الوثيقة | مشاهدة الموضوع - أسرار تتكشف: المصريون أخطروا الإسرائيليين بـحدوث “شيء ما كبير” قبل 7 أكتوبر.
تغيير حجم الخط     

أسرار تتكشف: المصريون أخطروا الإسرائيليين بـحدوث “شيء ما كبير” قبل 7 أكتوبر.

القسم الاخباري

مشاركة » الاثنين ديسمبر 29, 2025 10:25 pm

2.jpg
 
أجرت “إسرائيل اليوم” في الأشهر الأخيرة محادثات عميقة ولقاءات مع عدد كبير من كبار المصادر ممن كشفوا أمامنا معلومات جديدة ومقلقة تتركز في الأسبوعين ما قبل وقوع الكارثة. في الليلة التي بين الجمعة وصباح السبت في 7 أكتوبر 2023 حين امتلأت السماء فوق غلاف غزة بآلاف الصواريخ وتسلل مخربون إلى إسرائيل، انهار مفهوم استخبارات فاخر لدولة إسرائيل. لكن القصة الحقيقية التي أخذت تتضح من محادثات أجريناها في الأشهر الأخيرة تبدأ قبل ذلك بكثير.

الشهادات التي وصلت إلى أيدينا، وبعضها سرية للغاية وتلمس أعصاب جهاز الأمن والدبلوماسية الإسرائيلية تكشف بأن العنوان لم يكن على الحائط فحسب، بل كان يصرخ في غرف مغلقة بوزارة الخارجية وهيئة الأمن القومي قبل أسبوعين من وقوع الكارثة. المعلومات التي نكشف عنها أمامكم تلقيناها في لقاء أجري في وسط البلاد مع مصدر مصري كبير.

وحسب المصدر إياه، فقبل أسبوعين من 7 أكتوبر، وصل وفد مصري إلى وزارة الخارجية ليلتقي بنظرائه من الطاقم الدبلوماسي، ويحذر من أن “الوضع في غزة قابل للانفجار”.

“قلنا إن كل شيء قد يتفجر”، روى المصدر المصري الكبير، وشرح: “قلنا لمحادثينا في الجانب الإسرائيلي إن الوضع في غزة وفي الضفة الغربية متفجر جداً، وربما يؤدي إلى تصعيد”.

وضع “حساس جدا”

إسرائيل، قبل أسبوعين من ذلك، كانت منشغلة أساساً بالشرخ الداخلي حول السيطرة على جهاز القضاء وبمسألة حدوث صلوات منفصلة في ميدان ديزنغوف في تل أبيب.

وانحرف الانتباه ولم يتركز على المواضيع الأمنية. ويضيف المصدر المصري الكبير: “في إسرائيل قالوا لنا إن كل شيء على ما يرام، وستحدث تسوية على التو”. وبالفعل، كانت تسوية لكن في 7 أكتوبر انتهت، وجاءت الكارثة.

لتأكيد المعلومات، توجهنا إلى عدة مصادر في وزارة الخارجية عنيت بالموضوع المصري. تلك المصادر لم تشر إلى الموعد الذي عقد فيه اللقاء، لكنها أكدت لـ “إسرائيل اليوم” وصول رسائل من جانب مصر إلى وزارة الخارجية قبل 7 أكتوبر، مفادها أن الوضع مع الفلسطينيين حساس جداً، وقد يتفجر. مصادر أخرى في الوزارة وخارجها تؤكد بأن المصريين “لم يكونوا هادئين على الإطلاق”، وحاولوا مراراً نقل رسائل انطلاقاً من فهمهم العميق للمنطقة الغزية – فهمهم في تلك اللحظات تفوق على فهم إسرائيل.

وأكد المصدر إياه لنا بأن المصريين نقلوا إلى وزارة الخارجية بشكل متواتر، رسائل تفيد بأن الوضع مع الفلسطينيين بعامة وفي غزة خاصة قابل للانفجار، ويجب حله، وليس إدارة النزاع فقط. وأكد المصدر إياه في أقواله بأن المصريين نقلوا رسائل قبل 7 أكتوبر في موضوع غزة، وأضافوا بأنه في اللحظة التي تصل فيها معلومات حساسة تبلغ بها فوراً محافل رفيعة المستوى داخل الوزارة وخارجيها، والمقصود: ديوان رئيس الوزراء.

طائرة غريبة في مطار بن غوريون

في 26 أيلول 2023، حين اجتمعت قيادة الدولة في طقوس احتفالية إحياء لخمسين سنة على حرب يوم الغفران، وقع حدث يخيل وكأنه أخذ من صفحات رواية جاسوسية. طائرة ترتبط بالمخابرات المصرية هبطت في منطقة منعزلة في مطار بن غوريون بقيت على المسار لساعة فقط، وأقلعت عائدة إلى القاهرة.

