غزة – (أ ف ب) – قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنّ هناك مؤشرات إلى “مجاعة حقيقية” في قطاع غزة الذي ينهش الجوع سكّانه، مشيرا إلى أنّ الولايات المتحدة ستنشئ في القطاع الفلسطيني مراكز لتوزيع الغذاء، في حين اغتنمت وكالات الإغاثة الدولية هدنة تكتيكية أعلنتها إسرائيل للبدء بتوزيع المساعدات الأولى التي سمحت الدولة العبرية بدخولها بعد حظر استمر أشهرا عدة.
لكن خارج ساعات الهدنة في المناطق المحددة لها، يواصل الجيش الإسرائيلي غاراته على مختلف أنحاء القطاع المحاصر حيث سجّل الدفاع المدني استشهاد 54 شخصا وإصابة العشرات الإثنين في القصف والغارات وكذلك أيضا بإطلاق نار استهدف المنتظرين بالقرب من نقاط توزيع المساعدات في القطاع الذي تحول إلى أنقاض بعد نحو 22 شهرا من الحرب.
وسقط معظم الشهداء والجرحى في مدينة غزة وفي جنوب القطاع، حيث قال مستشفى ناصر في مدينة خانيونس “استقبلنا 35 شهيدا اليوم الإثنين جراء استهدافات إسرائيلية في خانيونس ورفح”.
وفي الأسابيع الأخيرة، حذّرت الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية من خطر انتشار المجاعة بين أكثر من مليوني نسمة في القطاع الذي تحاصره إسرائيل.
ad
وفي إشارة إلى لقطات لأطفال في غزة شاهدها على التلفاز، قال الرئيس الأميركي “إنها مجاعة حقيقية”، وتابع “لا يمكن محاكاة ذلك (…) “كثر من الناس يموتون من الجوع”.
وأضاف ترامب خلال زيارة يجريها إلى اسكتلندا “نريد إطعام الأطفال … أعني، بعض هؤلاء الأطفال، إنها مجاعة حقيقية”. وأضاف “سننشئ مراكز لتوزيع الطعام يمكن للناس الدخول إليها بحريّة من دون قيود. لن نبني أسيجة”.
وبحسب إسرائيل فقد وزّعت الأمم المتحدة ومنظمات دولية مساعدات في القطاع الإثنين بعد سماحها بدخول 120 شاحنة من مصر لأول مرة منذ شهور.
ad
وقال جميل الصفدي (37 عاما) الذي يقيم في تل الهوى بمدينة غزة “حصلتُ لأول مرة على طحين، حوالى خمسة كيلوغرامات، تقاسمتها مع جاري”.
وأضاف النازح الذي يعيش في خيمة مع زوجته وستة أطفال ووالده المريض “لا أعرف مصدرها… المهمّ أن نحصل على طعام، لأنّ الجوع يكاد يقتل الجميع”.
ومنذ أسبوعين، يستيقظ جميل قبل الفجر ويخرج بحثا عن الطعام. ولأول مرة لم يعد خالي الوفاض. لكنّ آخرين قالوا إن الحظ لم يحالفهم فالمساعدات إما سُرقت وإما تعرض المنتظرون لإطلاق الحراس النار عليهم قرب نقاط التوزيع.
وقال أمير الرشّ الذي يقيم في منطقة الحساينة غرب مخيم النصيرات وسط القطاع “لم أحصل على أيّ مواد غذائية أو طحين”.
وأضاف النازح الذي يبلغ 33 عاما “عندما وصلت صباح اليوم الى شارع صلاح الدين للتوجه الى نقطة المساعدات الأميركية (قرب جسر وادي غزة)، أطلقوا النار على الجميع ورجعت الى البيت، رأيت مصابين وشهداء”.
– “كأنها حرب” –
وقال الدفاع المدني إن شخصا واحدا على الأقل استشهد الإثنين في منطقة جسر وادي غزة قرب مركز تديره “مؤسسة غزة الإنسانية” التي تدعمها الولايات المتحدة وإسرائيل.
في المقابل، استؤنفت عمليات إسقاط المساعدات الغذائية من الجو الأحد. وأعلنت إسبانيا أنها ستلقي 12 طنا من المساعدات من الجو الجمعة. وقالت ألمانيا إنّها ستنظم مع الأردن جسرا جويا إنسانيا لإرسال أغذية وأدوية إلى غزة.
وبعد إسقاط مساعدات في مخيم الزوايدة، سارع مقيمون بينهم أطفال إلى الموقع للحصول عليها. ووسط الفوضى، أطلق رجل النار في الهواء لتفريقهم، لكن دون جدوى، وفق لقطات لوكالة فرانس برس أظهرت عمليات تناتش للمساعدات.
وقال سميح حميد، وهو شاب يبلغ 23 عاما من مدينة غزة “أسقطت الطائرات الإسرائيلية سبعة صناديق من الطعام. وهرع العشرات لالتقاطها. شعرتُ وكأنها حرب”.
وأضاف أنه عائد “فقط بثلاث علب فول.. الجوع لا يرحم”.
وفي ظلّ ضغوط دولية مكثفة، أعلنت إسرائيل الأحد عن “هدنة تكتيكية” يومية لم تحدّد إلى متى ستستمر، من العاشرة صباحا حتى الثامنة مساء، في مناطق محددة من غزة لأغراض إنسانية.
وفي أوائل آذار/مارس، فرضت إسرائيل حظرا تاما على قطاع غزة، متسبّبة بنقص حادّ في الأغذية والأدوية والوقود. ولم يسهم السماح بدخول كميات محدودة جدا في أواخر أيار/مايو بتخفيف الأزمة التي استفحلت، وسجّلت مستشفيات غزة وفاة عدد كبير من الأطفال جراء سوء التغذية الحاد.
وحذّرت منظمة الصحة العالمية من أن سوء التغذية في قطاع غزة بلغ “مستويات مقلقة جدا”، مشيرة إلى أن “الحظر المتعمد” للمساعدات أودى بكثر وهي وفيات كان من الممكن تفاديها.
وأكد مسؤولون في الأمم المتحدة بدء توزيع المساعدات. وقال مسؤول الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فلتشر “هذا تقدّم، إلا أن هناك حاجة الى كميات كبيرة لتجنب المجاعة وأزمة صحية كارثية”.
ووفقا للأمم المتحدة، تنتظر آلاف الشاحنات في الأردن ومصر بانتظار أن تسمح لها إسرائيل بالتوجه إلى غزة.