الخرطوم/ الأناضول- الفاشر بلون الدم”، و”أنقذوا الفاشر”، عبارات خيمت بشكل لافت على تغطية إعلامية ونداءات بمنصات التواصل تتصاعد عربيا، بشأن تلك المدينة السودانية، وفق أحاديث رسمية وشعبية بذلك البلد العربي، بعد أشهر من حصارها من عناصر الدعم السريع التي تخوض حربا ضد الجيش الوطني منذ نحو عامين.
وبعد اشتباكات ضارية مع قوات “الدعم السريع” لأيام، أعلن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، مساء الاثنين في خطاب متلفز، مغادرة الجيش مدينة الفاشر مركز ولاية شمال دارفور غربي البلاد، لما تعرضت له المدينة من “تدمير وقتل ممنهج للمدنيين”.
وعن استعادة الفاشر، قال البرهان: “نستطيع أن نقلب الطاولة في كل مرة، ونستطيع أن نعيد كل أرض دنسها هؤلاء الخونة إلى حضن الوطن”، على حد وصفه.
ولم تعلق “الدعم السريع” فورا على ما جاء في خطاب البرهان، لكنها قالت بوقت سابق الاثنين، إن قواتها “لازالت تنشط وتنظف مدينة الفاشر، والقضاء على آخر جيوب العدو (الجيش والمقاومة الشعبية) أثناء محاولاتهم الفرار من المدينة”.
** نداءات إغاثة ودعم
جاءت نداءات الإغاثة تحت هاشتاغات (وسوم) #الفاشر، و #الفاشر_تموت_جوعاً ، و#أنقذوا_الفاشر، و#الفاشر_ليست_بخير، و #الفاشر_تباد، #الفاشر_تتعرض_للإبادة، و #الفاشر_تحاصر_وتعاني، #الفاشر_تحت_القصف، و#مجزرة_الفاشر، و#الفاشر_تحت_الحصار.
واحتوت بعض هذه الهاشتاغات على عبارات تشير إلى أن “السودانيون في مدينة الفاشر يموتون بأبشع أنواع الطرق، يبادون دون أي سبب، ولا يستطيعون حتى النزوح إلى أي مكان، والموت يلوح في كل شبر في تلك المدينة”.
** تغطية إعلامية واسعة
ad
وتحت عنوان “الفاشر بلون الدم.. تفاصيل مجازر وانتهاكات الفاشر على يد الدعم السريع تجاه المدنيين”، تناول برنامج الحكاية في قناة “إم بي سي” المصرية، الذي يقدمه الإعلامي المصري السعودي عمرو أديب، مساء الاثنين، تفاصيل بشأن الأحداث التي شهدت تلك المدينة السودانية.
ونقلت القاهرة الإخبارية المصرية الخاصة، مساء الاثنين، عن الكاتب السوداني السماني عوض الله قوله إن “الدعم السريع تنفذ حملة تطهير عرقي واسعة في الفاشر بالسودان”.
كذلك وصف “التلفزيون العربي” القطري، في تغطيته مساء الاثنين، ما يحدث في الفاشر بأنه “أسوأ كارثة إنسانية” تواجهها المدنية.
وأفادت قناة الحدث السعودية، في تغطية أخرى مساء الاثنين، بأن “الفاشر تواجه دمارا وانتقاما”.
ونقلت عن شبكة “أطباء السودان” (غير حكومية) اتهاما لعناصر الدعم السريع بـ”ارتكاب جرائم قتل بحق مدنيين في مدينة الفاشر على أساس عرقي”
ونقلت القناة ذاتها عن القيادي في “العدل والمساواة” السودانية إدريس لقمة قوله إن هناك “أكثر من 1500 ضحية جراء القتل على الهوية التي ترتكبها قوات “الدعم السريع” في الفاشر”.
كما نقلت قناة العربية السعودية مساء الاثنين عن “لجنة فك الحصار عن الفاشر”، قولها إن عناصر “الدعم السريع ارتكبت جرائم بشعة منذ دخولها المدينة”.
وأفادت قناة الجزيرة القطرية، مساء الاثنين، بحدوث “مشاهد صادمة تفيض بالعنف من مدينة الفاشر السودانية”.
وأشارت إلى “عناصر من الدعم السريع تنفذ عمليات إعدام ميداني واسعة”، ونقلت مقطع فيديو بشأن ذلك لم يتسن التأكيد منه بشكل مستقل على الفور.
