الوثيقة | مشاهدة الموضوع - شبكات‭ ‬محلية‭ ‬وإقليمية‭ ‬تجند‭ ‬عراقيين‭ ‬للقتال‭ ‬مع‭ ‬روسيا
تغيير حجم الخط     

شبكات‭ ‬محلية‭ ‬وإقليمية‭ ‬تجند‭ ‬عراقيين‭ ‬للقتال‭ ‬مع‭ ‬روسيا

القسم الاخباري

مشاركة » الخميس نوفمبر 06, 2025 2:31 am

2.jpg
 
بغداد‭-(‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) -‬عبد‭ ‬الحسين‭ ‬غزال‭ ‬

‭ ‬قبل‭ ‬نحو‭ ‬ستة‭ ‬أشهر،‭ ‬نشر‭ ‬العراقي‭ ‬محمّد‭ ‬عماد‭ ‬آخر‭ ‬مقطع‭ ‬فيديو‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬تيك‭ ‬توك،‭ ‬بدا‭ ‬فيه‭ ‬بزيّ‭ ‬عسكري‭ ‬مبتسما‭ ‬وسط‭ ‬حقل‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬يتصاعد‭ ‬منه‭ ‬دخان،‭ ‬وأرفقه‭ ‬بكلمة‭ ‬‮«‬دعاؤكم‮»‬‭ ‬مع‭ ‬علم‭ ‬روسيا‭.‬

منذ‭ ‬ذاك‭ ‬الحين،‭ ‬فقدت‭ ‬عائلة‭ ‬محمّد‭ ‬الاتصال‭ ‬به،‭ ‬وسمعت‭ ‬روايات‭ ‬متناقضة‭ ‬عن‭ ‬مصيره‭: ‬تمّ‭ ‬أسره،‭ ‬أُصيب‭ ‬بجروح،‭ ‬عانى‭ ‬من‭ ‬إنفلونزا‭. ‬وحتى‭ ‬قُتل‭ ‬بضربة‭ ‬مسيّرة‭ ‬أوكرانية‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬المستمرة‭ ‬منذ‭ ‬شباط‭/‬فبراير‭ ‬2022‭ ‬والتي‭ ‬أوقعت‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬القتلى‭.‬

‭ ‬فيما‭ ‬قال‭ ‬السفير‭ ‬الروسي‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬ألبروس‭ ‬كوتراشيف‭ ‬إن‭ ‬“آلاف‭ ‬العراقيين‭ ‬مستعدون‭ ‬للقتال‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬إذا‭ ‬فُتح‭ ‬لهم‭ ‬الباب،”‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬يسلّط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬ملف‭ ‬بالغ‭ ‬الحساسية‭ ‬يتعلق‭ ‬بتجنيد‭ ‬عراقيين‭ ‬للانخراط‭ ‬في‭ ‬حروب‭ ‬ضد‭ ‬الغرب‭. ‬لكن‭ ‬مصادر‭ ‬سياسية‭ ‬طلبت‭ ‬عدم‭ ‬ذكر‭ ‬اسمها‭ ‬ان‭ ‬أطرافا‭ ‬موالية‭ ‬لإيران‭ ‬من‭ ‬المليشيات‭ ‬جندت‭ ‬عراقيين‭ ‬لحساب‭ ‬مقاولين‭ ‬إيرانيين‭ ‬يرجح‭ ‬علاقتهم‭ ‬بالحرس‭ ‬الثوري،‭ ‬وقاموا‭ ‬باغراء‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬العراق‭ ‬بالمال،‭ ‬وقيل‭ ‬ان‭ ‬مكافأة‭ ‬التجنيد‭ ‬الأولى‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬دفعتين‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬عشرة‭ ‬الاف‭ ‬دولار‭ ‬وتتسلم‭ ‬عائلة‭ ‬المجند‭ ‬العراقي‭ ‬للقتال‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬نصفها‭. ‬وتلتزم‭ ‬السلطات‭ ‬العراقية‭ ‬الرسمية‭ ‬الصمت،‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬بالغ‭ ‬الحساسية‭ ‬وقد‭ ‬يثير‭ ‬غضب‭ ‬المعسكر‭ ‬الغربي‭ ‬الذي‭ ‬يتصدى‭ ‬لروسيا‭.‬

