الوثيقة | مشاهدة الموضوع - صمت رسمي في تل أبيب على اتفاقية الرياض وواشنطن وتباينات غير رسمية في الحكم عليها
تغيير حجم الخط     

صمت رسمي في تل أبيب على اتفاقية الرياض وواشنطن وتباينات غير رسمية في الحكم عليها

مشاركة » الأربعاء نوفمبر 19, 2025 11:17 am

6.jpg
 
الناصرة- “القدس العربي”: لم تُعقّب إسرائيل رسميًا بعد على التوافقات الأمريكية السعودية المعلنة في ظل زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للبيت الأبيض، وعلى موافقة واشنطن بيع الرياض طائرات ودبابات متطورة، إضافة إلى اتفاق تعاون إستراتيجي بينهما دون رهن ذلك بالتطبيع مع إسرائيل، وعلى خلفية ذلك تُوجّه أوساط غير رسمية فيها انتقادات لحكومتها على بقائها “في الهامش” أو “خارج الملعب”.
من جهته، وعشية زيارة بن سلمان للبيت الأبيض، وتزامنًا مع بدئها، اكتفى رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو بالتعقيب على مصادقة مجلس الأمن على خطة ترامب بالقول إن “إسرائيل تمد يدها للسلام” وبارك لترامب “قيادته التي تشق الطريق”. على ما يبدو، اكتفى نتنياهو بذلك، وبالإنكليزية لا بالعبرية لمعارضته بند “المسار نحو دولة فلسطينية” الوارد في الخطة، بسبب مواقفه وحساباته المبدئية والسياسية الداخلية أيضًا.

ناغل: حتى تستقبل السعودية السلاح الأمريكي المتطور، فهذا يحتاج لسنوات، وعلينا السعي منذ اليوم الأول اشتراط وصول أول طائرة من طراز إف-35 للسعودية بانضمامها لاتفاقات التطبيع

لم يتحدث نتنياهو سوى بضع كلمات بالإنكليزية تحاشيًا لتبعات الموضوع المفخّخ، فهو من جهة لا يريد استفزاز ترامب، ومن جهة ثانية يخشى التورط بتصريح يُستنتج منه أنه يؤيد فكرة حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني المستبطنة في “المسار الآمن لدولة فلسطينية”، خاصة أن هذا لعب بالنار بالنسبة له من الناحية السياسية الداخلية في سنة انتخابات.
ويُعبّر عن ذلك كاريكاتير في صحيفة “هآرتس” يبدو فيه ترامب يمسك بن سلمان بيده ويسيران على البساط الأحمر تحت عنوان بالعبرية: “في مسار الدولة الفلسطينية”، وهما يدوسان على نتنياهو الملقى على الأرض. وهذا هو حال بقية مكونات الائتلاف الحاكم، بل معظم الإسرائيليين، خاصة بعد السابع من أكتوبر، فإسرائيل 2025 أكثر قومجية وتطرفًا من الناحيتين القومية والدينية، واليمين الحاكم فيها غيبي شعبوي وأكثر عنفًا، وعنصريته سافرة وفظة ودموية.
هذا اليمين الصهيوني الحالي يعارض فكرة التسوية، ويرفض مجرد المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، كما يرفض التطبيع مع السعودية، حتى مقابل وعد بدولة فلسطينية في المستقبل، وعد ربما يُخلف ويكون حبرًا على ورق كما حصل في الماضي. وهذا بعكس اليمين الصهيوني في فترات سابقة حينما كان هو الآخر يراهن على القوة ويمارس العدوانية، لكنه أبدى استعدادًا للتفاوض أو التطبيع مقابل دفع ثمن، مثلما حصل في الانسحاب من سيناء مقابل خروج مصر من الصف العربي والتطبيع مع إسرائيل عقب زيارة السادات للقدس المحتلة وتقديم خطاب سياسي تاريخي في الكنيست في مثل هذا اليوم عام 1977.
انتقادات غير رسمية

ورغم ما في القرار من مثالب بالنسبة للجانب الفلسطيني، إلى جانب النقاط الإيجابية، انضم وزير الأمن السابق عضو الكنيست المعارض للوزيرين بن غفير وسموتريتش للحملة ضد قرار مجلس الأمن بسبب الحديث عن “مسار لدولة فلسطينية”، فقال إن ما حدث في الأمم المتحدة “نتاج إدارة فاشلة من قبل حكومة إسرائيل”.
وفي موضوع التطور في العلاقات السعودية الأمريكية وزيارة بن سلمان للبيت الأبيض والتواصل المباشر/التقارب معه دون “واسطة” إسرائيل، بعكس ما كان في الماضي، توجه أوساط إسرائيلية غير رسمية انتقادات لحكومة الاحتلال، وتتهمها بالمسؤولية عن هذا التقارب وتعتبره تهديدًا للمصالح الخاصة بالاحتلال.
ورغم محاولته تقليل خطورة الصفقة السعودية الأمريكية، قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق، الجنرال في الاحتياط يعقوب ناغل، للإذاعة العبرية، اليوم، إن ترامب يعمل بالأساس لمصالح إسرائيل، ولا داعي للقلق البالغ من “الصفقة”، فما يهم السعودية ويهددها هو إيران لا إسرائيل. ومع ذلك أضاف ناغل: “حتى تستقبل السعودية السلاح الأمريكي المتطور، فهذا يحتاج لسنوات، وعلينا السعي منذ اليوم لاشتراط وصول أول طائرة من طراز إف-35 للسعودية بانضمامها لاتفاقات التطبيع معنا”.

