بغداد ـ «القدس العربي»: أثارت تصريحات أدلى بها زعيم حركة «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، اتهم فيها السلطات في إقليم كردستان العراق بتهريب نحو 400 ألف برميل نفط يومياً، وحمّلهم مسؤولية قطع مرتبات الموظفين الأكراد هناك، معتبراً أن الأكراد لا يؤمنون بوحدة العراق، ردّة فعل لدى النائب في برلمان الإقليم، بهجت علي، الذي اتهم الخزعلي بـ«رهن البلاد لأجندات طائفية خارجية، وبأنه لا يؤمن بالدستور والديمقراطية» مطالباً بإجراء مقارنة بين ما تحقق في كردستان وبقية مدن العراق، لكشف «من نهب» ثروات البلاد وباع النفط في السوق السوداء.
«بثّ السموم»
وذكر النائب في بيان صحافي مخاطباً الخزعلي: «أنا نائب منتخب عن إقليم كردستان، وأقول لك بصراحة ووضوح: أنت لستَ في موقع يخولك أو يمنحك الحق بالحديث عن شعب كردستان، بل حتى التحدث عن مصير العراق» مستدركاً: «لم تتمكن حتى خلال صلاة عيد الأضحى من التوقف عن بث سموم الكراهية والعداء تجاه كردستان وإخفائها، ومرة أخرى تفوّهت بالباطل، فلقد أدعيتَ بأن الكرد لا يؤمنون بوحدة العراق».
ووفق النائب الكردي «بعد عام 2003، لم تصلوا إلى السلطة إلا على أكتاف الكرد، الذين قدّموا التضحيات من أجل إرساء التعايش وتأسيس عراق ديمقراطي اتحادي تترسخ فيه قيم وحقوق المواطنة، لكنك ومن على شاكلتك، لم ولن تؤمنوا يوماً بالدستور، ولا بالفيدرالية، ولا بالديمقراطية الحقيقية، وبذلتم كل ما بجعبتكم من أجل زرع بذور الديكتاتورية والشوفينية الطائفية في العراق».
وأفاد بأنه «من لا يؤمن بالعراق وليس حريصاً عليه في الحقيقة هو أنت وأمثالك، فأنتم لم تُبقوا أي قيمة لسيادة العراق وأفرغتموها من مضمونها، وجعلتم مصير العراق رهينة أجندات طائفية وإقليمية وخارجية، وشوّهتم معنى الانتماء للعراق في الوجدان العام».
وأضاف: «لا أنتم ولا أشباهكم تملكون الحق في تقرير مصير هذا البلد، لأنكم لم تؤمنوا يوماً بالمواطنة، ولا بصوت شباب العراق الذين خرجوا يطالبون بالحرية والكرامة. ولن ينسى العراقيون أن قناصيكم وميليشياتكم هم من أراقوا دماء المئات من أولئك الشباب العراقيين الأبرياء الذين خرجوا إلى الشوارع منتفضين على ظلمكم» في إشارة إلى احتجاجات أكتوبر/ تشرين الأول 2019.
ووفق النائب الكردستاني فإن «من امتهن النهب والتهريب، وأغرق الجنوب والوسط بالمآسي، لا يحق له الحديث عن مصير الدولة وشكلها» لافتاً إلى أنه «لكي يعرف العراقيون الحقيقة، فليُجرِ طرفٌ مستقل نزيه مقارنة علنية بين أعمالكم وإنجازات كردستان، لتنكشف الحقائق ويتبين من الذي نهب ثروات العراق وباع النفط في السوق السوداء، وحوّل حياة المواطنين إلى دوّامة مريرة من البؤس، هو ذاك نفسه الذي لا يؤمن بالعراق».
الخزعلي قال إن أربيل تهرّب 400 ألف برميل نفط يومياً… وعلي ردّ: أنت لا تؤمن بالدستور
وختم بالقول: «أنتم وأمثالكم ممن يعادون شعب كردستان، وتحاولون كسب الرأي العام العربي بالتضليل والكذب، لستم مؤهلين للحديث، فأنتم لا تمثلون الشعب، لقد خسرتم الانتخابات، وما وصلتم إلى الحكم إلا كبدل ضائع نتيجة انسحاب القوى الفائزة، ثم فرضتم أنفسكم بالقوة جوراً لتتحكموا بأموال ومصير الشعب العراقي، فهل خُيِّل إليك أنكم ستحكمون كردستان بالطريقة ذاتها؟ إعلموا جيداً أن كثيرين حاولوا قبلكم، وكانوا أشد بطشاً وظلماً، والعالم كله يعلم ماذا كانت نهايتهم، وما الذي آل إليه مصيرهم».