على‭ ‬غرار‭ ‬شبّان‭ ‬عراقيين‭ ‬آخرين‭ ‬يقاتلون‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بعدما‭ ‬أغرتهم‭ ‬وعود‭ ‬برواتب‭ ‬مرتفعة‭ ‬وجوازات‭ ‬سفر‭ ‬روسية،‭ ‬سافر‭ ‬محمّد‭ (‬24‭ ‬عاما‭) ‬إلى‭ ‬روسيا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬علم‭ ‬أسرته،‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬جيشها‭ ‬والقتال‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬تروي‭ ‬والدته‭ ‬زينب‭ ‬جبّار‭ ‬لوكالة‭ ‬الصحافة‭ ‬الفرنسية‭ . ‬وتقول‭ ‬جبّار‭ (‬54‭ ‬عاما‭) ‬بصوت‭ ‬مرتجف‭ ‬وعينين‭ ‬مغرورقتين‭ ‬بالدموع،‭ ‬‮«‬ذهب‭ ‬ولم‭ ‬يعد‮»‬‭. ‬وتضيف‭ ‬من‭ ‬منزلها‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬المسيب‭ ‬الواقعة‭ ‬جنوب‭ ‬بغداد‭ ‬بينما‭ ‬تحمل‭ ‬صورة‭ ‬ابنها‭ ‬‮«‬نحن‭ ‬العراقيين‭ ‬شهدنا‭ ‬حروبا‭ ‬كثيرة‭ (…) ‬وتعبنا‮»‬‭.‬‮ ‬

وتسأل‭ ‬بمرارة‭ ‬‮«‬ما‭ ‬علاقتنا‭ ‬بروسيا؟‭ ‬ما‭ ‬علاقتنا‭ ‬بدولتَين‭ ‬تتحاربان؟‮»‬‭.‬‮ ‬‭ ‬حين‭ ‬غزت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬العراق‭ ‬عام‭ ‬2003‭ ‬وأطاحت‭ ‬بحكم‭ ‬صدام‭ ‬حسين،‭ ‬كان‭ ‬محمّد‭ ‬طفلا‭ ‬صغيرا‭. ‬شهدت‭ ‬بلاده‭ ‬بعدها‭ ‬موجات‭ ‬من‭ ‬انعدام‭ ‬الاستقرار،‭ ‬وسنوات‭ ‬من‭ ‬الاقتتال‭ ‬الطائفي،‭ ‬تلتها‭ ‬سيطرة‭ ‬تنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ ‬على‭ ‬مساحات‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬البلاد‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2014‭ ‬و2017‭.‬‮ ‬

ألقت‭ ‬هذه‭ ‬الأزمات‭ ‬بثقلها‭ ‬على‭ ‬العراقيين،‭ ‬خصوصا‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬استُدعى‭ ‬العديد‭ ‬منهم‭ ‬إلى‭ ‬الجيش‭ ‬أو‭ ‬انضموا‭ ‬إلى‭ ‬فصائل‭ ‬حاربت‭ ‬تنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬أو‭ ‬قاتلت‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬المجاورة‭ ‬دعما‭ ‬لقوات‭ ‬الرئيس‭ ‬المخلوع‭ ‬بشار‭ ‬الأسد‭ ‬خلال‭ ‬سنوات‭ ‬النزاع‭.‬

وفي‭ ‬بلد‭ ‬كلّ‭ ‬شاب‭ (‬بين‭ ‬15‭ ‬و24‭ ‬عاما‭) ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬ثلاثة‭ ‬عاطل‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬العمل،‭ ‬وينخر‭ ‬الفساد‭ ‬مؤسساته،‭ ‬توصّلت‭ ‬وكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬شبانا‭ ‬عديدين‭ ‬أغرتهم‭ ‬عروض‭ ‬سخية‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬مقابل‭ ‬القتال‭ ‬لصالح‭ ‬روسيا،‭ ‬يُروّج‭ ‬لها‭ ‬مؤثرون‭ ‬على‭ ‬شبكات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬وتتضمّن‭ ‬العروض‭ ‬راتبا‭ ‬شهريا‭ ‬قدره‭ ‬2800‭ ‬دولار،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬نحو‭ ‬أربعة‭ ‬أضعاف‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتقاضوه‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الجيش‭ ‬العراقي،‭ ‬إضافة‭ ‬الى‭ ‬مكافأة‭ ‬عند‭ ‬توقيع‭ ‬العقد‭ ‬تصل‭ ‬قيمتها‭ ‬الى‭ ‬20‭ ‬ألف‭ ‬دولار‭ ‬“حتى‭ ‬الآن‭ ‬لم‭ ‬يصل‭ ‬للجنة‭ ‬الأمن‭ ‬والدفاع‭ ‬أي‭ ‬تقرير‭ ‬مفصل‭ ‬عن‭ ‬الموضوع،”‭ ‬يقول‭ ‬عضو‭ ‬لجنة‭ ‬الأمن‭ ‬والدفاع‭ ‬النيابية،‭ ‬اسكندر‭ ‬وتوت،‭ ‬لـ”الحرة”‭.‬

