الوثيقة | مشاهدة الموضوع - صحيفة عبرية: كيف تبدو “ظاهرة ممداني” تسونامي حقيقياً يتربص بإسرائيل؟
تغيير حجم الخط     

صحيفة عبرية: كيف تبدو “ظاهرة ممداني” تسونامي حقيقياً يتربص بإسرائيل؟

مشاركة » الثلاثاء نوفمبر 04, 2025 4:59 pm

4.jpg
 
البروفيسور أبراهام بن تسفي

أهمية انتخابات رئاسة بلدية نيويورك التي ستجرى اليوم، تخرج عن المجال والسياق المحلي كثيراً.

عملياً، هذه الانتخابات تعبير للهزات التي تعصف بالمجتمع الأمريكي، على الجالية اليهودية الكبيرة التي فيه. فالفوز المحتمل للمرشح الديمقراطي زهران ممداني وإن كان بفارق صغير، سيكون هزة أرضية في تاريخ يهود الولايات المتحدة، وربما يعيدها إلى فترات مظلمة ومتحدية. وللمفارقة، قسم كبير من المقترعين اليهود – وأساساً لأبناء الجيل الشاب – كفيلون بأن يساهموا في هذا التغيير، إذا ما نجح ممداني في الحفاظ على التفوق الذي أبقى عليه في أثناء حملة الانتخابات حيال خصمه الأساس، الحاكم السابق آندرو كومو.

لكن فضلاً عن الخطر الفوري، فإن دخول مؤيد الـ BDS متحمساً لمنصب رئيس البلدية، الذي تعهد باعتقال نتنياهو لدى وصوله إلى نيويورك ويعارض وجود إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، هو دخول يمثل تحدياً لا يقل خطورة. يحاول ممداني خلق فصل مصطنع وبلا أساس بين عدائه العلني للصهيونية وبين اللاسامية، التي يعلن أنه يتحفظ عليها. إن صعوده إلى مركز المنصة يضع أمام الجالية اليهودية، وليس فقط في نيويورك، تحدياً عميقاً في مستوى الهوية اليهودية – الأمريكية.

جالية على الدرب الذهبي

بحث يهود الولايات المتحدة طوال القرن العشرين عن الدرب الذهبي بين الولاء لإرث ومؤسسات المجتمع الأمريكي الذي استوعبهم، وبين صلتهم للصهيونية وتماثلهم مع أبناء شعبهم، سواء كان هؤلاء إخوانهم الذين عادوا إلى وطنهم أم أقرباءهم الذين علقوا في براثن الطاغية النازي في أوروبا – خشية أن يتهموا بالولاء المزدوج.

هكذا امتنع معظم زعماء الجالية اليهودية عن الضغط على روزفيلت ليطلق صوتاً واضحاً ضد فظائع المحرقة خشية أن يعد الأمر كـ “مبادرة فئوية” تغطي على المصلحة الأمريكية الكبرى في إلحاق الهزيمة بألمانيا النازية.

في العقد الأول لوجود دولة إسرائيل، خاف زعماء الجالية على مكانتهم، فيما كانوا مضطرين للتصدي لموجة لاسامية متجددة كانت ذروتها لجنة مكارثي التي كان معظم ضحاياها يهود.

ولم تأت الانعطافة إلا في الستينيات: فقد باتت إسرائيل في نظر البيت الأبيض شريكاً استراتيجياً، وأصبح التنافر في الهوية اليهودية الأمريكية آخذاً بالتبدد. خرجت الجالية من الظلال وسمحت لنفسها بأن تؤيد دولة إسرائيل علناً وعلى الملأ، دون أن تخشى من تهمة “اللا أمريكية”.

واليوم، المسائل الحساسة للهوية والصلة، والتي بدا أنها تبددت، فتحت من جديد. في هذا يكمن معنى عميق لظاهرة ممداني. في الماضي، اضطر سياسيون نقديون لإسرائيل أن يثبتوا بالثناء بأنهم ليسوا معادين لها. أما اليوم فالصورة مغايرة تماماً. أمام جالية يهودية ممزقة ونقدية أكثر تجاه إسرائيل، وأمام ضعف دراماتيكي للمنظمات التي تعمل من أجلها، نضجت الظروف لممداني؛ يتحدى جوهر الصهيونية، ويعرفها كغير شرعية، ويخرج قسماً من يهود نيويورك – ممن تعدّ الصهيونية جزءاً لا يتجزأ من هويتهم – إلى خارج المعسكر.

يتنكرون لإرثهم الثقافي والقيمي

تكمن المفارقة الحزينة في وجود استطلاعات تتوقع أن يحظى بتأييد لا بأس به في أوساط اليهود الذين يؤيدون “مذهبه” الاجتماعي الديماغوجي والشعبوي، وينجرون وراء الراديكالية السائدة التي يمثلها – في ظل تنكرهم لإرثهم الثقافي والقيمي.

الأيام وحدها ستقول إذا كانت هذه موجة عكرة لكن عابرة، أم أن أمامنا تسونامي حقيقي، يحتاج إلى شد المنظومات وإعادة التفكير، سواء من جانب زعماء الجالية في نيويورك وفي المجال الأمريكي كله، أم من جانب دولة إسرائيل وقادتها. قد تكون النتيجة محملة بالمصير: عودة عصر الخوف اليهودي وانعدام الأمان في الولايات المتحدة.

إسرائيل اليوم 4/11/2025
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الصحافة اليوم

cron