لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرًا أعده ستيفن فولي من نيويورك، قال فيه إن شركة الاستشارات الأمريكية “بوسطن كونسالتينغ غروب” (بي سي جي) أعدت نماذج من أجل تهجير الفلسطينيين إلى الصومال وأرض (صومالي لاند) الصومال. وشملت النماذج تكلفة التهجير وخطط ما بعد الحرب في غزة.
ونقلت الصحيفة عن أشخاص مطلعين قولهم إن النماذج التي وضعتها الشركة الاستشارية اقترحت وجهات محتملة في جدول بيانات معقد أُنشئ نيابة عن رجال أعمال إسرائيليين كانوا يعدون خططًا لإعادة تطوير غزة بعد الحرب.
اختيار الدول لم يكن بناء على نقاشات محددة، بل كان الهدف فهم القضايا الاقتصادية المتعلقة بالخيارات التي طرحها ترامب
وكانت صحيفة “فايننشال تايمز” قد كشفت، في الشهر الماضي، عن مشاركة “بي سي جي” في مشروع نمذجة ما بعد الحرب، ما دفع الشركة الاستشارية إلى التنصل من العمل، والقول إن الشريك المسؤول تصرف بدون استشارتها. وشملت بعض الافتراضات التي بني عليها النموذج، والتي لم تنشر تفاصيلها سابقًا، دولًا يمكن نقل مئات الآلاف من سكان غزة إليها. وكانت الصومال وأرض الصومال المنفصلة مدرجة على القائمة، إلى جانب الإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن.
وتتماشى هذه الافتراضات مع تقارير إعلامية صدرت في وقتٍ قريب من إنشاء النموذج في آذار/مارس، أفادت بأن حكومتي الولايات المتحدة وإسرائيل قامتا بجس نبض دول في شرق إفريقيا بشأن استقبال الفلسطينيين المرحلين قسرًا من غزة، على الرغم من الصراعات الأهلية وارتفاع مستويات الفقر في المنطقة.
وقد أجرى مسؤولون أمريكيون محادثات تمهيدية مع إقليم أرض الصومال المنفصل عن الصومال بشأن اتفاق أوسع نطاقًا يتضمن أيضًا إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية في الإقليم مقابل الاعتراف بجمهورية أرض الصومال التي لم تحظَ باعتراف دولي واسع.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه تحدث إلى قادة مصر والأردن بشأن استقبال الفلسطينيين، بعد طرح فكرة تفريغ غزة من سكانها البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، بينما يُعاد تطويرها لتصبح “ريفييرا الشرق الأوسط”. ولم يحرز أي تقدم في خطط إعادة التوطين، التي شبهها مسؤولو الأمم المتحدة بالتطهير العرقي، وأدانها حلفاء إسرائيل الأوروبيون. وقد عارضت مصر ودول عربية أخرى بشدة استقبال أعداد كبيرة من سكان غزة، خشية أن يكون ذلك توطينًا دائمًا من شأنه أن يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الداخلي.
ويسمح نموذج شركة “بي سي جي” لعدد من السيناريوهات وتقديرات التكلفة، فيما وصفته النماذج بأنه برنامج إعادة توطين مؤقتة. وقدر النموذج تكلفة المساعدات والإيجار والطعام للأشخاص الذين قد يستفيدون من الحزم المقترحة بمعدلات متفاوتة بين دولة وأخرى.
وتشير الصحيفة إلى أن المشروع المتصور من “بي سي جي” انبثق من عملها في المساعدة على إنشاء مؤسسة غزة الإنسانية، وهي برنامج توزيع مساعدات مدعوم من إسرائيل والولايات المتحدة، صُمم ليحل محل النظام التقليدي الذي تقوده الأمم المتحدة في غزة. وقررت المجموعة الاستشارية التعاون مع مؤسسة غزة الإنسانية بعد الانتقادات التي وجهت لعملها في بداية أيار/مايو.
وجاء تصور إعادة توطين فلسطيني غزة من نماذج أعدتها الشركة لمجموعة من رجال الأعمال الإسرائيليين الذين ساعدوا في تصميم “مؤسسة غزة الإنسانية”، وكانوا يعملون على خطط ما بعد الحرب.
وقد أُدرجت تقديرات الشركة في عرض تقديمي أعده رجال الأعمال لتوزيعه على الإدارة الأمريكية، إلى جانب حكومات أخرى معنية بالأمر في الشرق الأوسط.
وبناء على التصور، فقد توقع معدوه بأن تغادر نسبة 25% من السكان القطاع، حيث لن تعود غالبية هؤلاء.
وتوقعت “بي سي جي” عوائد اقتصادية بقيمة 4.7 مليار دولار للدول التي ستوافق على استقبال الفلسطينيين خلال السنوات الأربع الأولى. وقال أحد المطلعين على العمل: “بقبول سكان غزة الذين ينتقلون مؤقتًا وطواعية، ستحصل الدولة على دفعة سكانية ستعود بفائدة اقتصادية كبيرة بلا شك”. وأضاف: “لكن اختيار الدول في النموذج لم يكن بناء على نقاشات محددة، بل كان الهدف فهم القضايا الاقتصادية المتعلقة بالخيارات التي طرحها الرئيس ترامب”.
توقعت “بي سي جي” عوائد اقتصادية بقيمة 4.7 مليار دولار للدول التي ستوافق على استقبال الفلسطينيين خلال السنوات الأربع الأولى
تم تعزيز الافتراضات المتعلقة بخطة إعادة التوطين بتقديرات إضافية حول تكاليف توفير مساكن مؤقتة ثم مساكن دائمة جديدة لسكان غزة، إلى جانب مجموعة متنوعة من خطط إعادة التطوير الأخرى. وقدم طاقم “بي سي جي” تقديرات لكلفة إزالة الأنقاض والقنابل غير المنفجرة، إلى جانب بناء بنى تحتية مثل خطوط سكة حديدية وميناء جديد، وكذا بناء نظام صحي وتعليمي وتطوير القدرات البشرية واستثمارات خاصة في السياحة والتصنيع المتقدم. وافترض النموذج أن هذه الاستثمارات ستثمر عوائد على مدى عشر سنوات في شكل إيرادات من الإسكان والبناء والأمن والتصنيع والرعاية الصحية والبنية الأساسية وغيرها من الأنشطة الاقتصادية.
وسمحت نماذج “بي سي جي” لحساب معدلات التوظيف ونمو الناتج المحلي الإجمالي وقيم الأصول على مدى عشر سنوات، بالإضافة إلى الآثار الاجتماعية، مثل أعداد الأطفال في المدارس وعدد أسرة المستشفيات المتاحة. كانت “بي سي جي” قد فصلت وتخلت عن خدمات الشركاء المنخرطين في إنشاء مؤسسة غزة الإنسانية في حزيران/يونيو، قائلة إنهم ضللوا رؤساءهم بشأن طبيعة عملهم. وأبلغت الشركة لجنة برلمانية بريطانية، الشهر الماضي، أنه طلب من الشريك الرئيسي “عدم المشاركة في أي عمل متعلق بإعادة الإعمار لا يشمل إشراك السكان المتضررين”، وأن هذا الشريك قام بتنفيذ المشروع سرًا ولم يقدم الفريق فواتير مقابل العمل، الذي اعتبر “تطويرًا للأعمال”، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر. وقد امتنعت “بي سي جي” عن التعليق أكثر مما قالته في التصريحات العامة السابقة.