بغداد / تميم الحسن
تردّد المكلّف بعرض "هيكلية الحشد" في جلسة البرلمان يوم السبت الماضي، لأسباب غير معروفة، في تقديم مسودة القانون إلى رئاسة المجلس، رغم أنها كانت في جيبه. في المقابل، غاب نحو 100 نائب من زملائه الشيعة عن الجلسة الأخيرة، التي لم يكتمل نصابها، لانشغالهم بـ"المواكب الحسينية".
ويُعتقد أن "قانون الحشد" — الذي تتضارب الأنباء حول تقديمه رسميًا إلى مجلس النواب — قد يؤجَّل إلى الدورة البرلمانية المقبلة، بسبب "اعتراضات أمريكية" و"مخاوف شيعية" من تمدد رئيسه فالح الفياض في منصبه إلى أجل غير معلوم.
وفي الأسبوع الماضي، نشرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانًا ذكرت فيه أن الوزير ماركو روبيو تحدّث مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بشأن الهجمات الأخيرة على منشآت الطاقة، و"قانون الحشد". وأكد البيان أن "الوزير كرّر المخاوف الأمريكية الجادّة بشأن مشروع قانون هيئة الحشد الشعبي المعروض على مجلس النواب، وأن أي تشريع من هذا النوع سيكرّس النفوذ الإيراني والجماعات المسلحة، مما يقوّض سيادة العراق".
ويستعد البرلمان لتمرير مشروع القانون بهدف منع دمج نحو 300 ألف عنصر من الحشد في المؤسسات الأمنية الرسمية، وتحويل الهيئة إلى "قوة مستقلة" ترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة.
"المسودة لا تزال في جيبي"
يقول قيادي ونائب في أحد الأحزاب الشيعية، التي تمتلك فصيلًا مسلحًا في الحشد الشعبي، إن "النائب (طلب عدم ذكر اسمه)، وهو شيعي، تردد في تقديم مسودة قانون الحشد الشعبي في جلسة السبت". وأضاف النائب، في حديثه إلى (المدى): "لا نعرف بشكل دقيق لماذا لم يُخرج مسودة القانون التي كانت في جيبه، رغم أنني طلبت منه ذلك. ربما لأسباب خاصة به".
لكن تصريحات النائب تتناقض مع وثيقة نُشرت على منصات إخبارية، تشير إلى أن رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان كريم عليوي سلّم، يوم السبت الماضي، مسودة القانون إلى البرلمان لتمريره، لكن الجلسة لم تكتمل لغياب أكثر من 160 نائبًا.
ويعتقد محمد الزيادي، النائب عن كتلة "منتصرون" التابعة لزعيم كتائب سيد الشهداء أبو آلاء الولائي، أن القوى السياسية "غير الشيعية" قاطعت الجلسة بسبب "رفض تمرير قانون الحشد الشعبي". أما النواب الشيعة الذين لم يحضروا، فيقول الزيادي إنهم "مشغولون بالمواكب الحسينية والزيارة الأربعينية".
وبحسب موقع البرلمان، فقد غاب عن جلسة السبت الماضي 164 نائبًا، بينهم نحو 100 نائب شيعي من أصل 180. وأكدت رئاسة المجلس أنه تم خصم مبلغ "مليون دينار" من راتب البرلماني عن كل يوم غياب.
"لسنا جزءًا من إيران"
يرى الزيادي، وهو نائب منشق عن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، قبل انضمامه إلى الولائي، أنه "يجب التفاهم مع القوى المعترضة على قانون الحشد، وإزالة كل المخاوف، بما في ذلك مع الولايات المتحدة". ويدعو إلى "إقناع واشنطن بأن الحشد الشعبي مؤسسة رسمية تلتزم بأوامر القائد العام للقوات المسلحة، وبأن العراق ليس إيران"، معتبرًا أن "من الضروري توضيح للعالم أن لغتنا وعلمنا يختلفان عن إيران ولسنا جزءًا منها".
وقد حذرت أطراف سنية وكردية، من بينها رئيس البرلمان محمود المشهداني ونائبه شاخوان عبد الله، من تمرير قانون الحشد الشعبي، معتبرين أنه قد يشكل "تهديدًا للعراق". لكن القيادي في منظمة بدر، مختار الموسوي، يرى أن المشكلة لا تتعلق فقط بالقوى السنية، بل إن "الشيعة أيضًا يتحملون المسؤولية عمّا جرى في جلسة السبت، لانشغالهم بالانتخابات وعدم حضورهم لتمرير القانون".
عقوبات مشددة
ويقول الموسوي إن "رئاسة المجلس قررت فصل النائب الذي لا يحضر خمس جلسات متتالية… سنفصل واحدًا والبقية سيلتزمون بالحضور"، مؤكدًا أن الجلسة الأخيرة، التي لم يتضمن جدول أعمالها قانون الحشد، حضرها 141 نائبًا، فيما كان آخرون في كافتيريا المجلس "ولا يمكن إجبارهم على الدخول".
ويتطلب اكتمال النصاب القانوني حضور نصف أعضاء المجلس البالغ عددهم 329 نائبًا زائد واحد، أي 165 نائبًا. ويعتقد الموسوي أن "خصم الراتب أو فصل النائب سيؤثر على سمعته وشعبيته حتى في الانتخابات المقبلة".
لكن النائب الزيادي يخالفه الرأي، ويقول إن "النائب ليس طالب مدرسة، وطريقته في الاعتراض هي أن يجلس في الكافتيريا، والنظام الداخلي يسمح له بذلك". ويوضح أن النائب الذي يحضر إلى البرلمان ولا يدخل الجلسة "لا يتم الخصم من راتبه لأنه يُعتبر حاضرًا".
وبحسب بيانات البرلمان، فإن ما بين 150 إلى 165 نائبًا (أكثر من نصف الأعضاء) يتغيبون عن الجلسات بشكل دوري. ويقول الموسوي: "وسط هذا الغياب الذي يبدو مرتبطًا بقرار قانون الحشد، علينا أن نفاجئهم في إحدى الجلسات بعرض المسودة". ويتطلب إدراج قانون خارج جدول أعمال الجلسة تقديم توقيع 50 نائبًا.