الوثيقة | مشاهدة الموضوع - مجازر غزة… أكثر من إبادة جماعية
تغيير حجم الخط     

مجازر غزة… أكثر من إبادة جماعية

القسم الاخباري

مشاركة » الخميس يوليو 24, 2025 7:58 am

6.jpg
 
واشنطن- “القدس العربي”: ما يجري في قطاع غزة ليس مجرد إبادة جماعية، كما تؤكد الكاتبة كايتلين جونستون، بل هو مشهد مركّب يحمل أبعادًا أعمق وأكثر ظلامًا مما نتصور. فهذه الفظائع والمآسي الجماعية التي نشهدها يوميًا، تمثل تطهيرًا عرقيًا ممنهجًا لا يحاول حتى أن يُخفي نواياه. ومع ذلك، ترى جونستون أن هذا الوصف القانوني لا يكفي، فالمجزرة تتجاوز التعريفات القانونية لتصل إلى ما هو أبعد: مشروع لإعادة تشكيل الإدراك البشري.

جونستون: إنها عملية نفسية عميقة تهدف إلى توسيع حدود ما يُعتبر “طبيعيًا” و”مقبولًا”، بحيث يصبح من السهل تمرير ممارسات أكثر وحشية في المستقبل دون مقاومة تذكر

وتُظهر جونستون في مقالها التحليلي أن ما يحدث ليس فقط إبادة، بل تجربة اجتماعية ضخمة تُختبر من خلالها قدرة الجماهير على التحمّل، ومدى قبولها للفظائع المتكررة دون أن تهتز أركان النظام الإمبراطوري العالمي. إنها عملية نفسية عميقة تهدف إلى توسيع حدود ما يُعتبر “طبيعيًا” و”مقبولًا”، بحيث يصبح من السهل تمرير ممارسات أكثر وحشية في المستقبل دون مقاومة تذكر.

وتلفت الكاتبة على منصتها الخاصة إلى أن هذه المجزرة تُعد تجليًا كثيفًا لمجموعة من الأمراض البنيوية التي تعاني منها الحضارة الغربية: الصهيونية، الاستعمار، العسكرة، الرأسمالية الجشعة، الغطرسة الإمبريالية، البروباغندا، الجهل المتعمد، اللامبالاة الأخلاقية. إنها لحظة تاريخية تنكشف فيها هذه العلل كلها، وتتعرّى على مرأى من العالم، بلا حياء ولا مواربة.

جونستون: المجزرة ليست فقط جريمة أخلاقية، بل أداة سياسية تُستخدم لضمان استمرارية نظام عالمي عنيف ومتغطرس

وتُحمّل جونستون النظام الإمبراطوري الغربي المسؤولية المباشرة، إذ ترى أنه يعيش على الأكاذيب والتناقضات، متخفيًا خلف أقنعة برّاقة من “الديمقراطية الليبرالية” و”الإنسانية الزائفة”. وتضيف أن المجزرة ليست فقط جريمة أخلاقية، بل أداة سياسية تُستخدم لضمان استمرارية نظام عالمي عنيف ومتغطرس، لا يتردد في سحق شعوب بأكملها حفاظًا على امتيازاته.

كما تؤكد أن ما يجري في غزة يُعدّ مرآة صادمة تعكس حال العالم المعاصر، وتكشف المواقف الحقيقية للأفراد والدول والمؤسسات. فمن يزعم الدفاع عن حقوق الإنسان، يُختبر الآن: هل يلتزم فعليًا بالمبادئ، أم يتواطأ بالصمت أو التبرير؟ المجزرة، في رأيها، لحظة انكشاف لكل من اختبأ طويلًا خلف خطاب أخلاقي مزيف.

جونستون: ما يحدث فرصة نادرة: حافز جماعي ونداء تعبوي لكل من يرفض الاستسلام. المجزرة، دعوة إلى الثورة، إلى مواجهة البُنى القاتلة التي تحكم العالم، إلى قلب الطاولة على منظومة تسعى إلى تطبيع الإبادة، وتحويل القمع إلى عرف

وبرغم كل هذا الظلام، ترى جونستون في ما يحدث فرصة نادرة: حافز جماعي ونداء تعبوي لكل من يرفض الاستسلام. المجزرة، من هذا المنظور، هي دعوة إلى الثورة، إلى مواجهة البُنى القاتلة التي تحكم العالم، إلى قلب الطاولة على منظومة تسعى إلى تطبيع الإبادة، وتحويل القمع إلى عرف.

وفي ختام مقالها، تسأل كايتلين جونستون السؤال الأخطر: هل سنواصل الانحدار في هذه الدوامة التدميرية؟ أم سنجرؤ على كسر الحلقة، ومواجهة أنفسنا أولًا، قبل أن نواجه هذا النظام الوحشي؟ ما يحدث في غزة، كما تقول، ليس مجرد حدث سياسي أو مأساة إنسانية، بل اختبار وجودي لضمير العالم، ودعوة صريحة لأن نُعيد تخيّل حضارتنا من جديد على أسس عادلة، وإنسانية، وصادقة.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار