الوثيقة | مشاهدة الموضوع - العراق يطالب بتعديل دستوري .. ما هي الدروس المستفادة من أجواء عام 2005 ؟
تغيير حجم الخط     

العراق يطالب بتعديل دستوري .. ما هي الدروس المستفادة من أجواء عام 2005 ؟

مشاركة » الخميس نوفمبر 14, 2019 6:56 pm

2.jpg
 
خاص : ترجمة – لميس السيد :

يشهد “العراق” لحظات تاريخية خرج فيها المتظاهرون، ومعظمهم من الشباب، إلى الشوارع في “بغداد” وعدة محافظات جنوبية، تصاعدت من مطالب الحصول على وظائف ووضع حد للفساد وحتى المطالبة باستقالة شخصيات حكومية رئيسة وحل البرلمان ومجالس المقاطعات، والإصلاحات الانتخابية، وإعادة كتابة الدستور.

ردًا على ذلك؛ حاولت الحكومة، بما في ذلك الجماعات شبه العسكرية الموالية لـ”إيران”، قمع الاحتجاجات بعنف أدى إلى تأجيج الغضب العام وتحويل حركة الاحتجاج إلى ثورة بلا قائد.

قوبلت المحاولة الحالية لإعادة صياغة دستور “العراق”، لعام 2005، بترحاب كبير من النخب السياسية التي شارك بعضها في صياغته بالأصل. ومع ذلك، فإن مواقفهم لا تتماشى مع مواقف المحتجين، خاصة مع إعتقاد المحتجين بأن إفتقار الدستور للشرعية قد أدى إلى ما وصل إليه “العراق” اليوم من خلل في النظام السياسي، وأن تعديل هذا الدستور، في حد ذاته، سيكون الحل لتخفيف الكثير من المظالم. ربما كوسيلة لتجاهل الانتقادات، قام بعض الشخصيات السياسية الإسلامية وقادة الجماعات شبه العسكرية أيضًا بانتقاد الدستور. ورغم أن دوافعهم مختلفة عن دوافع المحتجين، فإن دعم الشخصيات السياسية للتغيير الدستوري لا يزال يمثل فرصة مهمة يحصل عليها المحتجين.

في إطار مطالب تغيير الدستور المتفق عليها من المحتجين والنخبة السياسية، مع اختلاف الأهداف، رأت صحيفة (واشنطن بوست) أن هناك دروس يجب تعلمها من عملية صياغة الدستور السابقة.

لا شك أن الدستور العراقي معيب..

تم الاستفتاء على دستور، عام 2005، في أجواء لا تتسم بالشفافية الكاملة، حيث شابه الغش وحشو الأصوات؛ وكان دستور يراه الخبراء أنه متأثر بشدة بالجهات الفاعلة الأجنبية. وبسبب هذا، كان لا بد من النظر إلى الدستور على أنه يفتقر إلى الشرعية حتى يتم إعادة كتابته بدعم شعبي حقيقي.

وهناك أيضًا مشاكل خاصة بنص الدستور، نتيجة للمساومة بين مختلف أصحاب المصلحة في الساحة السياسية، عام 2005. وقد ساهم عدد من النصوص الغامضة والمبهمة في العديد من النزاعات السياسية التي شهدناها، منذ ذلك الحين.

على سبيل المثال، كانت الحجج حول تفسير المادتين (112) و(140) بشأن حقوق “النفط” والوضع الفيدرالي لـ”كركوك”، على التوالي، أزمة ثابتة في العلاقات بين الحكومة المركزية و”إقليم كُردستان العراق”. ونتيجة لذلك، يمكن القول إن “كركوك” لا تزال قيد وضع غير واضح لسنوات.

كما نتج عن الدستور أزمة بسبب المادة (61)؛ التي قللت بشدة من قدرة “مجلس النواب” على التشريع. وأبرز مشكلات النص الدستوري هو تعريف “الكتلة الأكبر”، بموجب المادة (76)، التي خلقت أزمات دستورية خلال كل انتخابات تقريبًا.

على الرغم من وجود خلل.. لا يزال الدستور مقبولًا !

على الرغم من أن نص الدستور قد يمثل مشكلة، إلا أن القضية الأكبر هي عدم وجود دستورية بين النخبة السياسية. مثلًا، فإن الدستور البريطاني غير مكتوب ودستور “الولايات المتحدة” الغامض في بعض الأحيان، لكنهما أصبحا فعالين بموجب الدستورية. وكان ذلك واضحًا من خلال تجاهل “مجلس النواب” والسلطة التنفيذية، في حالات مختلفة، الدستور العراقي أو تهميشه.

فيما يتعلق بـ”كركوك”، على سبيل المثال، تجاهل “مجلس النواب” موعد 31 كانون أول/ديسمبر 2007، وهو الموعد النهائي للتوصل إلى تسوية لتعيين وضعها كإحدى مناطق “إقليم كُردستان” أو محافظة تحت رعاية الحكومة المركزية.

في عام 2018، عيّنت الأحزاب السياسية مرشحًا لرئاسة الوزراء بالإجماع دون الإشارة إلى المادة (76) ودون الإشارة إلى أي كتلة في البرلمان هي “الأكبر”.

هناك أيضًا العديد من المواد الدستورية التي تتطلب إصدار قانون لتعريف الحقوق والواجبات والإجراءات، وقد تم تجاهل تلك القوانين لأكثر من عقد من قِبل مجالس النواب المتعاقبة. والأهم من ذلك من وجهة نظر دستورية، أن “المحكمة الاتحادية العليا”، التي ستكون مكلفة بتفسير الدستور وإجراء مراجعة قضائية لتحديد دستورية القوانين، لم يتم إنشاؤها وفقًا للمادة (92)، وهو ما يضع سلطة المحكمة الحالية موضع شك كبير في لعب هذا الدور.

وفي خطوة تمثل محاولة لتهدئة الشارع، يطالب الكثيرون حاليًا بأن يتم هذا الإصلاح الدستوري بسرعة.

لذا، صوت “مجلس النواب” على تعديل الدستور خلال فترة لا تزيد عن أربعة أشهر. بالإضافة إلى عدم كفاية الوقت لإجراء عملية تعديل دستوري شامل، قد لا يلبي هذا الإجراء المنصوص عليه دستوريًا لهذا التعديل، والذي ينص عليه الفصل الأخير من الدستور.

علاوة على ذلك؛ يمكن القول إن العوامل التي إنتزعت شرعية “دستور العراق 2005″؛ والتي أدت إلى التعجيل بصياغته تحت تأثير أجنبي، لا تزال موجودة في “العراق”.

إذاً ما الذي يتطلبه الأمر لتغيير الدستور بشكل فعال ؟

من وجهة نظر الصحيفة الأميركية، أن النهج الحالي الذي تدرسه النخبة السياسية لإعادة كتابة أو تعديل الدستور في تلبية المتطلبات الدستورية، قد لا يفضي إلى الفشل فقط؛ بل قد لا يأخذ أيضًا في الاعتبار أهمية التشاور الجاد المتسم بالشفافية والمصداقية مع الجمهور لمعالجة مخاوف الناس من أجواء صياغة الدستور الحالي. كما أنها لا تتصدى للأسئلة السياسية الصعبة المتعلقة بالوضع الخاص لـ”إقليم كُردستان” وتعقيدات الفيدرالية.

وفي أغلب الأحيان إن التعديلات والاستفتاءات المتسرعة تُعرض لخطر صياغة دستور ذو شرعية مشكوك فيها. من ناحية أخرى، فإن تعديل الدستور وإعادة كتابته بطريقة تعكس الإجماع الوطني من شأنه أن يطمأن المحتجين على أن أصواتهم تُسمع وتلبى بالفعل.

من خلال حركة الاحتجاج، أوضح الجمهور العراقي أنهم مستعدون لاستخدام معتقداتهم حول القيم والمُثل العليا التي ينبغي أن يقوم عليها الدستور.

لذا، في الوقت الراهن، العراقيون لديهم فرصة للاستفادة من الطاقة الوطنية. وستكون تلك العملية اختبار حقيقي حول ما إذا كانوا سيفعلون ذلك بحكمة وشفافية في الطريق لتحقيق “إرادة الشعب”؛ مع الإلتزام بسيادة القيم الدستورية متغلبين على تفضيلات السياسة قصيرة المدى.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير