الوثيقة | مشاهدة الموضوع - “أكبر مما نتخيل”.. هكذا بدا التنسيق بين إسرائيل والولايات المتحدة عشية الهجوم على إيران
تغيير حجم الخط     

“أكبر مما نتخيل”.. هكذا بدا التنسيق بين إسرائيل والولايات المتحدة عشية الهجوم على إيران

مشاركة » الأحد يونيو 15, 2025 7:51 pm

2.jpg
 
الضربة الافتتاحية التي أوقعتها إسرائيل على إيران فجر الجمعة، سجلت إنجازاً عملياتياً واستخبارياً مبهراً. هاتان الدولتان تهدد إحداهما الأخرى طوال 30 سنة، وظهرت الحرب المباشرة بينهما في الأشهر الأخيرة كأمر شبه مؤكد. مع ذلك، أخرج الجيش الإسرائيلي والموساد هجوماً منسقاً، ألحق الضرر وبشدة بمنظومات ووسائل قتالية للنظام في إيران وقام بتصفية عشرات القادة الإيرانيين إلى جانب علماء وخبراء نوويين، ودمر منظومات الدفاع الجوية الأخيرة التي دافعت عن الدولة. صباح السبت، أعلن سلاح الجو بأنه حقق حرية عمل عملياتية في سماء غرب إيران، وأن طائراته عملت هناك عدة مرات لبضع ساعات في كل مرة، تقريباً بدون إزعاج. هذه نتائج مبهرة جداً، ونتيجة لإعداد دقيق ومحكم استمر لسنوات كثيرة. وقد تحققت من خلال خطوة البدء في المعركة التي شنتها إسرائيل ضد العدو الأقوى والأكثر خطراً لها.

ما لم يكن ضمن قائمة هذه النجاحات حتى الآن هو المس بالمشروع النووي الإيراني بشكل كبير وبعيد المدى، الهدف الأول المعلن للحرب. ادعت “نيويورك تايمز” أمس بأن المنشآت النووية لم يصبها إلا ضرر صغير. إسرائيل تشكك في هذه الأقوال: المنشأة في نطنز تضررت بشدة، ويبدو أنها خرجت عن العمل لبضع سنوات. وثمة ضرر شديد لحق بجزء من الموقع في أصفهان. الجيش الإسرائيلي لا يخفي نيته في ضرب مواقع أخرى، على رأسها فوردو، ولا يقل عن ذلك أهمية سلسلة اغتيالات طالت مجموعة العلماء التي قادت المشروع النووي. ولكن عندما حلل خبراء غربيون علاقات القوة بين الطرفين قبل الهجوم، كان ذلك علامة الاستفهام الكبيرة لديهم: هل إسرائيل قادرة على تدمير مركبات حاسمة في المشروع النووي الإيراني، المنتشر والمحمي والذي فيه أجزاء كبيرة منه تحت الأرض؟ لا إجابة على هذا السؤال، رغم أن تحقيق حرية العمل الجوي يعد خطوة حيوية في هذا الاتجاه.

خرجت إيران من الضربة الأولى التي أحدثها الهجوم. وعرفت حماس و”حزب الله” مؤخراً كيفية إيجاد البدائل، أحياناً أقل خبرة، للقادة الكبار الذين اغتالتهم إسرائيل. المنظومة في إيران أكثر تنظيماً، وبعد أن تم ملء عدد من مناصب القيادة مجدداً، أعطي التوجيه بشأن هجمات رد في مساء الجمعة

خرجت إيران من الضربة الأولى التي أحدثها الهجوم. وعرفت حماس و”حزب الله” مؤخراً كيفية إيجاد البدائل، أحياناً أقل خبرة، للقادة الكبار الذين اغتالتهم إسرائيل. المنظومة في إيران أكثر تنظيماً، وبعد أن تم ملء عدد من مناصب القيادة مجدداً، أعطي التوجيه بشأن هجمات رد في مساء الجمعة. حتى صباح أمس، أطلق أكثر من 200 صاروخ باليستي على أربع دفعات وأكثر من 40 طائرة مسيرة. نسبة الاعتراض بقيت عالية، لكن العشرة صواريخ التي سقطت في “غوش دان” (تل أبيب الكبرى) كانت كافية لإحداث أضرار غير مسبوقة.

قتل حوالي 3 مواطنين، وأصيب حوالي 75 بالصواريخ، في الوقت الذي مكث فيه الملايين لساعات طويلة في الملاجئ والغرف الآمنة. لقد برزت أحجام الدمار، التي ذكرت بالطبعة الأكثر دقة وقتلاً لصواريخ السكاد العراقية التي أطلقت على تل أبيب و”رمات غان” في 1991، في حرب الخليج الأولى. الضرر البيئي ضخم، وهذه المشاهد قد تقنع معظم الجمهور بالإصغاء أكثر إلى تحذيرات الجبهة الداخلية، التي بات ينظر إليها كتوصية غير ملزمة في حالة صواريخ الحوثيين.

