بغداد ـ «القدس العربي»: تعرّضت مواقع حيوية وأخرى مدنية، فجر أمس الثلاثاء، إلى هجمات متزامنة، صاروخية وأخرى بطائرات مسيّرة مجهولة المصدر، في محافظات كركوك وصلاح الدين وزاخو شمال العراق، وفيما لم يصدر عن الجهات الأمنية الرسمية أيّ موقف، رجّح قائد عسكري كردي تورّط تنظيم «الدولة الإسلامية» في هذه الحوادث، معتبراً أن مسلحيه ينشطون في فترات التوترات.
10 مسيّرات
وأكد قائمقام قضاء بيجي في محافظة صلاح الدين، عادل الدرج، أن «مصفى بيجي تعرض لهجوم بأكثر من 10 طائرات مسيرة فجر الثلاثاء»، مؤكداً «التعامل مع الموقف ومعالجته من قبل الجهات الأمنية والفنية المختصة».
ووفق تصريحات المسؤول المحلي التي نقلتها مواقع إخبارية محلية، فإن الهجوم «لم يسفر عن إصابات بشرية، والتحقيقات جارية لكشف الجهة المنفذة والعمل مستمر لتعزيز حماية المنشأت الحيوية».
في حين قالت وزارة النفط الاتحادية، في بيان صحافي أمس، إن «النشاطات الإنتاجية لمصفى الصمود في بيجي مستمرة ولا يوجد أي توقف لها»، مبينة أن «المصفى لم يتعرض لأي حادث بسبب سقوط أجسام غريبة في داخل المصفى أو محيطه».
وأكدت أن «التنسيق مستمر مع الجهات الأمنية بشأن حماية المنشآت النفطية»، مشيدة بـ «جهودهم الكبيرة في تحقيق البيئة الآمنة للعمل».
في الأثناء، كشف محافظ كركوك، ريبوار طه، تعرض مطار كركوك الدولي إلى هجمات بمقذوفات، ما دفع السلطات إلى رفع درجة الاستنفار الأمني في عدد من المنشآت الحيوية شمالي البلاد.
وقال في تصريح أدلى به للصحافيين إن «الهجوم لم يُسفر عن إصابات بشرية مباشرة، واقتصرت الأضرار على خسائر مادية محدودة تمت السيطرة عليها»، مؤكداً أن «الاستهداف جاء بعد نجاح قوات الأمن في قتل عدد من عناصر تنظيم داعش في أطراف المدينة».
وأضاف أن «الوضع تحت السيطرة وأن الفرق الفنية والأمنية تتابع التحقيقات لمعرفة الجهة المنفذة ونوع المقذوفات»، مؤكداً أن «لجنة تحقيقية سوف تكشف ملابسات الحادثة والجهة التي تقف خلفها».
وكان مدونون قد نشروا لقطات مصورة قالوا إنها من المطار فور تعرضه لقصف مجهول، فيما بدت ألسنة النار واضحة في مناطق بعمق المطار.
وأعلنت إدارة المطار سقوط مقذوفات مجهولة المصدر تسببت بحريق واصابة شخص واحد بجروح.
وذكرت في بيان صحافي نشرته في ساعة متأخرة من ليلة الإثنين/ الثلاثاء، قبل أن تُقدم على حذفه لأسباب مجهولة، حسب مصادر صحافية، أنه «في الساعة 11:30 مساء سقطت 3 مقذوفات مجهولة المصدر، 2 منها سقطتا في الجانب العسكري وقذيفة واحدة سقطت في الجانب المدني».
وأوضحت أن ذلك تسبب بـ«حريق في الحشائش القريبة من البوابة القريبة من الجانب العسكري، حيث تم إخماد الحريق من قبل قسم الإطفاء التابع لمطار كركوك الدولي».
وأشارت إدارة المطار الى أن «حصيلة الهجوم هي إصابة شخص واحد بجروح خفيفة، ولا توجد أضرار في المدرج»، فيما نقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤول طلب عدم الكشف عن هويته تأكيده «إصابة عنصرين أمنيين بجروح طفيفة» في استهداف المطار.
وبينت إدارة المطار أن «جميع مرفقات المطار لم تتأثر وتمت الاستجابة السريعة من قبل قيادة عمليات كركوك والقطعات الموجودة في محيط المطار»، أنها قامت بالانتشار في محيط المطار «ولا يوجد أي تهديد ولن يؤثر الحادث على جدول الرحلات».
مسؤول عسكري كردي يرجّح تورّط تنظيم «الدولة»
وعقب حذّف ذلك البيان، سارعت إدارة المطار إلى نشر بيان جديد أكدت فيه «عدم تضرر» منشآته، وأن الرحلات فيه تسير بانسيابية طبيعية، مشيرة إلى عدم تسجيل أي أضرار في المطار.
وأشارت إلى أنه «في ضوء ما تم تداوله عبر بعض وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، تود إدارة مطار كركوك الدولي أن توضح للرأي العام والمواطنين الكرام أن ما أُشيع بشأن تعرض المطار لأي أضرار مادية أو بشرية هو عارٍ عن الصحة تماماً».
