ألا يستطيع أعضاء القمة العربية، ومن بعدهم أعضاء قمة التضامن العربي الإسلامي، أن يعقدوا اجتماعات مطوّلة، وبمشاركة حضور لشخصيات مثقفة عاقلة بخبرة نضالية، أو بخبرة ممارسة سياسية مشهود لها.. أن يعقدوا اجتماعات للنظر في علاقة الكتلتين مع أمريكا؟
هل يعقل ألا يوجد بعض من هؤلاء، ممّن أوصلتهم مشاعر النخوة والمروءة إلى مراحل الغضب والقرف، لتدفعهم نحو المطالبة، بعقد اجتماعات كهذه، لا لتثرثر وتصدر بيانات عامة غامضة لا طعم لها ولا رائحة، وإنما لتتفق على نقاط استراتيجية محدّدة، فيها تعقل وفي الوقت نفسه أيضاً فيها كرامة ونخوة ورفض لأي إذلال من أي نوع كان لأية دولة من دولهم، ويعلنون تلك النقاط على أنها بعد الآن ستكون المقياس والمعيار والمرجعية للعلاقات العربية والإسلامية مع أمريكا؟
وفي الوقت نفسه وبالإصرار نفسه يتوجهون إلى شعوبهم مطالبين إياها بإظهار الدّعم والتبنّي النضالي لتلك الاستراتيجية ولكل ما ينتج عن تطبيقها. ومن المؤكد أنهم سيلقون الترحيب والدعم الكامل من قبل الغالبية الساحقة من شعوبهم.
غياب كامل لكلمات الفعل وعدم الخضوع وحضور لافت لكلمات الاستنكار والإدانة التي لا تقدم ولا تؤخّر، بل تفضح الضعف وقبول الأمر الواقع المذل
بصراحة، ومن دون أي غمغمة مجاملة، إذا كان قادة الكتلتين لا يرغبون في عمل ذلك، ويفضلون أن يبقوا رؤوسهم منكسة ذليلة، لكل الجنون الكلامي والموقفي والاستهزائي والمعادي الأمريكي، ألم يحن الوقت لأي منهم، ولحفظ ماء الوجه، أن يستقيلوا قبل أن يقالوا، كما حدث لمن سبقوهم من القادة الضعاف الخاضعين الذليلين.
أتجرّأ وأقول كل ذلك، وبتلك الصراحة، بوحي مما أسمعه يومياً في الجلسات والاجتماعات واللقاءات الشخصية والعامة، والكل يقولونها عالية، إن الكيل قد طفح وإنهم يفضلون الموت على العيش اليومي تحت الذل والاحتقار والعنتريات التي تمارسها أمريكا تجاه العرب والمسلمين ودين الإسلام، وتحت مشهد ما يقوله وما يفعله قادة الصهيونية في فلسطين المحتلة، بدعم كامل وبأكاذيب مملة من قبل المسؤولين الأمريكيين، الذين يجوبون الأرض العربية والإسلامية بحرية وعنجهية، وكأن الأرض أصبحت ملكاً لهم، وكأن شعوب الأرض أصبحوا بعضاً من عبيدهم. حتى لا يعتقد أحد أن هناك تحاملا على القادة دعنا نستعرض، كمثل، الكلمات التي جاءت في البيان الختامي لاجتماع منظمة التعاون الإسلامي منذ حوالي عشرة أيام: ندين تعنت «إسرائيل»، ندعوا مجلس الأمن، نطالب بفتح المعابر، نرفض تصريحات نتنياهو، نؤكد ضرورة، ندين مخططات، ندين جريمة… سيل من مثل هذه الكلمات مع غياب تام كامل لأي كلمات من مثل سنفعل أو سنقوم بكذا، أو سنقاطع ونقطع، أو سنوقف أي تعاون.
غياب كامل لكلمات الفعل وعدم الخضوع وحضور لافت لكلمات الاستنكار والإدانة التي لا تقدم ولا تؤخّر، بل تفضح الضعف وقبول الأمر الواقع المذل المحتقر. غابت البطولة والشجاعة والنديّة وارتفعت آهات الكلمات البكائية الخجولة الغريبة.
أهذا ما يريده قادة الكتلتين، أو من يتكلمون نيابة عنهم؟ سؤال نطرحه على المؤسستين، فكلتاهما أصبحتا لا تمثلان ما تريده شعوبهما… وإذن فمن تمثّلان، وماذا تمثّلان؟ ولماذا توجدان؟ ومتى ستقتنعون بأن أمريكا لا تهمها العيون الدامعة ولكنها تخاف من العيون الحمراء الغاضبة؟
كاتب بحريني