ثمة محافل تعرف بروتوكولات الحملات الخاصة، تقدر بأن لقاء عاجلاً عقد في الطائرة في هذا الوقت القصير. في تلك الساعات تماماً، تغيب عن الاحتفال رئيس هيئة الأمن القومي تساحي هنغبي – الرجل الذي يفترض أن يكون على اتصال متواصل مع من كان رئيس المخابرات المصرية، عباس كامل. فهل كان في الساعة إياها منشغلاً بالحرب التالية؟

نضيف إلى ذلك أن كامل كان على اتصال دائم مع مسؤولين إسرائيليين كبار، بمن فيهم وزراء، بشكل متواتر، وأكد تطوير هذه العلاقات مع إسرائيل.

هكذا كان في المستوى العلني عندما التقت وزيرة الاقتصاد في حكومة التغيير، أورنا بربيباي، مع كامل في أواخر العام 2021 لتطوير العلاقات الاقتصادية.

بعد يوم من ذلك، أقرت في غرفة رئيس الوزراء نتنياهو تسهيلات وخطوات تسوية لقطاع غزة، مثلما أكد لنا مصدر كان حاضراً في الغرفة.

هيئة الأمن القومي ونتنياهو

لم تكن وزارة الخارجية فقط؛ فقد أكد لي مصدران سياسيان إسرائيليان بأن مصدراً مصرياً نقل إلى هيئة الأمن القومي إخطاراً مركزاً. كان التحذير عن “شيء ما كبير” سيحصل. كما أسلفنا، هذه المعلومة التي نشر بعض منها في الماضي في “يديعوت أحرونوت” وفي صحف أجنبية، أكدت لنا ذلك أيضاً. وحسب تلك المصادر، فإن مصدراً مصرياً رفيع المستوى تحدث معها نقل إلى هيئة الأمن القومي إخطاراً مركزاً قبل 7 أكتوبر، وحذر إسرائيل من الكارثة التي ستحل. كما أن د. نمرود نوفيك، مستشار شمعون بيرس سابقا، المقرب جداً من المصريين، قال أموراً مشابهة للصحافي أمير أورن في بودكاست “ابركاست”.

الأسئلة التي بقيت مفتوحة هي تلك التي يفترض أن تقض مضاجع كل إسرائيلي. في مركزها مسألة معرفة نتنياهو. فيما كانت المعلومات تتدفق -حسب الشهادات- إلى وزارة الخارجية وهيئة الأمن القومي، الجسم الذي يتبع مباشرة رئيس الوزراء ويترأسه مستشاره الشخصي، واصل نتنياهو بث الأعمال كالمعتاد.

ثمة مصادر مطلعة على التفاصيل تدعي بأنه من غير المحتمل أن تأتي معلومات حساسة بهذا القدر من مصر، خصوصاً إخطاراً عن “شيء ما كبير” لم توضع على طاولة رئيس الوزراء من قبل رئيس هيئة الأمن القومي أو المستويات المهنية. نذكر أن المصادر التي تحدثنا معها شرحت بأن مثل هذه المعلومات لا تبقى عندهم فقط، بل ترفع إلى فوق.

فهل كانت تلك المعلومات التي نقلتها الشهادات قد ابتلعت داخل “عمى المفهوم” الذي يتحدث عن المال القطري والتسوية؟

هل فسر المستوى السياسي التحذيرات المصرية على أنها “سياسية” بسبب التوتر مع حكومة اليمين، وإزاء الحرم؟ والأهم – من الذي قرر في السلسلة القيادية بأن “كل شيء على ما يرام، ستكون تسوية للتو”؟

في المستوى العلني، بعد لقاء وزير الخارجية في حينه، ايلي كوهين، مع نظيره المصري في نيويورك، تحدث المصريون عن الانشغال بـ “الوضع الفلسطيني”، أما إسرائيل فتحدثت عن “تعاون إقليمي”. الفجوة بين التحذير المصري العلني والسري وبين عدم الاكتراث الإسرائيلي، هو المكان الذي ولد فيه الإخفاق.

عندما تربط النقاط الثلاثة – وفد وزارة الخارجية، والطائرة الغريبة في مطار بن غوريون، وإخطار مركز لهيئة الأمن القومي، ستنشأ صورة مفزعة لإخطار تم تفويته، ظاهراً. الإخفاق ليس استخبارياً فقط، بل إخفاق منظوماتي لدولة رفضت الاستماع لمن عرف عدوها أفضل منها. يقد يجلى القضية لجنةُ تحقيق تسعى لتقصي الحقيقة كاملة.

بيني أشكنازي

إسرائيل اليوم 29/12/2025
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار