ترجمة: حامد أحمد
تناول تقرير لموقع ذي ناشنال الإخباري بدء النشاط المحموم لبعض المرشحين للانتخابات القادمة بحملاتهم الترويجية لاستمالة الناخب العراقي من خلال وعود مألوفة تراوحت بين توفير فرص عمل وتحسين الرعاية الصحية إلى تعبيد الطرق وإعادة التيار الكهربائي، حيث تنتشر صورهم في الشوارع الرئيسية، بينما ينص قانون الانتخابات على أن المفوضية هي من تحدد موعد بدء الحملات، التي عادة ما تكون قبل شهر من يوم الاقتراع المقرر انطلاقها في الحادي عشر من شهر تشرين الثاني القادم.
الانتخابات الوطنية المقبلة، التي من المقرر أن تجري في العراق في 11 تشرين الثاني / نوفمبر، هي سادس انتخابات منذ الغزو الأميركي عام 2003 الذي أطاح بالنظام السابق، حيث من المتوقع أن تشهد هذه الانتخابات تنافسًا شديدًا بين القوى الدينية والعرقية الرئيسية.
وينص قانون الانتخابات في البلاد على أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات هي من تحدد موعد بدء الحملات، والذي يكون عادة قبل شهر من يوم الاقتراع. وقالت المفوضية إنها ما زالت تدقق في أسماء المرشحين وستعلن الموعد بعد المصادقة عليهم جميعًا.
ويشير التقرير إلى أنه رغم ذلك، فإن بعض المرشحين بدأوا حملاتهم فعليًا، إذ انتشرت لوحات إعلانية في الشوارع تحمل صورهم وهم يبتسمون ووعودًا براقة بمستقبل أفضل. كما بدأوا بزيارة الأحياء الفقيرة وإقامة ولائم فخمة في قصورهم المترامية الأطراف، وهم يصافحون الناس في محاولة لتصوير أنفسهم وإظهارهم كشخصيات ودودة متواضعة.
في إحدى اللوحات البرتقالية الضخمة لتحالف سني بزعامة رئيس البرلمان السابق، كتب عليها «كنا وما زلنا وسنبقى أمة». وبرز رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي في السنوات الأخيرة كزعيم سياسي سني بارز، ويستمد معظم دعمه من مسقط رأسه محافظة الأنبار حيث شغل منصب المحافظ سابقًا. المرشح الأبرز عن تحالف تقدم في الأنبار هو هيبت الحلبوسي الذي يقود الحملة في مدينته.
في أحد مقاطع الفيديو على تطبيق تيك توك، سأل المرشح في المحافظة أحد خريجي هندسة النفط بالقول: «هل لديك شهادة في هندسة النفط؟» ثم وعده بالحصول على وظيفة في شركة أميركية لخدمات الحقول النفطية، المتعاقدة لتطوير حقل عكاز الغازي في الأنبار، مشيرًا بقوله إلى أنه اتفق مع الشركة قبل توقيع العقد على توظيف 240 مهندس نفط.
وتناول التقرير مثالًا آخر عن المرشحين من العنصر النسوي خلال قيام عضوة برلمان بجمع عدد من ذوي الاحتياجات الخاصة في مكتبها لتوزيع كراسٍ كهربائية مدولبة ومواد غذائية. وقدم مقطع فيديو آخر على صفحتها في فيسبوك صورًا لها أظهرها كراعية للفئات الهشة، لكن منتقدين وصفوا الحالة بأنها مجرد دعاية انتخابية محسوبة. وفي أحد المشاهد، خاطبت رجلًا مقعدًا وقالت له: «الآن يمكنك الخروج للشارع بهذا الكرسي».
الكثير من العراقيين ينظرون لهذه الحملات بسخرية وريبة. يقول رجب علي، بائع متجول في منطقة الكرادة ببغداد: «هذا هو الموسم الذي يتذكرون فيه الفقراء على نحو مفاجئ. يأتون بابتساماتهم ووعودهم، لكن بعد الانتخابات لا نراهم أبدًا».
الحملة الانتخابية أخذت بالفعل منحى مثيرًا للجدل، حيث يتهم منافسو رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي يسعى لولاية ثانية، بأنه يستغل منصبه والمنصات الرسمية لتعزيز فرص إعادة انتخابه، معتبرين افتتاحاته المتكررة للمشاريع الجديدة، وتوسيع برامج الرعاية الاجتماعية، ووعوده بمنح قطع أراضٍ وتسهيل الشروط، تجاوزًا للخط الفاصل بين المنصب والحملة الانتخابية.
وفي محاولة لضمان نزاهة العملية الانتخابية، تم طرح مقترحات من قبل رئاسة الجمهورية في منتصف آب، تدعو إلى وقف التعيينات الحكومية، وضمان أن يكون توزيع الأراضي يتم وفق الأنظمة بعيدًا عن «الوعود الانتخابية»، ومنع استغلال موارد الدولة. وقد أقرت هذه المقترحات من السلطات الأربع: الحكومة، والرئاسة، والبرلمان، ومجلس القضاء الأعلى، مع دعوة المفوضية لتبنيها وتحديد العقوبات بحق المخالفين.
لكن مسؤولًا في المفوضية أكد لموقع ذي ناشنال الإخباري أن «الرقابة ضعيفة»، مضيفًا بالقول: «المرشحون يعرفون أنهم يستطيعون الإفلات من البدء المبكر أو أي مخالفات. المؤسسات الحكومية مسيّسة على نحو كبير ولا تستطيع ضبطهم».
وعلى أرض الواقع، يبقى كثير من العراقيين متشككين في أن الانتخابات ستحدث تغييرًا حقيقيًا. نصير جعفر، يعمل في مجال التدريس، يقول: «نشاهد هذه الحملات بمزيج من السخرية والتسلية، لكن خلف هذه السخرية إحباط حقيقي. الناس يريدون التغيير، لكنهم يشعرون أنهم عالقون في نفس الدوامة من الوعود والإحباطات ومن نفس الوجوه».
عن ذي ناشنال الإخباري