غزة- “القدس العربي”:
علمت “القدس العربي” أن قيادة حماس تسلمت رسميا من الوسيطين المصري والقطري، المقترح الأمريكي الجديد لإنهاء الحرب في ساعة متأخرة من ليل الاثنين، وأن هناك مشاورات مكثفة ستشهدها الأيام المقبلة، بهدف تحضير الرد على هذا المقترح، الذي تلقت الحركة نصائح من الوسيطين العربيين بقبوله، لإنهاء العدوان الإسرائيلي، في وقت أعلنت عدة فصائل رفضها للمقترح.
وحسب المصادر فإن المقترح قدم كاملا بكافة تفاصيله لقيادة حركة حماس في اجتماع عقد عند الساعة 11 من ليل الاثنين، وجرى الحديث بشكل عام عنه خلال اللقاء الذي جمع قيادة الحركة بالوسطاء العرب (مصر وقطر)، حيث من المقرر أن يخضع لنقاش معمق داخلي في الحركة، ومع باقي الفصائل التي تشاركها في الحوارات.
ووفقا للمعلومات الشحيحة من فصائل المقاومة الفلسطينية، فإن اليومين القادمين سيكونان حاسمين في تحديد الوجهة، في ظل تحفظ ورفض بعض الفصائل للمقترح، وهو أمر أعلن عنه صراحة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة.
ومن بين المعلومات التي حصلت عليها “القدس العربي”، بشأن ما قدم من “مقترحات عملية تفصيلية” للخطة، فإنها تنص في حال موافقة حماس، وإجراء صفقة لتبادل الأسرى، أن يجري إطلاق سراح 250 أسيرا فلسطينيا من ذوي المؤبدات العالية، مقابل الأسرى الإسرائيليين الأحياء في غزة.
المقترح قدم كاملا بكافة تفاصيله لقيادة حركة حماس في اجتماع عقد عند الساعة 11 من ليل الاثنين، وجرى الحديث بشكل عام عنه خلال اللقاء الذي جمع قيادة الحركة بالوسطاء العرب
ومن المحتمل أن تضع إسرائيل “فيتو” على أسماء الكثير من الأسرى من ذوي المحكوميات العالية، كما اعتادت من قبل، حيث تواصل رفض إطلاق سراحهم في أي صفقة تبادل، كما تشمل إفراج إسرائيل عن 1700 أسير اعتقلوا من قطاع غزة بعد بدء الحرب، وعشرات الأسرى من الضفة الغربية، وكذلك الإفراج عن جثامين 15 شهيدا فلسطينيا محتجزين لدى إسرائيل، مقابل كل جثة إسرائيلي موجودة لدى المقاومة في غزة، وإلى جانب هذا هناك نص في المقترح، لإخراج عشرات القيادات الميدانية من حركة حماس الموجودين في قطاع غزة إلى دول عدة.
وذكر مصدر مطلع أنه في حال الموافقة على مقترح ترامب من قبل حركة حماس، فإنه سيصار وبشكل عاجل لعقد مفاوضات “غير مباشرة” يرعاها الوسطاء بعد عودة قطر إلى رعاية هذا الملف من جديد، للتفاوض على البنود الخاصة بخطة الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، والمدد الزمنية لذلك، إضافة إلى التفاوض حول أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم.
وكان مسؤول فلسطيني مطلع أكد أن حركة حماس بدأت الثلاثاء بدراسة خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في قطاع غزة في أطرها القيادية ومع الفصائل الفلسطينية.
وقال المسؤول وهو مقرب من حماس إن الحركة “تبدأ اليوم في سلسلة المشاورات في أطرها القيادية السياسية والعسكرية داخل فلسطين وفي الخارج، وستقدم ردا وطنيا يمثل الحركة وفصائل المقاومة” مشيرا إلى أن المشاورات “قد تحتاج إلى عدة أيام”.
هذا وأعلنت قطر عن اجتماع مساء الثلاثاء في الدوحة بين حماس ووفد تركي لمناقشة خطة ترامب، التي أكدت أن وفد الحركة الفلسطينية وعد بدراستها “بمسؤولية”.
وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري خلال مؤتمر صحافي بالدوحة: “قامت دولة قطر وجمهورية مصر العربية يوم أمس من خلال الاجتماعات التي جرت هنا في الدوحة مع الوفد التفاوضي من حركة حماس بتسليم الخطة، ووعد الوفد التفاوضي بدراستها بمسؤولية، وأنه مازال الوقت مبكرا للرد خاصة أنه تم تسليمها متأخرا مساء الاثنين”.
وأضاف الأنصاري: “اليوم أيضا سيكون هناك اجتماع آخر بحضور الجانب التركي كذلك مع الوفد التفاوضي بهدف التشاور حول هذه الخطة”.
تدعو الخطة إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن لدى حماس في غضون 72 ساعة ونزع سلاح الحركة وانسحاب إسرائيلي تدريجي من القطاع يليه تشكيل مجلس سلام يترأسه ترامب نفسه.
تسلمت حماس الخطة المكونة من 20 بندا الاثنين. وقال مسؤول مُطّلع إن رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومدير المخابرات العامة المصرية محمود رشاد “التقيا مفاوضي حماس وسلموهم خطة العشرين نقطة. وقال مفاوضو حماس إنهم سيدرسون الخطة بحسن نية ويردون عليها”.
في تصريح مصور نُشر على قناته على تلغرام بعد مؤتمره الصحافي مع ترامب، قال نتنياهو: “سنستعيد جميع رهائننا، أحياء وبصحة جيدة، بينما سيبقى (الجيش) في معظم أنحاء قطاع غزة”.
وأكد نتنياهو أنه لم يوافق على قيام دولة فلسطينية خلال محادثاته مع ترامب.
