الوثيقة | مشاهدة الموضوع - ما هي الرسائل التي حاول الأمير بن سلمان توجيهها الى ايران وحلفائها من خلال مقابلته الأخيرة مع محطة “سي بي اس” الامريكية؟ وهل جاء ميله للتهدئة نتيجة للخذلان الأمريكي و”إنجازات” الحوثيين العسكرية في ابقيق ومحور نجران والخسائر الضخمة في المعركتين؟ ولماذا لا
تغيير حجم الخط     

ما هي الرسائل التي حاول الأمير بن سلمان توجيهها الى ايران وحلفائها من خلال مقابلته الأخيرة مع محطة “سي بي اس” الامريكية؟ وهل جاء ميله للتهدئة نتيجة للخذلان الأمريكي و”إنجازات” الحوثيين العسكرية في ابقيق ومحور نجران والخسائر الضخمة في المعركتين؟ ولماذا لا

مشاركة » الاثنين سبتمبر 30, 2019 5:55 pm

16.jpg
 
من تابع تفاصيل المقابلة التي بثتها قناة “سي بي اس” الامريكية فجر اليوم الاثنين مع الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، وتعبيرات وجهه، وطريقة اجابته على الأسئلة، يخرج بالعديد من الانطباعات حول تطورات الأوضاع السعودية والإقليمية.

الأول: ان الأمير بن سلمان كان يتحدث كالرجل صاحب القرار الأول والأخير في بلاده وليس كولي عهد، ونادرا ما ذكر والده الملك سلمان، واكد انه يتحمل المسؤولية الكاملة عن جريمة مقتل الصحافي جمال خاشقجي لأنها وقعت “في عهده”، وباعتباره المسؤول الفعلي عن إدارة شؤون البلاد ولديه ثلاثة ملايين موظف.
الثاني: انه كان يميل الى التهدئة ويجنح للسلم تجاه الخصم القوي للمملكة، أي ايران، وهذا الطرح يختلف كليا عن لهجته التصعيدية في معظم، ان لم يكن، كل مقابلاته السابقة، وخاصة تجاه ايران وحلفائهم في اليمن.
الثالث: ان الأمير بن سلمان الذي اتخذ قرار بلاده بالهجوم على اليمن تحت عنوان إعادة الشرعية، حرص على التأكيد بأنه منفتح على جميع المبادرات الهادفة للتوصل الى حل سلمي للحرب اليمنية، ويفضل الحل السياسي على الحل العسكري.

التفسير الأبرز لهذا التحول في السياسة السعودية والجنوح للسلم يعود بالدرجة الأولى الى “حالة الخذلان” والشعور بالخديعة التي تعيشها المملكة وقيادتها من قبل حلفائها الغربيين، والامريكان بالذات، الذين تخلوا عنها، وتركوها لوحدها تواجه هجمات إيرانية، او من قبل اذرعة عسكرية مدعومة منها، ولم يقدموا على أي رد انتقامي على استهداف المنشآت النفطية في عمقها ثلاث مرات متتالية أدت الى خفض انتاجها الى النصف، خاصة بعد عملية ابقيق وخريص، مركز أعصاب الصناعة النفطية السعودية.
صحيح ان هذه المقابلة مع ولي العهد السعودي أجريت قبل ثلاثة أيام من اعلان حركة “انصار الله” الحوثية عن انتصار عسكري كبير حققته قواتها في محور نجران تمثل في اسر 2000 جندي، نسبة كبيرة منهم من السعوديين، والاستيلاء على مئات العربات المدرعة، وتحرير حوالي 350 كيلومترا مربعا من الاراضي، وقتل واصابة 500 جندي، ولكن الامر المؤكد ان الأمير بن سلمان كان يعلم بتفاصيلها بحكم منصبه كوزير للدفاع الى جانب ولايته للعهد، ولهذا انعكس هذا “الإنجاز الحوثي” بشكل لافت على لهجة المقابلة وترجيح كفة الحل السلمي ليس مع حركة “انصار الله”، وانما مع ايران أيضا.
من الواضح ان الأمير بن سلمان فتح المجال امام الوسطاء والوساطات مع ايران، بل ربما كان “محرضا” في هذا المضمار، فليس من قبيل الصدفة ان يعلن كل من السيد عمران خان، رئيس الوزراء الباكستاني في الأمم المتحدة عن طلب سعودي لوساطة بلاده في الخلاف مع ايران، في الوقت نفسه كشف فيه السيد عادل عبد المهدي، رئيس الوزراء العراقي، الذي زار الرياض الأسبوع الماضي عن طلب مماثل للوساطة مع ايران تنهي العديد من القضايا الخلافية معها، وعلى رأسها حرب اليمن.
الحكومة الإيرانية وعلى لسان السيد علي ربيعي المتحدث باسمها كشفت عن رسائل سرية بعثت بها نظيرتها السعودي الى الرئيس حسن روحاني على وجه الخصوص، طلبا للحوار حملها رؤساء دول، ولكنها اشترطت، أي ايران، التخلي عن السرية للتجاوب مع هذه الرسائل.
الأمير بن سلمان، وبعد ما يقرب من الخمس سنوات من الحرب في اليمن، بات يدرك انه لن يخرج منتصرا فيها، والاهم من ذلك ان الخصم الحوثي المدعوم من ايران ومحور المقاومة استطاع ان يغير قواعد الاشتباك، وينتقل من الدفاع الى الهجوم وبشكل فاعل ومؤثر، بالصواريخ الباليستية والكروز المجنحة والطائرات المسيرة، ويعطل ويعطب منشآت “أرامكو” النفطية، وانتاجها، وجميع مطارات الجنوب، في ظل حالة شبه انهيار للدفاعات السعودية الأرضية والجوية رغم عشرات المليارات التي جرى انفاقها لشراء منظوماتها الامريكية الصنع.
جميع رهانات ولي العهد السعودي على ضربات أمريكية او إسرائيلية لإيران ثبت فشلها، مثلما ثبت أيضا ان إدارة الرئيس ترامب استخدمت “الفزاعة” الإيرانية لابتزاز المملكة ماليا بشكل مباشر او عبر صفقات أسلحة ثبت فشلها في التصدي للصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية الحوثية، التي لم تكلف الا بعضة آلاف لإنتاجها محليا عبر استيراد التكنولوجيا الإيرانية.
اخطر نتائج الحرب اليمنية انها هزت هيبة الدولة السعودية، وصورتها في اذهان مواطنيها أولا، والرأي العام بشقيه الإسلامي والعربي، وباتت هذه الدولة تواجه اتهامات بارتكاب جرائم حرب، وهي التي كانت حتى سنوات قليلة تعتبر حمامة سلام، ووسيطا مثاليا مقبولا لإنهاء الحروب، وحل الخلافات في العالمين العربي والإسلامي.
اذا صح ان هذا الميل للتهدئة والحوار الذي عبر عنه الأمير بن سلمان هو خياره الاستراتيجي الجديد، جاء عبر مراجعات جدية، فانه يجب ان يلقى التجاوب الإيجابي من قبل ايران وتحالف حركة “انصار الله” الحوثية حقنا للدماء وتقليصا للخسائر البشرية والمادية، وانقاذا للسعودية من مصيدة اوقعتها فيها السياسات الإبتزازية الامريكية والإسرائيلية.
“راي اليوم”
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى اراء

cron