القاهرة – مصطفى عمارة -القدس
ف ب -باريبس -واشنطن -الزمان
اعتبرت فرنسا الإثنين في افتتاح مؤتمر دولي في الأمم المتحدة أن «لا بديل» من حل (قيام) دولتين تعيشان جنبا إلى جنب بسلام وأمان لتسوية النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو إن «حلا سياسيا يقضي بقيام دولتين هو وحده القادر على الاستجابة للتطلعات المشروعة للإسرائيليين والفلسطينيين بالعيش بسلام وأمان. لا بديل من ذلك».فيما قللت الولايات المتحدة الاثنين من شأن المؤتمر المنعقد في الأمم المتحدة برعاية فرنسية سعودية، بهدف دعم حل الدولتين للصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ووصفته بأنه «حيلة دعائية». ووصفت وزارة الخارجية الأميركية المؤتمر المقرر أن يستمر ثلاثة أيام بأنه «غير مثمر وفي وقت غير مناسب»، قائلة إنه مجرد «خدعة دعائية» من شأنها أن تعرقل جهود إحلال السلام. واعتبرت الخارجية في بيان أن هذا التحرّك الدبلوماسي يشكّل «مكافأة للإرهاب»، كما رأت أن تعهّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاعتراف بدولة فلسطينية من شأنه أن يُفضي إلى «نتائج عكسية». بعد إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس أنه سيعترف بدولة فلسطين رسميا في أيلول/سبتمبر، يأمل المؤتمر الذي دعت إليه الجمعية العامة للأمم المتحدة وترأسه باريس والرياض، في إحياء هذا المسار. والمملكة المتحدة هي من الدول الكبرى التي تريد فرنسا إقناعها بالاعتراف بدولة فلسطين. إلا أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر جدّد التأكيد الجمعة أن الاعتراف «يجب أن يندرج في إطار خطة أشمل»، فيما لا تنوي ألمانيا الإقدام على هذه الخطوة «على المدى القصير». وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى «نحن جميعا مدعوون أكثر من أي وقت مضى للتحرك»، داعيا إلى نشر قوة دولية لحماية الشعب الفلسطيني. وناشد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الاثنين نظيره الأميركي دونالد ترامب وضع حد للحرب في قطاع غزة، مؤكدا أن «الوقت قد حان لإنهاء هذه الحرب». وقال السيسي في كلمة متلفزة بثها التلفزيون الرسمي «أتوجه بنداء خاص للرئيس ترامب.. هو القادر على إيقاف الحرب وإدخال المساعدات وإنهاء هذه المعاناة». يعاني سكان قطاع غزة من أزمة إنسانية حادة تسببت بانتشار سوء التغذية الحاد والجوع جراء الحرب المستمرة منذ 21 شهرا ولا سيما بعد أن فرضت إسرائيل حظرا كاملا على دخول المساعدات والسلع إلى القطاع في آذار/مارس. ولم يؤد نظام لتوزيع المساعدات أقامته إسرائيل وواشنطن عبر «مؤسسة غزة الإنسانية» المثيرة سوى إلى تعميق الأزمة مع مقتل المئات لدى انتظار تلقي الطعام. وواجهت مصر في الآونة الأخيرة انتقادات وجهها نشطاء يقولون إنها تشارك في إغلاق معبر رفح الذي يربط بين مصر وغزة، في ظل تشديد إسرائيل حصارها على القطاع. وأشار السيسي إلى أن كلمته تأتي ردا على ما يتم تداوله للتذكير «بمواقفنا التي كانت دائما مواقف إيجابية».
وأكد السيسي أن عددا ضخما من شاحنات المساعدات مستعد لعبور معبر رفح «ونحن لا يمكن أن نمنعه.. لا قيمنا ولا الظرف و/أو المسؤولية الوطنية والأخلاقية تسمح لنا … ولكن يجب أن يكون المعبر مفتوحا من الجانب الفلسطيني حتى تدخل المساعدات».