“لنفترض‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬عراقيين‭ ‬يقاتلون‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬القوات‭ ‬الروسية،‭ ‬فليس‭ ‬لدينا‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬اي‭ ‬مواطن‭ ‬يرغب‭ ‬بزيارة‭ ‬روسيا‭ ‬لأغراض‭ ‬الدراسة‭ ‬او‭ ‬السياحة‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يقرر‭ ‬الانضمام‭ ‬للجيش‭ ‬هناك،‭ ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬انه‭ ‬سوف‭ ‬يذهب‭ ‬هناك‭ ‬بنية‭ ‬الانضمام‭ ‬للقتال”‭.‬

ويتابع،‭ ‬“وفقا‭ ‬للمعلومات‭ ‬المتوفرة‭ ‬لدينا،‭ ‬فالذين‭ ‬يقاتلون‭ ‬مع‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬لديهم‭ ‬دوافع‭ ‬اقتصادية‭ ‬وليست‭ ‬عقائدية”‭. ‬تواصلت‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬مع‭ ‬أقارب‭ ‬أربعة‭ ‬شبان‭ ‬من‭ ‬عائلات‭ ‬فقيرة‭ ‬سافروا‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي،‭ ‬ثلاثة‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬عداد‭ ‬المفقودين‭. ‬أمّا‭ ‬الرابع‭ ‬فقد‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬عائلته‭ ‬جثة‭. ‬كما‭ ‬تحدّثت‭ ‬الى‭ ‬شاب‭ ‬عراقي‭ ‬يعمل‭ ‬تحت‭ ‬راية‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي،‭ ‬وينشر‭ ‬تجربته‭ ‬بتفاصيلها‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬ويقدّم‭ ‬مساعدة‭ ‬للراغبين‭ ‬بالانضمام‭ ‬إليه‭. ‬وكتب‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬منشوراته‭ ‬‮«‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬أعطني‭ ‬جنديا‭ ‬عراقيا‭ ‬وسلاحا‭ ‬روسيا‭ ‬وسوف‭ ‬نحرّر‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬الاستعمار‭ ‬والاستكبار‭ ‬الغربي‮»‬‭.‬‮ ‬‭ ‬وتعجّ‭ ‬تطبيقات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬مثل‭ ‬تيك‭ ‬توك‭ ‬وتلغرام،‭ ‬بحسابات‭ ‬تعرض‭ ‬المساعدة‭ ‬على‭ ‬الشباب‭ ‬الراغبين‭ ‬بالانضمام‭ ‬إلى‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭.‬

عند‭ ‬بدء‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬قال‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬إنه‭ ‬يعتزم‭ ‬تجنيد‭ ‬16‭ ‬ألف‭ ‬مقاتل‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وتفيد‭ ‬تقارير‭ ‬أن‭ ‬نحو‭ ‬ألفَي‭ ‬جندي‭ ‬سوري‭ ‬نظامي‭ ‬توجّهوا‭ ‬إلى‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬للقتال‭. ‬وتسعى‭ ‬قنوات‭ ‬تلغرام‭ ‬التي‭ ‬تقدّم‭ ‬العروض‭ ‬اليوم‭ ‬الى‭ ‬استقطاب‭ ‬شريحة‭ ‬ديموغرافية‭ ‬شابة‭ ‬ومختلفة‭. ‬ويعرض‭ ‬المشرفون‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬القنوات‭ ‬مساعدة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬تأشيرات‭ ‬روسية‭ ‬لشباب‭ ‬عرب،‭ ‬ويتلقّون‭ ‬أسئلة‭ ‬وطلبات‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬ومصر‭ ‬والجزائر‭ ‬ودول‭ ‬أخرى‭.‬

وقد‭ ‬استخدمت‭ ‬أساليب‭ ‬مماثلة‭ ‬لتجنيد‭ ‬شبان‭ ‬من‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭ ‬ومن‭ ‬الهند‭ ‬وبنغلادش‭ ‬والنيبال،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬لاحظ‭ ‬صحافيو‭ ‬وكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭.‬