وكان الخزعلي قد تحدث أول أمس (أول أيام عيد الأضحى لدى الشيعة في العراق) عن أن هناك ما لا يقل عن 400 ألف برميل يهرّب ويباع بسعر قريب على «سعر التراب» مشيراً إلى أن نسب الفقر في مدن الإقليم تتجاوز مثيلاتها في مدن وسط وجنوب البلاد.
الخزعلي أفاد في خطبة عيد الأضحى في النجف بأن «هناك ما يقل عن 400 ألف برميل يهرَّب ويباع بسعر قريب على سعر التراب (30-35 دولاراً) في مقابل أنه لو سُلّم إلى شركة سومو (الشركة الوطنية لتسويق النفط) التابعة إلى وزارة النفط الاتحادية سعره سيكون 70 و75 دولاراً».
ولفت إلى جمّلة من المشاكل تتمثل بـ«عدم تسليم واردات النفط وعدم تسليم واردات المنافذ والضرائب، واستمرار التهريب عبر المنافذ غير القانونية وما أكثرها، وكل العالم يعلم بها».
وأوضح أن «هذه هي المشكلة الحقيقية» مشيرا الى أن الأكراد «في وسائل إعلامهم الرسمية وغير الرسمية» يتحدثون عن أن مشكلة رواتب الإقليم وقطع المرتبات وراءها بغداد، وإن الخزعلي يقف وراء ذلك أيضاً.
وخاطب شعب كردستان بالقول: «نعتز بكم ونحترمكم ونحن كنا من المؤيدين لصرف الرواتب مع إعطاء فرصة لحكومة إقليم كردستان في صرف الواردات ولكن الذي لم يلتزم هو الحكام».
وأشار إلى أن «المشكلة الموجودة الآن مستمرة، وللأسف في تصوري أنها لن تنتهي مع وجود هذه الثقافة في أداة حكومة كردستان. المشكلة الأساسية تتفرع من سؤال: هل أن المسؤولين في حكومة إقليم كردستان يؤمنون بالعراق الواحد؟ يعترفون بشرعية الحكومة؟ يلتزمون بقوانينها وقراراتها أم لا؟» معتبراً أن أغلبية المسؤولين في حكومة إقليم كردستان غير مقتنعين بالعراق الواحد الفدرالي كما يعبرون، ولو كانوا مقتنعين، فإن قرارات المحكمة الاتحادية واضحة».
وكشف عن أن «نسبة الفقر وعدم توفر فرص العمل في إقليم كردستان، هي أكثر مما هو موجود في الوسط والجنوب والمناطق الغربية».
واضاف أن «البعض قد يستغرب ويقول هذه المعلومة غير منطقية لأننا نرى في الإعلام بناء وتطورا وأدلة كثيرة، وقد أكتفي بدليل واحد. لاحظوا في الإعلام يقولون إنه هناك مهاجرين هاجروا من العراق، وذهبوا إلى دول غربية بصفة لاجئين. الإحصائيات الرسمية تقول إن أكثر من 90 ٪ من هؤلاء الذين ذهبوا لاجئين في دول أخرى هم من إقليم كردستان، وهذه قضية أرقام وليست افتراءات».
ويصطف النائب محمد البلداوي، المتحدث باسم كتلة «الصادقون» الممثل السياسي «للعصائب» في البرلمان العراقي، مع المعلومات التي أدلى بها الخزعلي، مؤكداً أن ملف التجاوزات من قبل حكومة إقليم كردستان ليس جديداً، فيما بين أن تهريب النفط والإضرار بالاقتصاد العراقي ما زالا مستمرين.
ضرر بالغ
وذكر لوسائل إعلام تابعة لحركته أن «حكومة الإقليم لم تكتف بعمليات تهريب النفط، بل ألحقت ضرراً بالغاً باقتصاد العراق» موضحاً أن «التهريب يتراوح بين 250 إلى 400 ألف برميل يومياً، وربما أكثر من ذلك».
وأشار إلى أن «استخدام الموظفين في الإقليم كدروع بشرية لخدمة سياسات أحزاب السلطة أمر مرفوض» مبيناً أن «قيادات الإقليم تتعامل بسلبية واضحة تجاه ملف رواتب الموظفين».
وأضاف: «طالبنا بتوطين رواتب موظفي الإقليم في المصارف الحكومية في بغداد، لكن ذلك لم يُنفذ حتى الآن» مؤكداً أن «موقفنا ثابت في الوقوف إلى جانب موظفي ومتقاعدي الإقليم لحل أزمتهم بعيداً عن الحسابات السياسية».