** تضامن بالمنصات
وراجت بمنصات التواصل مقاطع مصورة لفنانين مصريين يدعون لإنقاذ الفاشر، وقال الفنان أحمد ماهر، إن “مصاب جلل قد أصاب السودان من خلال مليشيات الدعم السريع الظالمة بمنع الماء والدواء”.
وأكد الفنان المصري فتوح أحمد أن الفاشر “تواجه أكبر مأساة إنسانية في العالم اليوم”، داعيا للحديث عنها كما “كنا نتحدث عن مأساة غزة”.
وشدد الفنانان المصريان ضياء الميرغني، ومحمد الصاوي على أهمية دعم الفاشر وإنقاذها.
وكتب حساب “أحمد باسي” لاعب كرة قدم إيراني، عبر منشورات بمنصة إكس الأمريكية: “مصيبتنا في الفاشر عظيمة والله، لا إعلام ولا تحرك دولي، اللهم نسألك يومًا كيوم الأحزاب ، انقطعت فيه أسباب الأرض فجاء مدد السماء”.
وسلط الكاتب السعودي، سليمان العقيلي، في منشور بالمنصة ذاتها الضوء على ما يحدث بالمدينة السودانية، قائلا: “نزوح من الفاشر بعد مجازر الدعم السريع”، لافتا إلى بيانات لمنظمة الهجرة الدولية تشير لنزوح آلاف خلال يومين
وقال المدون السوداني ياسين أحمد، في منشور بالمنصة ذاتها: “انتهاكات مليشيات الدعم السريع علي المواطن السوداني الاعزل، لاحول ولا قوه إلا بالله، اللهم كن عونا لأهلنا في الفاشر واحفظهم بعينك التي لا تنام”.
وتحت عنوان “الفاشر تنزف… والعالم أخرس”، كتب الرياضي السوداني، هيثم مصطفى كرار، عبر صفحته بفيسبوك: “في الوقت الذي تُرتكب فيه أبشع الجرائم الإنسانية في الفاشر على يد مليشيا إرهابية – من قتلٍ ونهبٍ وانتهاكٍ وترويعٍ للمدنيين – يلوذ المجتمع الدولي بصمتٍ مريب، كأن دماء الأبرياء لا تستحق حتى بيانات الشجب الباردة”.
** مأساة كبيرة
وفي وقت سابق الاثنين، أفادت منظمة الهجرة الدولية بأن التقديرات الميدانية تشير إلى نزوح أكثر من 26 ألف شخص من مدينة الفاشر خلال 48 ساعة بسبب الاشتباكات الدائرة.
ولفتت إلى أن هذه الأرقام أولية وقابلة للتغيير نظرًا لاستمرار انعدام الأمن وتسارع وتيرة النزوح.
كذلك كشفت مؤسسة أهلية بالسودان، الاثنين، وصول 1117 نازحا جديدا من مدينة الفاشر إلى منطقة طويلة بولاية شمال دارفور غربي البلاد، جراء تصاعد وتيرة العنف وانعدام الأمن.
وبهذا يرتفع إجمالي عدد الأسر الواصلة إلى طويلة، خلال الفترة الممتدة بين 18 و27 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إلى 831 أسرة تضم 3038 شخصا، حسب بيان المؤسسة الأهلية.
وتعاني آلاف الأسر في المدينة المحاصرة من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه الصالحة للشرب، في ظل انعدام انقطاع الإمداد نتيجة للحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية من قبل الدعم السريع، ما يجعل حياة المدنيين، وخاصة الأطفال وكبار السن، تحت خطر المجاعة والأوبئة.
وتحاصر “الدعم السريع” الفاشر منذ 10 مايو/ أيار 2024، فيما يسعى الجيش السوداني لكسر الحصار عن المدينة، التي تُعد مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس.
ومنذ 15 أبريل/ نيسان 2023 يخوض الجيش و”قوات الدعم السريع” حربا لم تفلح وساطات إقليمية ودولية عديدة في إنهائها، قتل خلالها نحو 20 ألف شخص وتشرد أكثر من 15 مليونا بين نازحٍ ولاجئ، وفقا لتقارير أممية ومحلية، في حين قدّرت دراسة أعدّتها جامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألف شخص.