الوثيقة | مشاهدة الموضوع - معهد بريطاني: أحزاب ومجاميع مسلحة تسيطر على ملف الأدوية في العراق
تغيير حجم الخط     

معهد بريطاني: أحزاب ومجاميع مسلحة تسيطر على ملف الأدوية في العراق

مشاركة » الأحد ديسمبر 04, 2022 1:33 am

ترجمة: حامد أحمد

تناول تقرير اعده معهد (جاثام هاوس) البريطاني للدراسات الفساد المستشري في منظومة الرعاية الصحية في العراق مسلطا الضوء على طريقة توريد الادوية والمراحل المتعددة التي تمر من دخولها للحدود قبل ان تصل الى الصيدلية

ومن ثم الى المستهلك والتي تشتمل على شبكة من اطراف منتفعة متعددة تضم أحزابا سياسية ومجاميع مسلحة ومؤسسات صحية رسمية، مؤكدا ان 30% فقط من الادوية تكون صالحة للاستهلاك ومن منشأ معروف وهي غالية الثمن أما الأخرى المتوفرة إما ان تكون مزيفة او ومنتهية الصلاحية تتسبب بأضرار صحية للمرضى ووفاة الكثير منهم.

وذكر التقرير الذي ترجمته (المدى)، أن “سارة، إحدى الأمهات من مدينة بغداد، تكابد من اجل توفير رعاية صحية لابنها احمد، الذي يعاني من مرض سيولة الدم، هيموفيليا، وتقضي معظم وقتها بحثا عن الدواء الذي تحتاجه لابنها ولكن بلا جدوى”. وأشار، إلى أن “فشل صيدليات المدينة بتوفير الدواء إنما كشف للام، سارة، مدى فساد منظومة الرعاية الصحية المرقعة العامة والخاصة في العراق لما بعد عام 2003”. وشدّد التقرير، على أن “الدواء الذي يحتاجه احمد من المفترض ان يكون متوفراً في المستشفيات الحكومية ولكن يتم بيعه للقطاع الخاص مقابل أرباح كجزء من منظومة فساد جمعت المليارات من الدولارات لصالح نخب سياسية ومجاميع مسلحة على حساب أرواح مثل الطفل أحمد وكثير آخرين من حالته”.

ولفت، إلى أن “خصخصة توريد الادوية للعراق أدى الى تكاثر وجود أدوية مزيفة ومنتهية الصلاحية، والتي توفر هوامش أرباح ضخمة لهذه النخب”.

ونوه التقرير، إلى أن “سارة حتى عندما عثرت على الدواء تقول انه غير صالح للاستهلاك، فقد استبدل أطباء وصيادلة دواء ابنها بآخر من شركة اخرى اقل ثمنا، ولكن هناك مخاوف من ان هذا الدواء الجديد يؤدي الى حالات مرضية أخرى خطيرة”. وأوضح، أن “سارة اكتشفت في النهاية بان الدواء الذي اشترته من صيدلية خاصة كان مزيفاً”. وبين التقرير، أن “قصة سارة هي واحدة من بين قصص كثيرة من هذا القبيل”. وذهب، إلى أنه من بين “مجموع الادوية التي تصل الى الناس فان 30% فقط منها تعتبر مناسبة للاستهلاك في حين من المحتمل ان يكون الباقي مزورا أو منتهي الصلاحية”. وأكد التقرير، أن “قسماً من الادوية تكون قد انتهت صلاحيتها حتى قبل ان تصل الصيدلية، وهذا يعني ان اغلب الادوية المتوفرة تكون في أفضل الحالات غير فعالة وفي أسوأ الحالات تكون خطرة على الصحة”. وينقل عن وزير صحة سابق فان “سلسلة شبكة الجهات المتنفذة المسؤولة عن توريد هذه الادوية تحقق أرباحا ما بين 5 الى 7 مليارات دولار سنوياً”.

ويجد التقرير، أن “صعوبة حصول المواطنين العراقيين على الادوية التي يحتاجونها، لا تعرض حياتهم للخطر فقط بل تقوض ثقتهم بالسلطات الصحية أيضا، وخلال جائحة وباء كورونا القيت تبعات هذه المنظومة المميتة على حياة الكثير من الناس”. ويتحدث، عن “مراحل وصول الدواء منذ وصوله الى الميناء في البصرة ومن ثم يقطع مسافة 530 كم ليصل الى بغداد”. وأكد التقرير، أن “سلسلة المراحل تشتمل على عدة حلقات متواصلة تتشكل من أطباء وصيادلة وأحزاب سياسية ومجاميع مسلحة ورجال أعمال، وتبدأ العملية اول الامر من وراء حدود العراق وتتسبب بمقتل مئات الناس سنوياً”.