كما‭ ‬تنشر‭ ‬الحسابات‭ ‬التي‭ ‬تروّج‭ ‬للتجنيد‭ ‬قائمة‭ ‬بالمصطلحات‭ ‬العسكرية‭ ‬الرئيسية‭ ‬مُترجمة‭ ‬إلى‭ ‬الروسية،‭ ‬بينها‭ ‬‮«‬نفدت‭ ‬الذخيرة‮»‬‭ ‬و»أُنجزت‭ ‬المهمة‮»‬‭ ‬و»لدينا‭ ‬ضحايا‮»‬‭ ‬و»طائرة‭ ‬مسيّرة‭ ‬مفخخة‮»‬،‭ ‬الخ‭… ‬لتسهيل‭ ‬التواصل‭ ‬على‭ ‬المجندين‭ ‬متى‭ ‬وصلوا‭ ‬الى‭ ‬الميدان‭. ‬وأورد‭ ‬أحد‭ ‬حسابات‭ ‬تلغرام‭ ‬أنه‭ ‬يوفرّ‭ ‬كذلك‭ ‬مساعدات‭ ‬للعراقيين‭ ‬الراغبين‭ ‬بإرسال‭ ‬المال‭ ‬إلى‭ ‬بلدهم‭.‬

واتصلت‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬برقم‭ ‬شاركته‭ ‬القناة‭. ‬فأجاب‭ ‬متلقي‭ ‬الاتصال‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يلزم‭ ‬هو‭ ‬نسخة‭ ‬عن‭ ‬جواز‭ ‬السفر‭ ‬وعنوان‭ ‬سكن‭ ‬ورقم‭ ‬هاتف،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يرسل‭ ‬لاحقا‭ ‬دعوة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬تأشيرة‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تغطية‭ ‬كلفة‭ ‬التذكرة‭.‬

أريد‭ ‬ابني

يقات‭ ‬الواردة‭ ‬على‭ ‬مقاطع‭ ‬الفيديو‭ ‬الترويجية،‭ ‬يمكن‭ ‬معاينة‭ ‬تساؤلات‭ ‬من‭ ‬عائلات‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬أبنائها‭ ‬المفقودين‭.‬

وتعتقد‭ ‬عائلة‭ ‬محمّد‭ ‬أن‭ ‬الدعاية‭ ‬عبر‭ ‬شبكات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬أغرت‭ ‬ابنها‭ ‬بالسفر‭ ‬إلى‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العام‭.‬

على‭ ‬مدى‭ ‬أسابيع،‭ ‬ظهر‭ ‬محمّد‭ ‬في‭ ‬مقاطع‭ ‬فيديو‭ ‬نشرها‭ ‬على‭ ‬تيك‭ ‬توك‭ ‬من‭ ‬روسيا‭. ‬وتمكنت‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬من‭ ‬تحديد‭ ‬موقعه‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬المقاطع‭ ‬المصورة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬أوريول‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬الحدود‭ ‬مع‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬ومنطقة‭ ‬كورسك‭ ‬حيث‭ ‬توغلت‭ ‬القوات‭ ‬الأوكرانية‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬لمدة‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭.‬

ونشر‭ ‬آخر‭ ‬فيديو‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬تيك‭ ‬توك‭ ‬في‭ ‬12‭ ‬أيار‭/‬مايو‭.‬‮ ‬

وتروي‭ ‬والدته‭ ‬كيف‭ ‬اتصلت‭ ‬به‭ ‬متوسّلة‭ ‬لكي‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬المنزل‭. ‬كانت‭ ‬تظن‭ ‬في‭ ‬بادئ‭ ‬الأمر‭ ‬أنه‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬مخبز‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬البصرة‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬العراق،‭ ‬لكنه‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬‮«‬ذهب‭ ‬ليقاتل‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‮»‬‭.‬

وتوضح‭ ‬‮«‬قال‭ ‬لي‭ +‬لدي‭ ‬حرب‭.. ‬ادعي‭ ‬لي‮»‬‭.‬

وكانت‭ ‬تلك‭ ‬المكالمة‭ ‬الأخيرة‭ ‬بينهما‭. ‬وتقول‭ ‬الأمّ‭ ‬بحزن‭ ‬شديد،‭ ‬‮«‬أريد‭ ‬أن‭ ‬يأتوا‭ ‬لي‭ ‬بابني‭. ‬لا‭ ‬أريد‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭ (…). ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أعرف‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬حيا‭ ‬أم‭ ‬ميتا‮»‬‭.‬

