غزة: بدأت فرق الدفاع المدني في انتشال أكثر من 50 جثة من الفناء الخارجي لعيادة الشيخ رضوان غرب مدينة غزة، في عملية دقيقة وصعبة باستخدام أدوات يدوية فقط، بعد دفن الضحايا على نحو مؤقت خلال الهجوم الإسرائيلي الأخير، وفق ما أفاد به مراسل موقع Drop Site عبد القادر صباح.
وقال فضل حميد، أحد أهالي المنطقة، إنه كان يأمل بأن يجد جثة ابنه محمد، الذي استشهد في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة الفالوجة بمخيم جباليا في 10 يوليو/ تموز الماضي. وأضاف حميد أن دفن ابنه في مخيم جباليا كان مستحيلاً بسبب الحصار الإسرائيلي، فاضطر إلى نقله إلى فناء العيادة ودفنه هناك. وتابع: “أوصى ابني أن يُدفن في جباليا، لكن المنطقة كانت محاصرة، فدفنته هنا… الاحتلال جرف المنطقة بالكامل، ولم نعد نعرف أين القبور أو الشهداء”.
ولأسباب مماثلة، دفن عشرات الفلسطينيين الآخرون في مقابر مؤقتة داخل الفناء نفسه. ومع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ الشهر الماضي، بدأت فرق الدفاع المدني وشبه الرسمية في غزة في نبش المقابر الجماعية للتعرف على الجثث ونقلها إلى مقابر رسمية، بحسب تصريحات أبو خليل، أحد أعضاء الدفاع المدني. وأضاف أن العيادة نفسها تعرّضت لدمار جزئي، وأن فرق الدفاع المدني تعمل على انتشال الجثث باستخدام أدوات بسيطة، تمهيدًا لنقلها إلى المقابر الرسمية وإعادة ترميم المكان.
وأوضحت وزارة الصحة في غزة أن عدد الجثث التي تم انتشالها منذ بدء وقف إطلاق النار وصل إلى 532 جثة، بينما يواجه الخبراء صعوبة في تحديد هوياتها بسبب نقص أدوات التحليل الجيني. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 10 آلاف فلسطيني ما زالوا مدفونين تحت الأنقاض، فيما تمنع إسرائيل دخول المعدات اللازمة لرفع الركام وانتشال الجثث.
كما أعادت إسرائيل 315 جثة فلسطينية مقابل رفات 21 إسرائيليًا ضمن صفقة تبادل، إلا أن غالبية الجثث الفلسطينية كانت مجهولة الهوية، وكثير منها يحمل علامات تعذيب وإعدام ميداني.
وفي الفناء نفسه، كان ماجد إبراهيم البزام يبحث عن شقيقه المفقود منذ 17 سبتمبر/ أيلول في مخيم الشاطئ، قائلًا إنه لم يعرف مصيره حتى الآن، ويصفه بأنه كان يرتدي جلبابًا صوفيًا أخضر، ولحيته طويلة، وشعره ناعم مع شارب كثيف. وأضاف البزام: “لو رأينا جلبابه لعرفناه فورًا، لكننا فحصنا معظم الجثث التي انتُشلت ولم نجده بعد.”
ويأتي هذا العمل كجزء من الجهود الفلسطينية لإعادة كرامة الموتى إلى ذويهم بعد الهجوم الإسرائيلي المكثف، وسط تحديات ضخمة بسبب نقص المعدات ودمار البنية التحتية.