وأورد، أن “المرحلة الأولى تتطلب تسجيل شركة اجنبية يتم استيراد الدواء منها وهي عملية بيروقراطية روتينية مطولة تتخللها رشاوي تصب بمنفعة أحزاب سياسية فاسدة”. وأضاف، أن “المرحلة الثانية تتطلب موافقات وزارة الصحة وممثلها عند المعبر الحدودي، وتشتمل هذه المرحلة على تسجيل الشركة مع شركة كيماديا العامة لتسويق الادوية والمعدات الطبية التابعة لوزارة الصحة”.

وزاد التقرير، انه “كبقية مؤسسات الدولة فان هذه الشركة تضم موظفين تابعين لأحزاب سياسية متنفذة وهي التي تعطي ترخيص دخول الادوية من البر او الجو او البحر، ولكي يتم تسريع عملية دخول الادوية وتفادي أية عرقلة لها فان الرشوة هي الطريق لذلك”.

ويواصل، أن “المال المكتسب من الرشاوي غالبا ما يذهب لأحزاب سياسية ومجاميع مسلحة ضمن المنظومة السياسية الحاكمة للبلد، وتشمل العملية المصادقة على شحنات ادوية رسمية وغير رسمية تدخل الميناء في العراق”. وينقل التقرير، عن مسؤولين في وزارة المالية القول، إن “العراق يخسر سنويا 10 مليارات دولار أو ما يعادل 5% سنويا من الناتج المحلي الإجمالي بسبب ذهاب مبالغ رسوم الجمارك الحدودية لجيوب أحزاب سياسية بدلا من ذهابها لخزينة الدولة”. وأفاد، بأن “توريد الأدوية من الحدود يتم تسهيله بشكل رئيسي من منتسبين في وزارة الصحة ويشترك في هذه العملية أيضا موظفون آخرون من وزارات النقل والداخلية والمالية والتخطيط وأجهزة امنية وكذلك من سلطة الحدود”.

وأشار، إلى ان “قسماً من موظفين كبار في كل مؤسسة مشترك في سمسرة عقود وترخيصات بالنيابة عن احزابهم، وقد تشتمل هذه الصفقات على توريد ادوية من شركة غير مسجلة او استيراد نوع من ادوية غير مرخصة من قبل وزارة الصحة”. وتابع التقرير، ان “الشاحنة عند وصولها محملة بالأدوية الى حدود العاصمة بغداد فانه يتطلب منها دفع رسم لشخص ما في نقطة التفتيش له علاقة بمجاميع مسلحة”.

وذكر، أن “هذه المجاميع قد تشتمل على افراد من قوات امنية تابعين لوزارتي الداخلية والدفاع وقد تنشأ في بعض الأحيان نزاعات بين هذه المجاميع في تقسيم مبالغ الرشوة”.

ويسترسل التقرير، ان “تقسيم محتويات الشاحنة الكبيرة على شاحنات صغيرة متوجهة للمذاخر والصيدليات في المدينة يتطلب من كل شاحنة صغيرة دفع رسم ما بين 500 الى 1000 دولار للسماح لها بالمرور”. ولفت التقرير، إلى أن “المرضى ليس لهم سوى شراء الدواء الذي يوصي به الطبيب والذي يوجه المريض الى الصيدلية التي يشتري منها هذا الدواء”.

وتابع، ان “كلاً من الطبيب والصيدلي يعرفان مصدر هذا الدواء والرمز الموجود عليه، بما يكون مزيفاً او منتهي الصلاحية ولكن يتم تزوير تاريخ صلاحيته”.

ونوه التقرير، إلى أن “الفقراء من العراقيين مجبرين على اللجوء الى الدواء الارخص ثمنا رغم انهم يعرفون انه رديء النوعية”.

وأورد، أن “هؤلاء الأطباء والصيادلة هم ليسوا أطرافا في أحزاب سياسية ولكنهم جزء من سلسلة واسعة من سماسرة وأحزاب، وقد يعرفون ان الادوية المصروفة مزيفة او منتهية الصلاحية”.

وذكر التقرير، أنه “مقابل ذلك يحصلون على محفزات وهدايا تراوح ما بين مبالغ نقدية او تذاكر سفر استجمام لأطباء هم وعوائلهم خارج البلاد”. ويسترسل، أن “الأطباء والصيادلة الذين يحررون وصفات لأدوية مزيفة او منتهية الصلاحية، انما يضعون مرضى مثل حالة ابن سارة الطفل أحمد في خطر”.

ومضى التقرير، بشأن عمليات التفتيش العشوائية التي تجري على شحنات الادوية الواردة، إلى أنه “اعتبارا من أيار الى حزيران 2021 تم وضع اليد على ألفين و714 شحنة دواء، في حين تم في عام 2020 مصادرة 50 طناً من ادوية غير صالحة للاستهلاك”.

عن: معهد (جاثام هاوس) للدراسات
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير

cron