وتقضي‭ ‬فاتن،‭ ‬شقيقة‭ ‬محمّد،‭ ‬ساعات‭ ‬لا‭ ‬تحصى‭ ‬على‭ ‬شبكات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لاقتفاء‭ ‬أثر‭ ‬عراقيين‭ ‬يدّعون‭ ‬أنهم‭ ‬التحقوا‭ ‬بالجيش‭ ‬الروسي،‭ ‬علها‭ ‬تعلم‭ ‬شيئا‭ ‬عن‭ ‬مصيره‭. ‬وتشرح‭ ‬كيف‭ ‬سمعت‭ ‬روايات‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬مصير‭ ‬شقيقها‭ ‬من‭ ‬حسابات‭ ‬مختلفة،‭ ‬أكثرها‭ ‬قسوة‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬حساب‭ ‬تابع‭ ‬للشاب‭ ‬عبّاس‭ ‬حمدالله‭ ‬الذي‭ ‬يستخدم‭ ‬اسم‭ ‬عباس‭ ‬المناصر‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬وعبّاس‭ (‬27‭ ‬عاما‭) ‬في‭ ‬عداد‭ ‬شبان‭ ‬عراقيين‭ ‬يشاركون‭ ‬تجاربهم‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬على‭ ‬تطبيقي‭ ‬تيك‭ ‬توك‭ ‬وتلغرام‭. ‬ويعرض‭ ‬المساعدة‭ ‬للراغبين‭ ‬بالالتحاق‭. ‬ويبدو‭ ‬أنّ‭ ‬منشورات‭ ‬عباس‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬استمالت‭ ‬محمّد‭. ‬ويقول‭ ‬لفرانس‭ ‬برس‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬طلب‭ ‬منه‭ ‬توجيهه‭ ‬وكان‭ ‬مصمما‭ ‬على‭ ‬السير‭ ‬على‭ ‬خطاه‭.‬

وحلّت‭ ‬معلومات‭ ‬عبّاس‭ ‬كالصاعقة‭ ‬على‭ ‬فاتن،‭ ‬بعدما‭ ‬أخبرها‭ ‬أن‭ ‬جثة‭ ‬أخيها‭ ‬موضوعة‭ ‬في‭ ‬مشرحة‭ ‬تابعة‭ ‬للجيش‭ ‬الروسي،‭ ‬بعد‭ ‬مقتله‭ ‬بضربة‭ ‬من‭ ‬مسيّرة‭ ‬أوكرانية‭ ‬قرب‭ ‬باخموت‭. ‬وبحسب‭ ‬عباس،‭ ‬فإن‭ ‬شقيقها‭ ‬أطلق‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬المسيّرة‭ ‬فيما‭ ‬كان‭ ‬مقاتلون‭ ‬آخرون‭ ‬برفقته‭ ‬يختبئون‭. ‬وتقول‭ ‬فاتن‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬كان‭ ‬ميتا،‭ ‬نريد‭ ‬جثته‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬يعتريها‭ ‬القلق‭ ‬من‭ ‬ألا‭ ‬تحصل‭ ‬العائلة‭ ‬على‭ ‬جثته‭ ‬لدفنه‭ ‬أو‭ ‬تتبلغ‭ ‬رسميا‭ ‬ماذا‭ ‬حدث‭ ‬له‭.‬

وتوضح‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بأخي‭ ‬فحسب،‭ ‬إنما‭ ‬كثيرون‭ ‬آخرون‭ ‬مثله‭. ‬مؤسف‭ ‬أن‭ ‬يموت‭ ‬كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬روسيا‮»‬‭. ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬الناصرية‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬العراق،‭ ‬يقول‭ ‬عبد‭ ‬الحسين‭ ‬مطلق‭ (‬74‭ ‬عاما‭) ‬إن‭ ‬ابنه‭ ‬علاوي‭ ‬سافر‭ ‬برفقة‭ ‬محمّد‭ ‬الى‭ ‬روسيا،‭ ‬وبقي‭ ‬على‭ ‬تواصل‭ ‬مع‭ ‬عائلته،‭ ‬يرسل‭ ‬لهم‭ ‬صورا‭ ‬من‭ ‬التدريبات‭ ‬العسكرية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬انقطع‭ ‬عنهم‭ ‬تماما‭ ‬في‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬أيار‭/‬مايو‭.‬

