الوثيقة | مشاهدة الموضوع - النزوح تحت لهيب شمس غزة.. قصص الهروب من الموت وسط المجازر وحرق الخيام
تغيير حجم الخط     

النزوح تحت لهيب شمس غزة.. قصص الهروب من الموت وسط المجازر وحرق الخيام

مشاركة » الأربعاء سبتمبر 03, 2025 4:26 pm

1.jpg
 
غزة- “القدس العربي”: تحت شمس الصيف الحارقة، تتدفق قوافل النازحين من شمال ووسط مدينة غزة نحو المجهول، هربا من قصف إسرائيلي متواصل لا يرحم المنازل ولا الخيام. وبين مشهد عربات الخيل المحمّلة بالقليل من المتاع، وأسرٍ تمشي على الأقدام متصبّبة عرقا، تتوالى قصص الألم التي ترويها العائلات الهاربة من الموت إلى مصير مجهول.

رحلة نزوح مضنية

عائلة حمدان قطعت أكثر من 15 كيلومترا على عربة يجرها حصان حتى وصلت إلى مدخل مخيم النصيرات الغربي. كانت الأم تحتمي بقطعة متاع وتظلّل طفلها بقطعة كرتون خشية إصابته بضربة شمس، فيما كان الكبار يسكبون الماء على رؤوسهم من شدة الحر. “خرجنا من شمال غزة، الوضع هناك لم يعد يُحتمل”، قالت الأم لـ”القدس العربي”، مشيرة إلى ليالٍ من القصف وتفجير المنازل، حيث لم يذوقوا طعم النوم قبل قرار النزوح.

زوجها محمود حمدان، الذي تنقّل أكثر من سبع مرات خلال حرب سابقة، عبّر بمرارة عن خشيته من رحلة نزوح جديدة أطول وأصعب. وقال: “كل فترة بطلعوا (الإسرائيليون) بشيء جديد: هدنة، حرب، نزوح. زهقنا والله، واللي بيموت بيريّح”.

قوافل متواصلة

على الطريق الساحلي ثم صعود “تلة النويري”، بدت الأفواج البشرية لا تتوقف: عربات تجرها الدواب، شاحنات صغيرة، وحتى أناس يمشون حفاة تحت الشمس. من بينهم عائلة “أبو حسام” التي قطعت أربع ساعات سيرا على الأقدام بين العربات والدراجات النارية وصولا إلى الزوايدة. “سنتين ما ذقنا فيهم طعم الحياة، من خوف إلى خوف ومن جوع إلى موت”، قال الرجل وهو يلتقط أنفاسه.

باعة على الطريق أكدوا أن حركة النزوح تصاعدت منذ أسبوع، وغالبية النازحين يبحثون عن مكان لإقامة الخيام، فيما قليل منهم يجد مأوى عند أقارب أو أصدقاء.

مجازر وحرائق تضرب النازحين

لكن النزوح لم يحمِ السكان من الموت. وزارة الصحة أعلنت عن 113 شهيدًا و304 إصابات خلال 24 ساعة، لترتفع حصيلة العدوان إلى 63,746 شهيدًا و161,245 إصابة منذ 7 أكتوبر 2023.

من بين المجازر، استشهاد 10 من عائلة الجريسي في شارع النفق شمال المدينة، و6 آخرين في الشيخ رضوان، وثلاثة في حارة “سُباط المفتي” بحي الدرج، إضافة إلى استهداف شقة مكتظة بالنازحين قرب ميناء الصيادين غرب غزة، ومنزل لعائلة القايض في حي الصبرة.

وفي محيط مستشفى الرنتيسي بحي النصر، أصيب نازحون بعد قصف خيامهم. كما استخدمت طائرات إسرائيلية مسيّرة قنابل حارقة لإشعال خيام وعربات نازحين في الشيخ رضوان، بينما دُمّرت منازل بروبوتات متفجرة.

استهداف الجائعين

لم تتوقف الهجمات عند الخيام، بل طالت تجمعات طالبي المساعدات. مستشفى العودة بالنصيرات أعلن استقبال 12 شهيدا و16 إصابة، بينهم أطفال ونساء، إثر قصف على محيط “محور نتساريم”. كما استشهد 3 مواطنين وأصيب أكثر من 50 قرب مركز توزيع مساعدات شمال رفح، في وقت تزداد فيه وفيات المجاعة إلى 367 شخصا، بينهم 131 طفلا.

مخاطر التهجير القسري

يهدف الهجوم الإسرائيلي البري المتواصل، ضمن خطة “عربات جدعون 2″، لإفراغ مدينة غزة بالكامل ودفع السكان نحو الوسط والجنوب، رغم التحذيرات الأممية. وقد توقعت وكالة “الأونروا” أن يتجاوز عدد النازحين 1.2 مليون في حال تطبيق الخطة، مؤكدة عجزها عن تلبية احتياجاتهم وسط الحصار.

ووصف الدفاع المدني ما يحدث بأنه “كارثة كبرى”، مشيرا إلى أن المنطقة التي يُطلب من السكان النزوح إليها لا تتجاوز 12% من مساحة القطاع، وتفتقر لمقومات الحياة. رئيس بلدية دير البلح حذّر من أن المدينة بلغت أقصى طاقتها الاستيعابية، فيما تتزايد المخاوف من انتشار الأوبئة بسبب تراكم النفايات ومياه الصرف الصحي.

تحذير دولي

وأكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن العمليات العسكرية تؤدي إلى “خسائر بشرية كبيرة ونزوح واسع”. وقد شدد المتحدث الأممي ستيفان دوجاريك على أن وقف إطلاق النار هو السبيل الوحيد لمنع انتشار المجاعة وتمكين الإغاثة.

مقاومة مستمرة

في المقابل، أعلنت كتائب القسام استهداف جرافة عسكرية “D9” وتجمع جنود في حي الزيتون بقذائف “الياسين 105” والهاون، فيما قصفت كتائب المجاهدين مواقع جنوب الحي بقذائف هاون دقيقة الإصابة.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير

cron