حجم الخط
1
لندن- “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا أعده مراسلها للشؤون الدبلوماسية باتريك وينتور من العاصمة القطرية الدوحة، قال فيه إن سيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على حضرموت قد يقود إلى مطالب بالاستقلال.
وقال الكاتب إن القوات المدعومة من الإمارات العربية المتحدة تسيطر الآن على ثماني محافظات في الجنوب، مما يعتبر نكسة للسعودية المتنافسة مع الإمارات في اليمن.
وأضاف أن سيطرة القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة من الإمارات، قد تفتح الباب أمام احتمال إعلان الجنوب استقلاله وإعادة اليمن إلى دولتين لأول مرة منذ عام 1960.
وتدفق ما يصل إلى 10000 جندي من المجلس الانتقالي الجنوبي على محافظة حضرموت الغنية بالنفط الأسبوع الماضي، ثم إلى محافظة المراح، الأقل سكانا والمتاخمة لسلطنة عُمان، والتي لم تكن خاضعة لسيطرة المجلس سابقا.
وقال وينتور إن هذه الانتصارات تعني أن المجلس الانتقالي الجنوبي يسيطر الآن على جميع المحافظات التي كانت تشكل جنوب اليمن سابقا، وهي المرة الأولى التي يحقق فيها ذلك. وكانت عُمان قد أغلقت حدودها مع اليمن في البداية مطالبة بإنزال علم الجنوب، لكنها اضطرت إلى التراجع.
وفي تراجع مذهل للمملكة العربية السعودية، التي كانت في السابق الفاعل الخارجي الرائد في اليمن، سحبت الرياض قواتها أيضا من القصر الرئاسي في العاصمة الجنوبية عدن، وكذلك من المطار، وهو الإخلاء الذي يشير إلى أن القوات التي دعمتها السعودية داخل الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة قد تم هزيمتها حتى الآن على الأقل.
وقال وينتور إنه حتى مع هذه الانتصارات، فإن أي خطوة من المجلس الانتقالي الجنوبي نحو إعلان الاستقلال ستواجه الكثير من المعوقات والمخاطر، وبالنظر إلى تجربة دول أخرى اختارت هذا المسار، بما في ذلك الصحراء الغربية، وهي دولة اعتقدت أنها تتمتع بدعم دبلوماسي للانفصال عن المغرب، لكنها وجدت الدعم يتبخر.
ومن المرجح أن يجادل المجلس الانتقالي الجنوبي بأنه سيجري، على المدى المتوسط، نوعا من الاستفتاء على الاستقلال عن الشمال. مع أن مستقبله، سيعتمد في النهاية على القرارات التي ستتخذها راعيته الرئيسية، الإمارات. ومنذ أن سيطر الحوثيون المتمركزون في الشمال على العاصمة اليمنية صنعاء عام 2015، حكم الجنوب تحالف سياسي غير مستقر، يتكون من حزب الإصلاح المدعوم من السعودية بقيادة الرئيس اليمني، رشاد العليمي، والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات بقيادة رئيسه عيدروس الزبيدي. وعمل الجانبان معا وإن بشكل غير مستقر داخل مجلس قيادة رئاسي، لكن الزبيدي كان دائما يتمتع بقوات عسكرية متفوقة. وقد توجه العليمي إلى الرياض حيث التقى يوم الأحد دبلوماسيين فرنسيين وبريطانيين وأمريكيين.
ودعا العليمي المجلس الانتقالي الجنوبي للعودة إلى ثكناته، مضيفا: “نرفض أي إجراءات أحادية الجانب تقوض الوضع القانوني للدولة وتخلق واقعا موازيا”. وبعد إشارة ضمنية أو صريحة بالموافقة، سيطرت قوات الزبيدي الأسبوع الماضي على شركة بترومسيلة، أكبر شركة نفط يمنية، ومقرها حضرموت، وتبدو الآن في موقف قوي لتحديد مستقبل البلاد.
ولطالما عارض الدبلوماسيون الغربيون والأمم المتحدة تقسيم اليمن إلى قسمين، وركزوا بدلا من ذلك على خارطة طريق سعودية كان من المفترض أن تؤدي إلى تشكيل حكومة اتحادية تضم الحوثيين والقوات في الجنوب. وأجرى دبلوماسيون غربيون الأسبوع الماضي اتصالات هاتفية مع الزبيدي لتقييم نواياه، بما في ذلك علاقاته مع روسيا وتداعياتها على معركة هزيمة الحوثيين المدعومين من إيران.
حتى الآن، لم تعلق أي دولة غربية علنا، ولم يصدر أي بيان من الولايات المتحدة. محافظتان خارج الحدود التقليدية للجنوب – تعز ومأرب، لا تخضعان لسيطرة الحوثيين، وقد يمنحهما المجلس الانتقالي الجنوبي وضع الحماية لضمان عدم وقوعهما في أيديهم.
وقالت ميساء شجاع الدين، المحللة البارزة في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية: “ربما تكون هذه أكبر نقطة تحول في تاريخ اليمن منذ سقوط العاصمة صنعاء بيد الحوثيين عام 2015. ولديها القدرة على قلب التحالفات الإقليمية والمحلية رأسا على عقب، بما في ذلك جر الإمارات إلى صراع مع المملكة العربية السعودية. إذا تفاوض المجلس الانتقالي الجنوبي، فسيكون في موقف قوي للمطالبة بنوع من الحكم الذاتي للجنوب. أما بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فسيكون هناك قلق بشأن مستقبل مراقبة حدودها في ضوء هجمات الحوثيين السابقة على المملكة العربية السعودية”.
وكانت هناك تكهنات بأن الإمارات العربية المتحدة أعطت الضوء الأخضر للمجلس الانتقالي الجنوبي للتحرك بعد غضبها من طلب السعودية من دونالد ترامب التدخل لإنهاء الحرب الأهلية في السودان، وهي أزمة تسببت في دعاية سلبية هائلة للإمارات بسبب مزاعم تسليحها لقوات الدعم السريع، وهي ميليشيا متهمة بارتكاب جرائم حرب في دارفور. ولا يزال وفد سعودي موجودا في حضرموت، ويتعرض لضغوط شديدة من الرياض لفعل شيء ما يوقف الفوضى.