من جانبه، وصف وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، العضو في الحكومة الائتلافية، الخطة بأنها “فشل دبلوماسي مدوّ”.
وقال: “في تقديري، ستكون النهاية حزينة أيضا. سيُجبر أبناؤنا على القتال في غزة مرة أخرى”.
“دعم كامل”
في واشنطن الاثنين، اعتبر ترامب أن السلام في الشرق الأوسط “أقرب ما يكون إلى أن يتحقق”، واصفا الإعلان بأنه “يوم جميل.. أحد أجمل الأيام في تاريخ الحضارات ربما”.
تتضمن خطته نشر “قوة استقرار دولية مؤقتة”، وإنشاء مجلس سلام هو بمثابة سلطة انتقالية برئاسة ترامب نفسه وعضوية رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير.
أشاد بلير بالخطة “الشجاعة والذكية”، علما أنه ما زال مكروها على نطاق واسع في الشرق الأوسط لدوره في حرب العراق عام 2003.
تطالب الصفقة بنزع سلاح مقاتلي حماس بالكامل واستبعادهم من أي مناصب مستقبلية في الحكومة، ولكن سيتم العفو عن أولئك الذين يوافقون على “التعايش السلمي”.
خلال المؤتمر الصحافي، استبعد نتنياهو أن يُسمح للسلطة الفلسطينية بدور في إدارة غزة.
وقال ترامب إن نتنياهو عارض بشدة خلال لقائهما قيام أي دولة فلسطينية، وهو أمر تترك الخطة الأمريكية مجالا له.
وقال نتنياهو: “أدعم خطتكم لإنهاء الحرب في غزة والتي تحقق أهدافنا الحربية”.
وأضاف: “إذا رفضت حماس خطتك، سيدي الرئيس، أو إذا ادعت القبول بها ثم بذلت كل ما في وسعها لتقويضها، فستنهي إسرائيل المهمة بنفسها”.
وقال ترامب إن إسرائيل ستحظى “بدعمه الكامل” للقيام بذلك إذا لم تقبل حماس بالاتفاق.
وأثارت خطة النقاط العشرين ردود فعل كثيرة حول العالم. فقد أشادت دول عربية وإسلامية رئيسية، بينها الوسيطتان مصر وقطر، بـ”الجهود الصادقة” للاتفاق في أعقاب محادثات مسؤولي البلدين مع ترامب الأسبوع الماضي.
كما سارع حلفاء واشنطن الأوروبيون إلى التعبير عن دعمهم، إذ أعرب قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا عن تأييدهم القوي للخطة التي رحب بها رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا وحضّ كلّ الأطراف على “اغتنام هذه الفرصة لإعطاء السلام فرصة حقيقية”.
من جانبه، قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس الثلاثاء إن الخطة هي “أفضل فرصة لإنهاء الحرب” في القطاع. ودعا خلال لقاء مع ذوي رهائن محتجزين في غزة إلى الإفراج عنهم.
أشادت الصين بدورها وأيدت “الجهود الرامية إلى خفض التوتّر بين فلسطين وإسرائيل”، بحسب ما قال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية.
وأعلن الكرملين تأييده لها، وقال الناطق باسمه دميتري بيسكوف إن “روسيا تؤيد وترحب دائما بأي جهود يقوم بها الرئيس ترامب من شأنها إنهاء هذه المأساة المستمرة”. وأضاف: “بالتأكيد نريد أن تنفَّذ هذه الخطة وأن تساعد في إنهاء الأحداث في الشرق الأوسط بشكل سلمي”.
خطة “غير واقعية”
لكن في غزة، بدا السكان مشككين بحظوظ نجاح الخطة.
قال إبراهيم جودة البالغ 39 عاما، من خيمته في منطقة المواصي جنوبي مدينة خان يونس: “من الواضح أن هذه الخطة غير واقعية”.
وأضاف مبرمج الحاسوب النازح من رفح، المدينة الواقعة جنوبي القطاع والتي دمّرتها عملية عسكرية إسرائيلية بدأت في أيار/ مايو 2024، أنّ الخطة لا تقدّم أيّ أفق حقيقي لإنهاء الحرب، و”هذا يعني بالنسبة لنا استمرار الحرب والمعاناة”.
واستمرت الغارات الجوية والقصف الإسرائيلي في أنحاء غزة الثلاثاء، بحسب جهاز الدفاع المدني في القطاع وشهود عيان.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته تنفذ عمليات في أنحاء القطاع، خصوصا في مدينة غزة حيث يشن هجمات كثيفة منذ أسابيع.
وقال الجيش في بيان: “خلال اليوم الماضي، ضرب سلاح الجو الإسرائيلي أكثر من 160 هدفا إرهابيا في جميع أنحاء قطاع غزة، بما في ذلك مواقع إرهابية ومخازن أسلحة ونقاط مراقبة ومواقع للبنية التحتية الإرهابية”.
رحبت السلطة الفلسطينية التي قد تكون مؤهلة لدور في حكومة غزة ما بعد الحرب، بجهود ترامب “الصادقة والحثيثة لإنهاء الحرب على غزة”.
بالمقابل، اعتبر زياد النخالة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، أن خطة ترامب “وصفة لاستمرار العدوان على الشعب الفلسطيني”.
وقال النخالة في بيان صادر عن الحركة: “ما تمّ الإعلان عنه في المؤتمر الصحافي بين ترامب ونتنياهو هو اتفاق أمريكي- إسرائيلي، وهو تعبير عن موقف إسرائيل بالكامل، وهو وصفة لاستمرار العدوان على الشعب الفلسطيني… وصفة لتفجير المنطقة”.
(أ ف ب)