وأضافت أن «مفاصل المطار كافة، من المدرج المدني إلى البنى التحتية والمرافق التشغيلية، لم تُسجَّل فيها أي أضرار أو اختلالات فنية، كما أن جدول الرحلات يسير بانسيابية تامة، وفق التوقيتات المحددة، مع الالتزام الكامل بمعايير السلامة الجوية الدولية المعتمدة من منظمة الإيكاو».
وتابعت أن «مطار كركوك الدولي، باعتباره أحد النوافذ الحيوية لربط العراق بالعالم، يواصل أداء مهامه بكفاءة واستعداد تام لاستقبال وترحيل جميع الرحلات الجوية المجدولة، دون أي تأخير أو تعطيل».
وفي كركوك أيضاً، شهدت القاعدة العسكرية في المحافظة التي تعدّ أبرز المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، ومنزل مدني، سقوط صاروخين من دون تسجيل خسائر بالأرواح.
الوكالة الحكومية نقلت عن مصدر أمني وصفته بـ«الرفيع» قوله إن «قاعدة كركوك تعرضت إلى قصف بصاروخين نوع كاتيوشا، أحدهما سقط بين المدرجين الأول والثاني»، مؤكداً «عدم وجود خسائر بالأرواح والمعدات».
وأضاف أن «الصاروخ الآخر سقط على منزل في حي العروبة في محافظة كركوك».
ووثق مدونون ومواقع إخبارية محلية مشاهد مصورة لحجم الأضرار التي خلفها الصاروخ، ولقاءات أجروها مع أصحاب المنزل المتضرر من الحادثة. وفي الموازاة، سقطت طائرة مسيّرة مجهولة داخل إحدى المدارس في مخيم «دركار» للنازحين الإيزيديين، التابع لقضاء زاخو في محافظة دهوك في إقليم كردستان العراق، حسب ما أظهره مقطع فيديو.
وكشف ممثل حكومة إقليم كردستان في قيادة العمليات المشتركة العراقية، اللواء عبد الخالق طلعت، عن تفاصيل الهجمات التي استهدفت مدينة كركوك ومخيماً للنازحين في حدود زاخو، مشيراً إلى تصاعد نشاطات تنظيم «الدولة الإسلامية» مؤخرًا في مناطق متعددة.
وقال طلعت لوسائل إعلام كردية تابعة للحزب «الديمقراطي» الكردستاني، إن «الهجمات التي وقعت مساء أمس (الأول) جاءت بالتزامن مع اشتباكات اندلعت بين القوات العراقية وتنظيم «داعش» في منطقة بيجي وفي منطقة بلكانة»، مضيفًا أن «مؤشرات تحركات التنظيم قد زادت في الأيام الأخيرة، خصوصًا في مناطق داقوق، طوزخورماتو، والمناطق المحيطة بكركوك».
وكانت قوات الأمن العراقية قد نفذت عملية عسكرية أدت إلى مقتل 3 من مسلحي تنظيم «الدولة الإسلامية» في أطراف محافظة كركوك.
وأضاف المسؤول العسكري الكردي أن «هذه الأحداث تؤكد على حقيقتين أساسيتين: أولًا، داعش لم ينتهِ بعد، وثانيًا، أن التنظيم يستغل التوترات الأخيرة لإعادة تنشيط تحركاته».
وحول مصدر الهجمات، بيّن طلعت أن «مصدر الهجمات كان من داخل العراق، وتهدف إلى خلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، لا سيما في مناطق مثل داقوق، خورماتو، بلكانة، التي تعاني من هشاشة أمنية بسبب طبيعة هذه المناطق».
إلى ذلك، يتفق القيادي في تحالف «الفتح»، عدي عبد الهادي، مع فرضية القائد العسكري بشأن تورط التنظيم في الهجوم الصاروخي الذي استهدف مطار كركوك الدولي.
ويقول إن «تنظيم داعش فقد خلال النصف الأول من عام 2025 أكثر من 19 من قياداته البارزة في قواطع كركوك وصلاح الدين، نتيجة جهد استخباري دقيق من مختلف التشكيلات الأمنية، إضافة إلى ضربات جوية نوعية»، مؤكداً أن «الهجوم الأخير يحمل بصمات خلية نائمة مرتبطة بالتنظيم وتحاول خلط الأوراق».
محاولات يائسة
وأضاف أن «العملية لم تحقق أي نتائج تُذكر، ولم تُعطّل نشاط المطار أو تثير الذعر بين المواطنين، ما يؤكد فشلها»، مشدداً على أن «الأجهزة الأمنية قادرة على الوصول إلى الخيوط التي ستقود إلى اعتقال أفراد الخلية المنفذة».
وأشار إلى أن «تنظيم داعش يعيش لحظاته الأخيرة في تلك القواطع، ومحاولاته اليائسة لن تنجح في زعزعة الاستقرار الأمني». وحتى وقت إعداد التقرير، لم يصدر عن الجهات الأمنية الاتحادية أيّ موقف أو بيان رسمي يتحدث عن طبيعة الهجمات والأضرار التي خلفتها.