يتوقع أن تتواصل الهجمات الإيرانية. سلاح الجو أصاب عدداً كبيراً من منصات إطلاق الصواريخ، لكن ما زال لديهم المزيد من ترسانة الصواريخ الدقيقة. يفضل توقع حدوث خسائر وإخفاقات لإسرائيل، جراء ضرر يصيب الجبهة الداخلية وحتى المس المحتمل بالطائرات. حسب تقرير نشر في “نيويورك تايمز”، قالت مصادر في إيران إن الزعيم الأعلى علي خامنئي أمر رجاله بإطلاق صلية تتكون من ألف صاروخ نحو إسرائيل. الأرقام الأقل من ذلك التي أطلقت مؤخراً أمس، قد تدل على مشاكل في أداء القوات المسؤولة عن الإطلاق، على خلفية المس الممنهج لمنصات إطلاق الصواريخ.

وثمة عامل مهم آخر في ميزان القوة، هو حزب الله. طوال كل هذه السنين، إسرائيل استعدت لسيناريوهات كارثية جداً في الجبهة الداخلية، لأنها أخذت في الحسبان ترسانة الصواريخ والقذائف الضخمة الموجودة لدى حزب الله التي بنتها إيران بشكل خاص من أجل الرد على هجوم عليها. ولكن الجيش الإسرائيلي هزم حزب الله في لبنان في تشرين الأول الماضي، وجزء كبير من مخزون الصواريخ تم تدميره، وشهوة القيادة الجديدة لحرب أخرى انخفضت إلى الحد الأدنى. في هذه الأثناء، اكتفى الحزب بتكرار كلمات التضامن مع طهران التي تتعرض للقصف. وإذا لم يحصلوا على أمر مباشر من إيران للتدخل، فمن المرجح أن يفضل حزب الله البقاء في دور المراقب.

ماذا بعد؟

التنسيق بين إسرائيل والولايات المتحدة عشية الهجوم كان أكبر مما نتخيل. عبر الرئيس الأمريكي عن قلقه من مهاجمة إسرائيل لإيران، قبل بضع ساعات على بداية القصف. ولكن بأثر رجعي يبدو هذا محاولة للحفاظ على مسافة في حالة فشل الهجوم. ترامب يحب المنتصرين؛ ففي اللحظة التي تبين فيها أن ضربة البدء نجحت، سارع في القفز عليها. قال الرئيس أمس بأنه يأمل بأن سيقنع هجوم إسرائيل إيران بالعودة إلى المفاوضات حول اتفاق نووي جديد، مع إظهار المرونة أمام طلباته. حتى الآن، هناك شك كبير في التصرف هكذا – على أي حال ليس هذا ما يريده نتنياهو.

تلقى نتنياهو من ترامب الضوء الأخضر الذي طلبه للقيام بالعملية الأولى (رئيس الأركان أيال زامير طرح في النقاشات التي سبقت العملية، دعماً أمريكياً كشرط حيوي لبدء العملية)

تلقى نتنياهو من ترامب الضوء الأخضر الذي طلبه للقيام بالعملية الأولى (رئيس الأركان أيال زامير طرح في النقاشات التي سبقت العملية، دعماً أمريكياً كشرط حيوي لبدء العملية). الآن، رئيس الحكومة بحاجة إلى الأمريكيين لأمرين مهمين: الانضمام إلى الهجوم بهدف الإضرار بالمشروع النووي، وفي سيناريو طموح أكثر، القيام بعملية لإسقاط النظام. الجيش الإسرائيلي في الواقع يقول إنه لم تعط له مثل هذه المهمة، لكن نتنياهو أعلن بعد ظهر أمس: “سنلحق الضرر بكل موقع وبكل هدف لنظام آية الله”.

الأقوال المتغطرسة تعكس حجم النجاح العملياتي، لكن يجب على رئيس الوزراء الأمل بأن لا يرتد عليه هذا التفاخر كسهم مرتد، خاصة بعد أن حرص على نشر الفيديو قبل وصول الطائرات إلى سماء طهران.

في موازاة الجهد العسكري الناجح، يتم شن حملة تأثير وتوعية تهدف إلى إرهاب النظام القمعي وغير الشعبي، وتشجيع المعارضين بين مواطني إيران، وأيضاً بث الشعور بالنصر في أوساط الجمهور الإسرائيلي. تبدو المشاعر تجاه هذا الأمر متباينة بسبب الضرر الذي أصاب الجبهة الداخلية.

كلمة أخيرة، هذا الجيش الإسرائيلي هو نفس الجيش الذي فشل فشلاً ذريعاً في غلاف غزة في 7 أكتوبر. النجاحات العملياتية في إيران ولبنان وبدرجة معينة في غزة، لن تمحو ما حدث، أو تطهر الجيش الإسرائيلي ونتنياهو من المسؤولية. لكن يجب تذكر ما تعرض له مئات من أفراد الطواقم الجوية الاحتياطية الذين ألغوا خدمتهم التطوعية أثناء الانقلاب من تشويه لسمعتهم. كثيرون منهم شاركوا في الهجوم الحالي، في قمرة القيادة وغرف التحكم. في غضون ذلك، وجهت اتهامات كثيرة لقائد سلاح الجو، تومر بار، الذي وصفته قنوات اليمين المتطرف بشكل سيئ جداً؛ لأنه -حسب رأيها- لم يظهر موقفاً حازماً كافياً ضد التهديد برفض الخدمة.

هآرتس 15/6/2025
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير

cron