الوثيقة | مشاهدة الموضوع - القِوى السياسيّة العِراقيّة بحُضور سليماني قرّرت إخماد الانتفاضة الشعبيّة بالقُوّة.. وعبد المهدي يتعهّد بسِلسلة من الإصلاحات وتعديل وِزاري يُلغي المُحاصصة الطائفيّة.. هل انتصر النّفوذ الإيراني على خصمه الأمريكي في العِراق؟ وهل سنرى تطبيقًا مُماثلًا لهذه ا
تغيير حجم الخط     

القِوى السياسيّة العِراقيّة بحُضور سليماني قرّرت إخماد الانتفاضة الشعبيّة بالقُوّة.. وعبد المهدي يتعهّد بسِلسلة من الإصلاحات وتعديل وِزاري يُلغي المُحاصصة الطائفيّة.. هل انتصر النّفوذ الإيراني على خصمه الأمريكي في العِراق؟ وهل سنرى تطبيقًا مُماثلًا لهذه ا

مشاركة » السبت نوفمبر 09, 2019 4:04 pm

9.jpg
 
الاجتماع الذي انعقد بالأمس في بغداد وحضره الجنرال قاسم سليماني، رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، وحُضور جميع قادة الأحزاب والكُتل البرلمانيّة، وعلى رأسهم السيّد مقتدى الصدر، وعمار الحكيم، وهادي العامري، والسيّد محمد رضا السيستاني، نجل السيّد علي السيستاني، المرجع الديني العِراقي الأعلى، هذا الاجتماع غير المسبوق، أدّى إلى توحيد “البيت الشيعي” وحشده خلف حُكومة عادل عبد المهدي، وتقديم كُل الدّعم لها، وإنهاء الانتفاضة الشعبيّة بالقُوّة مهما كلّف الأمر تَجنُّبًا للفوضى، ولإغلاق الأبواب أمام التدخّل الأمريكي السعودي الإسرائيلي المُتّهم بالوقوف خلف الاحتِجاجات الشعبيّة، حسب تصريحات السيّد علي خامنئي، المُرشد الأعلى للثورة الإيرانيّة.
الانتفاضة الشعبيّة العِراقيّة باتت تقِف أمام خِيارين رئيسيين: الاستمرار ومُواجهة القِوى الأمنيّة العِراقيّة التي أصبحت تُشدِّد الخِناق عليها وتستخدم القوّة لتحقيق هذا الغرض، أو التوقّف تَجنُّبًا لحُدوث خسائر بشريّة كبيرة، والاكتفاء بما حقّقته حاليًّا من بعض الإنجازات وأهمّها إحداث صدمة للنّظام السياسي الطائفي القائم على المُحاصصة، والقُبول بتعديلٍ وِزاريٍّ شامِل وعد به السيّد عادل عبد المهدي، إلى جانب تعهّداته بتغيير النّظام الانتخابي، واجتِثاث الفساد من جُذوره، وتقديم تعويضات ماليّة لكُل أُسرة عِراقيّة تحت خط الفقر، ومُحاكمة الفاسدين وإصلاح النّظام القضائي.
التّحالف الوحيد الذي عارَض هذا الاتّفاق وأعلن موقفه إلى جانب الانتفاضة الشعبيّة هو “تحالف النّصر” الذي يقوده السيّد حيدر العبادي، رئيس الوزراء السابق، المعروف بمُعارضته للنّفوذ الإيراني في العِراق، وتأييده للولايات المتحدة الأمريكيّة، وهي المواقف، وخاصّةً تأييده للحِصار الأمريكيّ على طِهران، التي أدّت إلى الإطاحة به وتحالفه من السّلطة.
السيّد عبد المهدي أصدر بيانًا مُطوّلًا ربّما لتبرير استخدام القبضة الحديديّة ضِد المُحتجّين، استخدم فيه لهجةً “ناعمةً” ومُؤيّدةً للانتفاضة الشعبيّة، لدرجة أنّه وصَف القتلى بالشّهداء، ومُواصلة التّحقيقات في قضاياهم وتقديم مُطلقي النّار إلى العدالة لمُحاسبتهم، وبرّر إقدام حُكومته على إغلاق وسائل التواصل الاجتماعي بأنّه عائدٌ إلى منع استخدامها على التّحريض على العُنف والكراهية.
من الصّعب علينا التنبّؤ بما يُمكن أن تحمله الأيّام، بل السّاعات المُقبلة من تطوّرات على ضُوء القرار الذي صدر عن الاجتماع المذكور بإنهاء الانتفاضة بالقُوّة، ولكنّ بعض الأنباء التي حملتها وكالات عالميّة من بغداد تُؤكّد أنّ قوّات الأمن التي نزلت بقُوّةٍ إلى الشّوارع والميادين استولت على ثلاثة جُسور من أربعة يُسيطر عليها المُحتجّون، وقرّرت حصر المُظاهرات في ميدان التحرير فقط، وربّما تَمهيدًا لمنعها بشَكلٍ كُلِّيٍّ لاحقًا.
إيران القُوّة الأكثر نُفوذًا تتّجه حتى الآن للانتصار على خصمها الأمريكي الذي يُنافسها على الأرض العِراقيّة، وذلك لتعزيز موقفها الإقليمي الاستراتيجي، خاصّةً بعد إقدامها على خطوات تتّسم بالتحدّي لهذا الخَصم، وحُلفائه في المِنطقة بإقدامها على تنفيذ المرحلة الرابعة من تهديداتها بزيادة منسوب التّخصيب لليورانيوم في مُنشآتيّ فوردو ونطنز النوويتين وإسقاط طائرة مُسيّرة مجهولة فوق مضيق هرمز تقول تسريبات في وسائل إعلام مُقرّبة من إيران إنّها إسرائيليّة انطلقت من البحرين، ولم تَصدُر أيّ تأكيدات لهذه الأنباء أو حتى نَفيًا لها.
قرار إيران وحُلفائها بإنهاء الانتفاضة الشعبيّة العِراقيّة لقطع الطريق على النّفوذ الأمريكي، ومَساعيه من أجل زعزعة الجِوار العِراقي، وإذكاء نار الفوضى والاقتتال الداخلي، حسب ما يقول المسؤولون الإيرانيّون، قد يتكرّر حَرفيًّا في لبنان في حال نجاحه، فالسيّد حسن نصر الله زعيم “حزب الله” عارض بقُوّةٍ استقالة حكومة الحريري، وزعزعة استقرار الدولة اللبنانيّة ومُؤسّساتها مَنعًا لحُدوث فراغٍ تملأه الفوضى وربّما الاقتِتال الداخليّ الذين تدفع باتّجاههما قِوى خارجيّة، مثلما قال في آخِر خِطاباته.
الحِراكان في العِراق ولبنان هُما الأكثر شَرعيّةً، وتعبيرًا عن مظالمٍ شعبيّةٍ استفحلت على أيدي الطّبقة الحاكمة، والنّظام الطّائفي الذي تتستّر خلفه لمُواصلة فسادها ونهبها لثَروات الفُقراء والمسحوقين، وأيّ مُحاولات لإنهاء هاتين الانتفاضتين، ودون تحقيق جميع مطالبها، أو مُعظمها على الأقل، لن يُكتَب لها النّجاح، حتّى لو جرى إخمادها بالقبضة الحديديّة لأنّ الشّعب اكتَشف مصادر قوّته، والنّار ستَظل تحت الرّماد.. فالحَذر الحذَر.
“رأي اليوم”
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى اراء

cron