ويقول‭ ‬الوالد‭ ‬‮«‬لا‭ ‬نفهم‭ ‬ماذا‭ ‬حصل‮»‬،‭ ‬مضيفا‭ ‬‮«‬قلتُ‭ ‬له‭: ‬لن‭ ‬تستفيد،‭ ‬إنها‭ ‬منطقة‭ ‬غريبة‭ ‬وأناسها‭ ‬غرباء‮»‬‭. ‬لكن‭ ‬علاوي‭ ‬أصرّ‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬العقد‭ ‬مع‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭.‬

وفي‭ ‬أحد‭ ‬الفيديوهات‭ ‬التي‭ ‬أرسلها‭ ‬علاوي‭ ‬لعائلته،‭ ‬يظهر‭ ‬مع‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشخاص‭ ‬آخرين‭ ‬بينهم‭ ‬محمّد‭ ‬وهو‭ ‬يتوجه‭ ‬بالشكر‭ ‬لعباس‭ ‬المناصر‭ ‬لمساعدتهم‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬روسيا‭.‬

عام‭ ‬2023،‭ ‬سافر‭ ‬عبّاس‭ ‬إلى‭ ‬موسكو‭ ‬عازما،‭ ‬على‭ ‬حدّ‭ ‬قوله،‭ ‬مواصلة‭ ‬رحلته‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬المهاجرين‭ ‬العراقيين‭. ‬لكنّ‭ ‬الإعلانات‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬روسيا‭ ‬والداعية‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الجيش،‭ ‬أغرته‭ ‬بالبقاء‭. ‬ويوضح‭ ‬‮«‬لا‭ ‬مستقبل‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬العراق‭. ‬حاولت‭ ‬بكلّ‭ ‬السبل‭ ‬هناك‭ ‬لكنني‭ ‬لم‭ ‬أنجح‮»‬،‭ ‬متابعا‭ ‬‮«‬بالنسبة‭ ‬اليّ،‭ ‬لا‭ ‬يتعلّق‭ ‬الأمر‭ ‬بروسيا‭ ‬أو‭ ‬بأوكرانيا‭. ‬أولويتي‭ ‬هي‭ ‬عائلتي‮»‬‭. ‬ويشرح‭ ‬أنّه‭ ‬انضم‭ ‬إلى‭ ‬جيش‭ ‬روسيا‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬وبات‭ ‬اليوم‭ ‬يحمل‭ ‬جواز‭ ‬سفرها‭.‬

ورغم‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬يواجهها،‭ ‬يبدي‭ ‬سعادته‭ ‬لقدرته‭ ‬على‭ ‬إرسال‭ ‬‮«‬نحو‭ ‬2500‭ ‬دولار‭ ‬شهريا‮»‬‭ ‬الى‭ ‬عائلته،‭ ‬وهو‭ ‬مبلغ‭ ‬بعيد‭ ‬المنال‭ ‬بالنسبة‭ ‬الى‭ ‬غالبية‭ ‬الشباب‭ ‬العراقيين‭.‬

على‭ ‬حسابه‭ ‬على‭ ‬تلغرام،‭ ‬ينشر‭ ‬عبّاس‭ ‬دعوات‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬تأشيرات‭ ‬للراغبين‭ ‬في‭ ‬التجنيد‭. ‬ويقول‭ ‬إن‭ ‬تكلفة‭ ‬التأشيرة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬ألف‭ ‬دولار،‭ ‬تحصل‭ ‬وكالات‭ ‬السفر‭ ‬على‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬منه‭.‬‮ ‬

وبحسب‭ ‬موقع‭ ‬السفارة‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬تصل‭ ‬كلفة‭ ‬تأشيرة‭ ‬الدخول‭ ‬لمرة‭ ‬واحدة‭ ‬الى‭ ‬140‭ ‬دولارا‭.‬

ويقول‭ ‬عباس‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يتقاضى‭ ‬أي‭ ‬أتعاب‭ ‬مقابل‭ ‬خدماته،‭ ‬لكنه‭ ‬يحذّر‭ ‬من‭ ‬‮«‬سماسرة‮»‬‭ ‬يستغلّون‭ ‬الشبان‭ ‬العراقيين‭ ‬ويأخذون‭ ‬نسبة‭ ‬من‭ ‬المكافأة‭ ‬التي‭ ‬يحصل‭ ‬عليها‭ ‬المجنّد‭ ‬عند‭ ‬توقيع‭ ‬العقد‭.‬

ولم‭ ‬تتمكّن‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬من‭ ‬التحقق‭ ‬من‭ ‬صحّة‭ ‬أقواله‭.‬

وبغضّ‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬قيمة‭ ‬المكافأة‭ ‬المالية،‭ ‬يشرح‭ ‬عبّاس‭ ‬أنه‭ ‬يحذّر‭ ‬الراغبين‭ ‬بالتجنيد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬احتمال‭ ‬الموت‭ ‬هنا‮»‬‭ ‬قائم‭. ‬ويتابع‭ ‬‮«‬شهدنا‭ ‬حروبا‭ ‬وأزمات‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬مختلفة‭. ‬إنها‭ ‬حرب‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المتقدمة،‭ ‬حرب‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيّرة‮»‬‭.‬

مع‭ ‬ذلك،‭ ‬يؤكد‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬بأي‭ ‬ندم‭ ‬إزاء‭ ‬خياره،‭ ‬حتى‭ ‬أنه‭ ‬وقّع‭ ‬عقدا‭ ‬جديدا‭ ‬مع‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬لعام‭ ‬إضافي‭.‬

‭- ‬‮«‬العار‮»‬‭ -‬

منذ‭ ‬بدء‭ ‬الحرب،‭ ‬انضمّ‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المقاتلين‭ ‬الأجانب‭ ‬إلى‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬المجموعة‭ ‬الأكبر‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭. ‬وتفيد‭ ‬تقارير‭ ‬أن‭ ‬متطوعين‭ ‬صينيين‭ ‬يقاتلون‭ ‬كذلك‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭.‬

في‭ ‬الجهة‭ ‬المقابلة‭ ‬من‭ ‬الجبهة،‭ ‬يقاتل‭ ‬نحو‭ ‬3500‭ ‬مقاتل‭ ‬أجنبي‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬الجيش‭ ‬الأوكراني‭ ‬ويتقاضون‭ ‬الرواتب‭ ‬نفسها‭ ‬كالجنود‭ ‬المحليين،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أفادت‭ ‬سفارة‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭.‬

وتتفاوت‭ ‬التقديرات‭ ‬بشأن‭ ‬عدد‭ ‬العراقيين‭ ‬الذين‭ ‬يقاتلون‭ ‬لصالح‭ ‬روسيا،‭ ‬لكن‭ ‬عددهم‭ ‬بالتأكيد‭ ‬بالمئات‭.‬

ويقول‭ ‬السفير‭ ‬الأوكراني‭ ‬لدى‭ ‬العراق‭ ‬إيفان‭ ‬دوفغانيتش‭ ‬إن‭ ‬هؤلاء‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يقاتلون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬فكرة،‭ ‬إنّما‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬فرصة‭ ‬عمل‮»‬‭.‬

ولم‭ ‬تردّ‭ ‬السفارة‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬على‭ ‬طلبات‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬للتعليق‭.‬

وروسيا‭ ‬ليست‭ ‬الدولة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬جذبت‭ ‬عراقيين‭ ‬للقتال‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬فقد‭ ‬انضمّ‭ ‬كثر‭ ‬خلال‭ ‬النزاع‭ ‬الذي‭ ‬شهدته‭ ‬سوريا‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬إلى‭ ‬فصائل‭ ‬عراقية‭ ‬موالية‭ ‬لإيران‭ ‬قاتلت‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬سورية‭ ‬عدة‭ ‬دعما‭ ‬لحكم‭ ‬الأسد‭.‬‮ ‬

لكن‭ ‬الدافع‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ماديا،‭ ‬بل‭ ‬حصل‭ ‬ذلك‭ ‬بموجب‭ ‬قرار‭ ‬سياسي‭ ‬من‭ ‬جهات‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬فلك‭ ‬طهران،‭ ‬أبرز‭ ‬حلفاء‭ ‬الأسد‭ ‬آنذاك‭. ‬كما‭ ‬اعتبر‭ ‬العديدون‭ ‬القتال‭ ‬‮«‬واجبا‭ ‬دينيا‮»‬‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حماية‭ ‬المراقد‭ ‬الشيعية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭.‬

والعلاقات‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬والعراق‭ ‬جيدة‭ ‬إجمالا‭. ‬وسبق‭ ‬لموسكو‭ ‬أن‭ ‬زوّدت‭ ‬نظام‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭ ‬خلال‭ ‬عقود‭ ‬بأسلحة‭ ‬وتدريب‭ ‬عسكري‭.‬

ولطالما‭ ‬حرصت‭ ‬بغداد‭ ‬على‭ ‬تأكيد‭ ‬موقفها‭ ‬‮«‬الثابت‭ ‬بالحياد‮»‬‭ ‬إزاء‭ ‬الحرب‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا،‭ ‬مشدّدة‭ ‬على‭ ‬رفضها‭ ‬أن‭ ‬يقاتل‭ ‬شبابها‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭.‬‮ ‬

في‭ ‬أيلول‭/‬سبتمبر،‭ ‬أصدرت‭ ‬محكمة‭ ‬جنايات‭ ‬النجف‭ ‬حكما‭ ‬بالسجن‭ ‬المؤبد‭ ‬بحق‭ ‬مدان‭ ‬بـ»جريمة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‮»‬،‭ ‬متهمة‭ ‬اياه‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬أقدم‭ ‬بالاشتراك‭ ‬مع‭ ‬متهمين‭ ‬آخرين‭ ‬على‭ ‬تكوين‭ ‬جماعات‭ ‬وإرسالها‭ ‬للقتال‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬أجنبية‭ ‬لقاء‭ ‬مبالغ‭ ‬مالية‮»‬‭.‬

وقال‭ ‬مصدر‭ ‬أمني‭ ‬لفرانس‭ ‬برس‭ ‬إن‭ ‬الدولة‭ ‬المقصودة‭ ‬هي‭ ‬روسيا‭.‬

وحذّرت‭ ‬السفارة‭ ‬العراقية‭ ‬في‭ ‬موسكو‭ ‬مطلع‭ ‬الشهر‭ ‬ذاته‭ ‬من‭ ‬‮«‬محاولات‭ ‬استدراج‭ ‬أو‭ ‬توريط‭ ‬بعض‭ ‬العراقيين‭ ‬المقيمين‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬أو‭ ‬خارجها‭ ‬بذرائع‭ ‬مختلفة‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬الحرب‮»‬‭.‬

ويعتبر‭ ‬كثر‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬الملتحقين‭ ‬بالجيش‭ ‬الروسي‭ ‬‮«‬مرتزقة‮»‬‭. ‬وقال‭ ‬عمّ‭ ‬أحد‭ ‬العراقيين‭ ‬المفقودين‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬منذ‭ ‬أشهر‭ ‬لفرانس‭ ‬برس،‭ ‬إنه‭ ‬يأمل‭ ‬أن‭ ‬تعاقب‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يستدرجون‭ ‬الشباب‭ ‬إلى‭ ‬روسيا‭.‬

ويعتبر‭ ‬القتال‭ ‬كمرتزقة،‭ ‬كما‭ ‬يصفه‭ ‬البعض،‭ ‬‮«‬وصمة‭ ‬عار‮»‬‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬الى‭ ‬حدّ‭ ‬أن‭ ‬عائلة‭ ‬مجنّد‭ ‬قُتل‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬غادرت‭ ‬مسقط‭ ‬رأسها‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬البلاد،‭ ‬خجلا‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬المجتمع‭.‬

وروى‭ ‬أحد‭ ‬أنسباء‭ ‬العائلة‭ ‬لفرانس‭ ‬برس‭ ‬كيف‭ ‬أنها‭ ‬دفنت‭ ‬ابنها،‭ ‬بعيد‭ ‬تسلمها‭ ‬جثته،‭ ‬تحت‭ ‬جنح‭ ‬الظلام‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬حضور‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الأقارب‭.‬

وتسلّمت‭ ‬العائلة‭ ‬تعويضا‭ ‬ماليا‭ ‬بقيمة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬دولار‭ ‬مع‭ ‬الجثة،‭ ‬على‭ ‬حدّ‭ ‬قوله،‭ ‬لكن‭ ‬كثيرين‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬المحلي‭ ‬اعتبروا‭ ‬أن‭ ‬الشاب‭ ‬أساء‭ ‬بفعلته‭ ‬إلى‭ ‬مجتمعه‭.‬

وأضاف‭ ‬الرجل‭ ‬طالبا‭ ‬عدم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬هويته،‭ ‬‮«‬يحترق‭ ‬قلبي‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬يموت‭ ‬شاب‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ‭ ‬يُدفن‭ ‬هنا‭ ‬بالسرّ‮»‬‭.‬
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار

cron