في الوقت الذي استمر فيه تدفق المساعدات المصرية لأهالي غزة عبر معبر رفح، كشف مصدر دبلوماسي رفيع المستوى للزمان عن جهود مصرية قطرية مكثفة لاستئناف المفاوضات في العاصمة القطرية خلال الأسبوع القادم، مع تغيير آلية توزيع المساعدات خلال المرحلة القادمة من خلال إنشاء أربع ممرات إنسانية جديدة لتوزيع المساعدات، يتم تأمينها من خلال عدم تحليق الطائرات المسيرة فوق قوافل المساعدات أو المستشفيات، مع زيادة عدد قوافل المساعدات إلى 150 شاحنة يوميًا، وشاحنات للمستشفيات. من جانبه، أكد الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والقيادي بالتيار الإصلاحي لحركة فتح للزمان أن دخول المساعدات إلى غزة تم نتيجة ضغوط غير مسبوقة من قبل المجتمع الدولي بعد أن وقعت 24 دولة، منها فرنسا وبريطانيا وكندا وإسبانيا، على دعوات للضغط على الاحتلال الإسرائيلي لإدخال المساعدات. وحمّل الرقب الولايات المتحدة المسؤولية في إفشال جولة المباحثات الأخيرة بعد أن انقلبوا على الاتفاق الذي تم التوصل إليه، وتبنوا وجهة النظر الإسرائيلية، وتبنوا الخرائط التي قدمتها، وهي خرائط مختلفة عن تلك التي اتفق عليها سابقًا. وحذر الرقب من محاولة الاحتلال الخديعة من خلال الإعلان عن عملية إنزال من الجو في سماء غزة، أكد أنها ستكون محدودة ولا تفي بحاجة السكان، لافتًا إلى أن المفاوضات يجب أن تُستأنف خلال الأيام القادمة، ويمكن أن يحدث تغيير دراماتيكي يؤدي إلى الإعلان عن هدنة. البقية على الموقع
فيما وجّه خليل الحية، المسؤول السياسي لحركة حماس بغزة، رسالة إلى الشعب المصري دعاهم فيها إلى تحمّل مسؤوليتهم لكسر الحصار عن غزة من خلال تحويل معبر رفح إلى معبر للحياة بدلًا من أن يكون معبرًا للموت والقتل والتجويع، وأضاف: إننا نتطلع أن تقوم مصر بدورها لإنقاذ غزة من الموت جوعًا، وألا تقبل أن يظل معبر رفح مغلقًا أمام حاجات أهلها.
في السياق ذاته، أكد عدد من الخبراء السياسيين أن نجاح مصر في إدخال مساعدات عبر معبر رفح وبتأمين من القوات المصرية، يثبت أن مصر بريئة من فرض الحصار على غزة، وأن عدم إدخال المساعدات جاء من الجانب الإسرائيلي الذي يسيطر على الجزء الفلسطيني من معبر رفح. واتهم الخبراء جماعة الإخوان المسلمين والمتعاونين معها بمحاولات تشويه الدور المصري تجاه ما يحدث في غزة.
وفي هذا الإطار، قال السفير حازم خيرت، مساعد وزير الخارجية وسفير مصر الأسبق في إسرائيل، إن الصور التي نقلتها وسائل الإعلام بعد نجاح مصر في إدخال المساعدات لغزة عبر معبر رفح، تثبت أن الجانب الإسرائيلي هو المسؤول عن عرقلة دخول المساعدات لغزة. وأضاف في تصريح للزمان: هناك جهات تزايد على الدور المصري في القضية الفلسطينية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، رغم أن الجميع يعلم أن موقف مصر ثابت من القضية الفلسطينية، والتي رفضت تصفية القضية الفلسطينية ورفضت تهجير الفلسطينيين.
فيما أكدت منظمتا بتسيلم وأطباء لحقوق الإنسان الإسرائيليتان الإثنين أن إسرائيل ترتكب «إبادة جماعية» في قطاع غزة، استنادا إلى تحقيقات أجرتاها.
وفي بيان مشترك تمت تلاوته خلال مؤتمر صحافي في القدس نددت المنظمتان الحقوقيتان بتطوير «نظام إبادة جماعية في إسرائيل يعمل على تدمير وإبادة المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة».
وتنتقد المنظمتان سياسات الحكومة الإسرائيلية بشكل متكرر، لكن اللغة المستخدمة في مؤتمرهما المشترك لإعلان صدور تقريريهما هي الأكثر حدة.
وقالت يولي نوفاك المديرة العامة لمنظمة بتسيلم في البيان «لا شيء يهيئُك لإدراك حقيقة أنك جزء من مجتمع ينفذ إبادة جماعية، إنها لحظة صعبة جدا بالنسبة لنا».
وأضافت «كإسرائيليين وفلسطينيين نعيش هنا ونطلع يوميا على الإفادات والواقع، من واجبنا أن نقول الحقيقة بأوضح صورة ممكنة: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين».
من جانبه، رفض المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ديفيد منسر هذا الاتهام.
وقال خلال إحاطة صحافية «لدينا حرية تعبير في إسرائيل، لكننا نرفض هذا الاتهام بشدة».
وأكد أن «قواتنا المسلحة تستهدف الإرهابيين فقط وليس المدنيين، حماس هي المسؤولة عن معاناة غزة».
أما حماس فرحبت بتحقيقات بتسيلم وأطباء لحقوق الإنسان.
وقالت في بيان إن هذا التوثيق «بمثابة شهادة صريحة من داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه على خطورة ما يرتكبه الاحتلال من جرائم بحق أبناء شعبنا».
اندلعت الحرب في غزة إثر هجوم شنّته حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل 1219 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية.
وردّت إسرائيل بشن حرب مدمّرة قتل فيها 59921 فلسطينيا في قطاع غزة غالبيتهم مدنيون، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التي تديرها حماس، وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
وأُجبر جميع سكان غزة على النزوح مرارا وتكرارا مع تدمير إسرائيل مساحات واسعة من القطاع، فيما تحذّر وكالات الأمم المتحدة من أنهم يعانون من سوء التغذية وتوشك المجاعة أن تفتك بهم.
وخلصت محكمة العدل الدولية في حكم صدر مطلع 2024 في إطار دعوى رفعتها جنوب إفريقيا إلى «احتمال» أن تكون العملية الإسرائيلية في غزة انتهكت اتفاقية الأمم المتحدة لمنع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية.
وتنفي الحكومة الإسرائيلية، بدعم من الولايات المتحدة، التهمة بشدة، قائلة إنها تقاتل لهزيمة حماس وإعادة الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا محتجزين في غزة.
لكن منظمتي بتسيلم وأطباء لحقوق الإنسان، وهما من أبرز المجموعات الحقوقية في إسرائيلية، تشيران إلى أن أهداف الحرب أبعد من ذلك.
واقتبست بتسليم تصريحات صادرة عن كبار السياسيين لإظهار أن إسرائيل «تعمل بشكل منسّق وانطلاقا من نوايا واضحة من أجل تدمير المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة».
- «تفكيك الجهاز الصحي» -
ووثّق تقرير أطباء لحقوق الإنسان ما قالت المنظمة إنه «تفكيك متعمّد وممنهج للجهاز الصحي في قطاع غزة».
وقالت أسيل أبو راس مديرة قسم المناطق المحتلة في منظمة أطباء لحقوق الإنسان، إن ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة حيث «يقتل الأطباء ويعتقلون بشكل غير قانوني ويتعرضون للتعذيب … يظهر هجوما منهجيا على الصحة وتفكيكا متعمدا وتراكميا لنظام الرعاية الصحية».
وتناولت أبو راس مثالا عن امرأة فلسطينية كانت حاملا وكيف أنجبت وهي نازحة «بعيدا عن أي مستشفى يعمل، وهي خائفة في كل خطوة تخطوها».
وأضافت «الشهر القادم من المتوقع أن تلد 5500 امرأة، منهن 1400 سيلدن بعمليات قيصرية، ولا واحدة منهن ستلد في مستشفى آمن ومجهز».
وبحسب أبو راس فإنه بسبب انهيار خدمات الرعاية الصحية، «انخفضت معدلات الولادة بنسبة 41 في المئة».
وطالبت أبو راس الحكومات والهيئات الدولية بالتحرك فورا وإلزام إسرائيل بوقف إطلاق النار وحماية وإعادة بناء النظام الصحي في غزة والسماح بمرور آمن وحر للمساعدات الإنسانية.