لندن ـ “القدس العربي”:
أكد صحيفة “تلغراف” البريطانية أن الصاروخ الروسي “نوفاتور 9M729” أصبح اليوم محور قلق إستراتيجي واسع داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بعدما أكدت أوكرانيا أن موسكو استخدمته مرارا لقصف أهداف داخل أراضيها.
في تقرير أعده مراسلها في بروكسل جو بارنيز، جاء أن هذا الصاروخ، الذي يبلغ مداه نحو 2500 كيلومتر وقادر على حمل رؤوس تقليدية أو نووية، يمثل تحولا نوعيا في التهديدات الروسية الموجهة لأوروبا، ويكشف عن ثغرة خطيرة في منظومة الردع الغربية منذ انهيار معاهدة القوات النووية متوسطة المدى.
ولفت الكاتب إلى أن هذه المعاهدة التي وقعها الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان والزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف عام 1987 كانت تهدف إلى إنهاء سباق التسلح النووي في أوروبا، إذ حظرت جميع الصواريخ الأرضية ذات المدى بين 500 و5500 كيلومتر.
لكن روسيا ـ كما يذكر الكاتب ـ واصلت سرا تطوير منظومة 9M729 رغم التزاماتها، قبل أن يعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 2019 انسحاب واشنطن من الاتفاق بعدما رفضت موسكو تدمير مخزونها من هذا الصاروخ. وبذلك فُتح الباب أمام عودة نوع من الصراع الصاروخي بين القوتين.
وبحسب بارنيز، وبعد استخدام روسيا لهذا السلاح في أوكرانيا، يرى الخبراء أن الوضع يشكل أكبر تهديد مباشر لأمن أوروبا منذ نهاية الحرب الباردة، مشيرا إلى أن هذا الصاروخ يمكنه إصابة معظم العواصم الأوروبية في غضون دقائق، مما يضع حلف الناتو أمام واقع إستراتيجي جديد يصعب التعامل معه.
ولفت إلى أن محللين يرون أن الحلف لم يطور بعد استجابة فعالة لهذا الخطر، وأن توازن القوى في القارة يميل تدريجيا لصالح موسكو.
أما بالنسبة للرئيس ترامب، فيحذر الكاتب، من أن هذه التطورات تضعه أمام اختبار دقيق في علاقته المعقدة مع فلاديمير بوتين.
ويعتقد أنه وبينما يسعى ترامب لإحياء جهود السلام بين موسكو وكييف، ترى أوكرانيا أن استخدام بوتين لصاروخ محظور بموجب المعاهدة يثبت أنه لا يأبه بالدبلوماسية الأمريكية، بل يستغل انشغال واشنطن لإعادة فرض وقائع عسكرية جديدة.
ويشير الكاتب إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يستخدم هذه الحجة للدفع باتجاه الحصول على صواريخ “توماهوك” الأمريكية المطابقة تقريبا في المدى والتقنية للصاروخ الروسي، مبررا ذلك بأنه لا يمكن مواجهة السلاح الروسي إلا بقدرات مماثلة.
ويضيف أن موافقة ترامب على طلب زيلينسكي، قد تُعد تصعيدا جديدا في التوتر مع موسكو، وتعيد أجواء سباق التسلح إلى الواجهة.
ويرى أن صاروخ 9M729 يمثل أكثر من مجرد أداة عسكرية، فهو إشارة إلى عودة زمن الردع النووي والمواجهة غير المباشرة بين الشرق والغرب.
ويخلص الكاتب إلى أنه إذا لم يتوصل الناتو إلى إستراتيجية جديدة لاحتواء هذا التهديد، فقد يجد العالم نفسه أمام مرحلة جديدة من سباق التسلح النووي، حيث تكون أوروبا مرة أخرى المسرح الرئيسي للصراع بين موسكو وواشنطن.
صاروخ 8/9M729 معروض في موسكو في 23 يناير/كانون الثاني 2019 (رويترز)