وتقول المعلقة آنا برسكي في مقال تنشره صحيفة “يسرائيل هيوم” إن البذور التي زرعها ترامب في الرياض تُثمر اليوم تريليون دولار، وهذه مجرد بداية. معتبرة أن ترامب يؤسس الشراكة الاقتصادية والأمنية مع السعودية لتطابق مصالح بلاده مع مصالحه الخاصة المُتباينة عن مصالح إسرائيل هذه المرة.
ويقول المعلق العسكري في صحيفة “معاريف” آفي أشكنازي إن ما يحصل “هزة أرضية في الشرق الأوسط”، مسوّغًا ذلك بالإشارة لكونها المرة الأولى التي ينقسم فيها العالم العربي إلى قسمين. معتبرًا أن لقاء القمة بين ترامب وبن سلمان يرمز لصياغة جديدة للشرق الأوسط، وفيما تختار السعودية الانضمام لاتفاقات أبراهام والمثول مقابل إيران، فإنه على إسرائيل أن تتحرك بسرعة لتعزيز قوتها العسكرية كي تحافظ على تفوقها العسكري، وبيع السلاح الأمريكي المتطور للرياض ينبغي أن يقلق الجانب الإسرائيلي، وهذا ما تراه المؤسسة الأمنية وبحق.
ويزعم المعلق السياسي في صحيفة “يسرائيل هيوم” داني زاكين أن هناك غضبًا في واشنطن على الموقف السعودي الراغب بالتريث في موضوع التطبيع حتى انتهاء الحرب بالكامل.
تهديد فعلي للتفوق الإسرائيلي؟

في سياق زيارة بن سلمان المستمرة، اليوم الأربعاء، هل تصل هذه الطائرات السعودية؟ وبعد كم سنة؟ وهل يتكرر سيناريو الوعود الأمريكية للإمارات؟ وهل تشكل هذه الأسلحة المتطورة تهديدًا استراتيجيًا على إسرائيل فعلا؟ كيف ومتى؟
ترد هذه التساؤلات بأشكال مختلفة في ردود الفعل الإسرائيلية غير الرسمية على الرياح التي تهب من واشنطن بعكس ما كانت تشتهيه تل أبيب. بيد أنه، ونتيجة خلط الحسابات والسجالات الداخلية في إسرائيل، لا يمكن التعامل مع الانتقادات الصادرة عن المعارضة وفي الرأي العام لحكومة الاحتلال على فقدان زمام الأمور وعلى تحول السعودية لدولة قريبة جدًا من البيت الأبيض بما لا يقل عن إسرائيل، دون الأخذ بالحسبان ميل الأوساط المعارضة لنتنياهو إلى التضخيم والمبالغة في تصوير “الخلل والضرر الكبير” الناجمين عن تطور العلاقات الثنائية بين الرياض وواشنطن نتيجة عدة عوامل منها تشنج وتطرف حكومته.

تسفي بار إيل: إسرائيل تشاهد المشهد المتشكّل من المدرّج، خارج الحلبة، وتخضع لإملاءات ترامب المتأثر ببن سلمان

ويستبعد بعض المراقبين الإسرائيليين فقدان إسرائيل تفوقها الجوي بهذه السهولة والسرعة، كما يرى المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل، اليوم. وتتَبنى صحيفته “هآرتس” النقد الوارد في مقال محللها لشؤون الشرق الأوسط دكتور تسفي بار إيل، وتجعله عنوانًا رئيسًا لعددها الصادر اليوم، وفيه يقول إن واشنطن والرياض تتشاركان في تصميم خريطة طريق للشرق الأوسط، فيما تشاهد إسرائيل المشهد المتشكل من المدرج، خارج الحلبة، معتبرًا أنها تخضع لإملاءات ترامب المتأثر ببن سلمان.
وهكذا في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم، حيث يستبطن عنوانها الرئيس انتقادًا واضحًا لحكومة الاحتلال المتهمة بتعطيل ذاتها والبقاء خارج الملعب، واسم مجرور: “الولايات المتحدة تمسك بمقود القيادة”.
وهذا ربما يدفع لسؤال آخر: كيف لا يبقى الفلسطينيون أيضًا “خارج اللعبة” ويبقون عالقين في انقسامات وسجالات داخلية تحول دون التوافق على خطة تمكنهم من مواجهة المرحلة الدقيقة التي تمر بها قضيتهم، واستثمار التعاطف العالمي معهم وتحويله إلى أفعال وعقوبات وضغوط على الاحتلال بغية تقصير أمده، بدلًا من انتظار الحقوق على طبق من فضة يقدمه العالم اليوم أو غدًا
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير