتحرك المكون التركماني بحسابات أكثر انضباطاً، إذ حصر مشاركته في قائمتين فقط، في محاولة لتوحيد الصوت التركماني وتجنب التشتت الذي كلفه الكثير في الدورة الماضية.
ويراهن التركمان هذه المرة على رفع تمثيلهم إلى ثلاثة مقاعد، رغم إدراكهم أن منافسة الكرد والعرب، وسط اضطراب سجل الناخبين، تجعل هذا الهدف صعب المنال.