بغداد/المسلة: استأنفت اجتماعات اللجنة التفاوضية بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني برئاسة بافل جلال طالباني، في خطوة جاءت بعد فترة جمود طويلة، وسط تدخلات وضغوط سياسية أمريكية هدفت إلى منع انزلاق الخلافات الداخلية نحو مزيد من التعقيد، وإعادة تحريك مسار تشكيل حكومة إقليم كردستان المتعثر.
وجاء هذا الاستئناف بعد أن تعثرت مفاوضات تشكيل الحكومة نتيجة تباينات حادة في الرؤى بين الطرفين، ولا سيما بشأن تقاسم السلطة، وصلاحيات المناصب السيادية، وفي مقدمتها رئاسة الإقليم ورئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان، حيث فشلت الجولات السابقة في إنتاج صيغة توافقية تُرضي القواعد الحزبية وتوازنات الداخل والخارج.
ومن جانب آخر أبدى الحزب الديمقراطي الكردستاني مرونة لافتة في ملف رئاسة الجمهورية، في تحول وُصف بأنه ثمرة مباشرة للضغوط الأمريكية، مع إظهار استعداد للتنازل عن المنصب، في محاولة لتفكيك عقدة سياسية شكلت لسنوات محور شد وجذب بين الحزبين وأحد أسباب تعطيل التفاهمات الأوسع.
وكشفت تطورات المشهد أن رئيس الاتحاد الوطني بافل طالباني كان أول من سعى لكسر حالة التردد داخل حزبه، عبر طرح اسمه مرشحاً محتملاً لرئاسة الجمهورية، في خطوة اعتُبرت اختباراً أولياً لقياس المزاج السياسي داخل الحزب وخارجه، قبل الانتقال إلى مرحلة الإعلان الرسمي.
غير أن هذا المسار اصطدم سريعاً بعقبات جوهرية، أبرزها عدم إتقان بافل طالباني للغة العربية، وهو عامل جرى التعامل معه باعتباره نقطة ضعف مؤثرة، بالنظر إلى طبيعة المنصب الرئاسي ومتطلباته الدستورية والسياسية في بغداد، وما يستلزمه من قدرة على التواصل وإدارة التوازنات الاتحادية.
ودفعت ضغوط داخلية ونصائح من أطراف قريبة من طالباني إلى التراجع عن خيار ترشيحه الشخصي، والانتقال إلى البحث عن بديل يمكنه تقليل الخسائر السياسية، وفتح قنوات تفاهم أوسع مع القوى الكردية الأخرى ومع الفاعلين في المركز.
وبرز في هذا السياق اسم نزار آميدي كخيار مطروح داخل أوساط الاتحاد الوطني، باعتباره شخصية ذات صلة تاريخية بالحزب، شغل منصب سكرتير الرئيس الراحل جلال طالباني لسنوات، ويُنظر إليه بوصفه شخصية هادئة وغير صدامية، تمتلك خبرة مقبولة في إدارة الملفات الحساسة.
لكن هذا الخيار اصطدم، وفق المعطيات، بفيتو غير معلن من الحزب الديمقراطي الكردستاني، ما أعاد ملف رئاسة الجمهورية إلى مربع التعطيل، وعمّق الانقسام الكردي، في وقت تتزايد فيه المخاوف من أن يتحول هذا الخلاف إلى عامل إضافي في إطالة أمد الأزمة السياسية في الإقليم والعراق عموماً.