الوثيقة | مشاهدة الموضوع - هل سيستجيب الرئيس اردوغان لشروط “إسرائيل” التعجيزية وابرزها قطع العلاقة مع “حماس” مقابل تطبيع العلاقات بين البلدين؟ وكيف سيكون الخاسر الأكبر؟ ولماذا لا “يتنازل” لجيرانه العرب بدلا من نتنياهو؟
تغيير حجم الخط     

هل سيستجيب الرئيس اردوغان لشروط “إسرائيل” التعجيزية وابرزها قطع العلاقة مع “حماس” مقابل تطبيع العلاقات بين البلدين؟ وكيف سيكون الخاسر الأكبر؟ ولماذا لا “يتنازل” لجيرانه العرب بدلا من نتنياهو؟

مشاركة » الاثنين يناير 18, 2021 4:54 pm

عبد الباري عطوان
من سخريات زمن التطبيع العربي، ان حكومة بنيامين نتنياهو العنصرية لا تكتفي بإقامة علاقات دبلوماسية وتجارية مع الدول العربية والاسلامية التي باتت تتودد اليها بضغط امريكي، وتخترق بذلك كل الخطوط الحمر، وانما تذهب الى ما هو ابعد من ذلك، وتفرض على هذه الدول شروطها مقابل أي تبادل للسفراء وفتح السفارات.
فوجئنا اليوم، وما اكثر المفاجآت، والصدمات هذه الأيام، بإقدام صحف ووسائل اعلام إسرائيلية على كشف مضمون رسالة بعثتها حكومة نتنياهو الى نظيرتها التركية تبلغها فيها بأنها “لن تطبع العلاقات معها بالشكل المطلوب، الا بعد وقف أنشطة “الجناح العسكري” لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في الأراضي التركية، ومدينة إسطنبول على وجه الخصوص، التي جرى اتخاذها قاعدة لتجنيد الشبان الفلسطينيين للقيام بأنشطة إرهابية في الضفة الغربية المحتلة، وتحويل الأموال الى البنى العسكرية للحركة”.
مصدر المفاجأة المؤلمة بالنسبة الينا، اننا كنا، وما زلنا، نتوقع العكس، أي ان يكون الجانب التركي هو الذي يفرض الشروط لا ان يتلقاها، مقابل تطبيع علاقاته الدبلوماسية وتعزيزها مع دولة الاحتلال، كأن يطالب برفع الحصار التجويعي الظالم عن مليوني فلسطيني في قطاع غزة، ووقف جميع اعمال الاستيطان غير الشرعية في الضفة الغربية، وانهاء كل اعمال الحفر بحثا عن هيكل سليمان المزعوم تحت اساسات المسجد الأقصى في القدس المحتلة، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية كاملة، والقائمة تطول، ففلسطين كانت وقفا إسلاميا، وولاية عثمانية.
***
الرئيس رجب طيب اردوغان حظي بشعبية كبيرة في أوساط العرب والمسلمين عندما تصدى بقوة لأكاذيب شمعون بيريس، رئيس الوزراء الإسرائيلي، في منتدى دافوس، ودعمت حكومته قافلة سفن مرمرة في أيار (مايو) عام 2010 التي هاجمتها فوة كوماندوز إسرائيلية قبالة السواحل الفلسطينية المحتلة وهي في طريقها لكسر الحصار عن قطاع غزة، مما أدى الى استشهاد 10 ناشطين، وطرد السفير الإسرائيلي عام 2018 احتجاجا على السياسات الاجرامية لحكومته، وذهب الى ما هو ابعد من ذلك عندما ادان عمليات التطبيع العربية، والخليجية تحديدا مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهدد بقطع العلاقات وسحب السفراء معها، ولكنه يبدو، ولأسباب عديدة، بصدد التراجع عن هذه السياسات، والقبول بالشروط الإسرائيلية جزئيا او كليا، ففي 25 كانون اول (ديسمبر) الماضي، اكد الرئيس اردوغان رغبة بلاده في إقامة علاقات افضل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ولكنه انتقد السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين ووصفها بأنها غير مقبولة، وخط احمر بالنسبة الى انقرة، وكشف للصحافيين الذين التفوا من حوله بعد صلاة الجمعة في مسجد أيا صوفيا في الوقت نفسه، بأن المحادثات على المستوى الاستخباري جرى استئنافها بين الجانبين من اجل تطبيع العلاقات وعودة السفراء.
هاكان فيدان، رئيس المخابرات التركية، زار فلسطين المحتلة اكثر من مرة في الفترة الأخيرة والتقى نظيره الإسرائيلي يوسي كوهين لبحث القضايا الخلافية تمهيدا لعودة العلاقات الى صورتها الطبيعية، وزيادة التبادل التجاري بين البلدين الذي يبلغ ثمانية مليارات دولار حاليا، وعدد رحلات الطيران التركي الى تل ابيب التي تبلغ حاليا حوالي 600 رحلة اسبوعيا، ويتردد ان الهام علييف رئيس أذربيجان هو الذي يقود جهود الوساطة في هذا الاطار كمكافأة لدوريهما، أي تركيا وإسرائيل، في دعمه في حرب “قرة باخ” الأخيرة ضد أرمينيا.
لا نعرف حتى الآن كيف سيكون رد الحكومة التركية على هذه الشروط الإسرائيلية اذا ثبت صحتها، وهي تبدو صحيحة، لان عدة وسائل اعلام إسرائيلية نشرت النص الرسمي للرسالة ونقلتها وكالات انباء عالمية ولكن ما نتمناه ان يأتي الرد رفضا قويا، ليس لان هذه الشروط “مهينة” لتركيا الدولة الإقليمية العظمى في المنطقة، وانما لان التطبيع التركي مع دولة الاحتلال، وتجميد العلاقة مع حركة “حماس” البوابة الرئيسية لتركيا الى قلوب المسلمين، عربا كانوا او غير عرب، سيؤدي الى خسارة تركيا لهيبتها ومكانتها في العالم الإسلامي، خاصة ان هذه الهيبة بدأت تتآكل بعد تدخلاتها العسكرية في سورية وليبيا وتراجعها امام مطالب الاتحاد الأوروبي في ازمة شرق المتوسط.




***
اذا كان الرئيس اردوغان يراهن على تحسين وضع بلاده الاقتصادي، ووقوف اللوبي الصهيوني الى جانبه في مواجهة إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن الذي لا يكن الكثير من الود لتركيا، ويجاهر بدعمه للانفصاليين الاكراد، فان رهانه خاطئ، لان “إسرائيل” ترى في تركيا، وكل الدول والشعوب العربية والإسلامية خطرا وجوديا عليها.
التطبيع المثمر بالنسبة الى تركيا هو الذي يجب ان يتم مع جيرانه في سورية والعراق، ومصر وباقي الدول العربية الاخرى، وتحسين العلاقات معها، فهي دول تجمعها مع تركيا الرابطة الإسلامية، ويمكن ان تكون سندا لها، فإسرائيل اضعف من بيت العنكبوت، والزعامة الامريكية للعالم التي تحظى بدعمها تتآكل في ظل احتمالات انهيارها وصعود قوى أخرى مثل الصين وروسيا.
ختاما نسأل، ودون أي تردد، كيف ستكون الشروط الإسرائيلية لو كانت حكومة “حزب العدالة والتنمية” الحاكمة في انقرة، تقدم الصواريخ الدقيقة، وتكنولوجيا صناعتها والطائرات المسيرة، او صواريخ “الكورنيت” التي اذلت دبابة “الميركافا” والقبب الحديدية فخر الصناعة العسكرية الإسرائيلية، الى حركة “حماس” وحركات المقاومة الأخرى، مثلما فعلت، وتفعل ايران وسورية و”حزب الله” حاليا؟
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron