الوثيقة | مشاهدة الموضوع - قطع الطّرقات وسُقوط أوّل شهيد للحِراك اللبناني ودُخول الأحزاب على خَط الحِراك كلّها مُؤشّرات لفراغٍ دُستوريٍّ وانهيارٍ أمنيّ.. لماذا نرفُض وضع اللّبنانيين أمام خِيارين: الحرب الأهليّة أو القُبول بالفساد والفاسدين؟ ألا يوجد خِيار ثالث؟
تغيير حجم الخط     

قطع الطّرقات وسُقوط أوّل شهيد للحِراك اللبناني ودُخول الأحزاب على خَط الحِراك كلّها مُؤشّرات لفراغٍ دُستوريٍّ وانهيارٍ أمنيّ.. لماذا نرفُض وضع اللّبنانيين أمام خِيارين: الحرب الأهليّة أو القُبول بالفساد والفاسدين؟ ألا يوجد خِيار ثالث؟

مشاركة » الجمعة نوفمبر 15, 2019 3:47 pm

10.jpg
 
دخل الحِراك الشعبيّ اللبنانيّ اليوم شَهره الثّاني دون أيّ مُؤشّر على تحقيق أيّ من مطالبه المشروعة في اجتِثاث المُحاصصة الطائفيّة، ونظام الفساد ورُموزه، وتخفيف الأعباء المعيشيّة عن طبَقة المسحوقين في البِلاد، وهُم الأغلبيّة، والأكثر من ذلك أن مرحلة “الفراغ” الدستوريّ التي حذّر منها السيّد حسن نصر الله، أمين عام “حزب الله”، قد بَدأت باستقالة حُكومة الرئيس سعد الحريري، وتعثّر تشكيل حُكومة جديدة، سواءً كانت برئاسته أو شخصيّة سنيّة أخرى.
لم يُجاف السيّد إلياس أبي صعب، وزير الدفاع اللبناني، الحقيقة عندما عبّر اليوم عن مخاوفه من تدهور الأوضاع في لبنان واقتِرابه أكثر من الفوضى المُدمّرة في ظِل إغلاق بعض الطرق الرئيسيّة، ومقتل أحد المُحتجّين برصاص الجيش، ومُقارنة السيّد أبي صعب بين هذا التّدهور ونظيره الذي مَهّد لاندِلاع شرارة الحرب الأهليّة عام 1975، واستمرّت 15 عامًا.
لا نعتقد أنّ الوزير أبي صعب بالغ كثيرًا في مخاوفه هذه، رُغم أنّ الظّروف والمُسبّبات التي فجّرت الحرب الأهليّة المذكورة مُختلفةٌ كُلِّيًّا عن نظيرتها الحاليّة، ولكن من الواضح أنّ الفلتان الأمنيّ يكبُر ويتضخّم مِثل كُرة الثّلج، وبات في انتظار العُنصر المُفجّر، وأنّ هُناك جِهات وأحزاب لبنانيّة، بأجندات خارجيّة تسعَى لهذا الانفجار، بل وتُعجِّل بحُدوثه، وهي جِهات وأحزاب باتت معروفةً للشّعب اللبناني على أيّ حال، وتتّضح هُويّتها وأدوارها يومًا بعد يوم، ومن المُفارقة أنّ بعضها لَعِب دَورًا رَئيسيًّا في إشعال فتيل الحرب الأهليّة قبل 35 عامًا.
حتى لا يُساء فهمنا نُعيد التّأكيد بأنّنا في هذه الصّحيفة، ومُنذ اليوم الأوّل، وقَفنا، وما زِلنا، في خندق الحِراك الشّبابي، وأيّدنا دون تحفّظ جميع مطالبه في اجتِثاث الفساد ومُحاكمة الفاسدين واسترداد كُل الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة، وتشكيل حُكومة من الكفاءات، وإجراء انتخابات تشريعيّة لبنانيّة وِفق نظام انتخابيّ جديد يجعل من لبنان دائرة واحدة للقَضاء على المُحاصصة الطائفيّة التي هي أحد أبرز الأسباب الرئيسيّة التي أوصَلت لبنان إلى هذا الوضع المُزري، ولكنّنا في الوقت نفسه نرفُض الفوضى والانجِرار إلى مِصيدة الاقتِتال الداخلي، ونرى أنّ قطع الطّرق وتعطيل حركة النّاس، والتّحشيد الطّائفي، هي الوصفة الأخطر للفوضى وانهِيار الدولة.
تخيير الشعب اللبنانيّ وحِراكه المشروع من بعض الجِهات بين الحرب الأهليّة أو القُبول بالواقع الحالي العَفِن على الصُّعد السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة كافّة، استهتار بهذا الشّعب وكفاءاته العالية، علاوةً على كونه إهانة له، ومُحاولة لإرهابه، ووأد الحِراك قبل أن تتم الاستجابة لأيٍّ من مطالبه المشروعة.
الرِّهان على الوقت لدفع المُحتجّين إلى الملل واليَأس، لم ينجح، ولن ينجح، لأنّ هؤلاء الشّباب باتوا أكثر صلابةً، وأكثر استِعدادًا على الاستمرار حتى تحقيق جميع مطالبهم، ولكنّنا في الوقت نفسه نُطالب هؤلاء، أو نتمنّى عليهم بالأحرى، التحلّي بأعلى درجات الوعي والمسؤوليّة، لتَجنُّب انهيار الدولة اللبنانيّة.
لا يُضيرنا أن نُعيد التّأكيد مرّةً ثانية وثالِثة وعاشرة، أنّنا مع المُقاومة، ونقِف في خندقها دون تردّد، ولكنّنا نُريد أن يكون هذا الخندق طاهِرًا، وغير مُدنّس من الفاسدين أيًّا كانت طوائفهم، لأنّ لبنان الخالِ من الفساد والطائفيّة، والذي تسوده العدالة الاجتماعيّة والانتِصار للفُقراء والمُعدَمين، هو الدّاعم الأكبر للمُقاومة والحامِي لها.
لا بُد من التّجاوب مع مطالب المُحتجّين، وبأسرعِ وقتٍ مُمكن، ولتكُن البداية حُكومة كفاءات برئاسة رئيس وزراء كَفُؤ أيضًا، نظيف، ومُؤهّل، وغير مُرتبط بأيّ قِوى خارجيّة، وبُوصلته الوطنيّة لبنانيّة على غِرار السيّد قيس سعيّد رئيس تونس، فهذا هو الطّريق الأقصر لمنع الاقتِتال الداخلي والحرب الأهليّة، ووضع لبنان مُجدَّدًا على طريق الأمن والاستقرار والوحدة الوطنيّة.
“رأي اليوم”
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى اراء