الوثيقة | مشاهدة الموضوع - بوابة تهجير بلا عودة: قصة المدينة الإنسانية الجديدة في رفح
تغيير حجم الخط     

بوابة تهجير بلا عودة: قصة المدينة الإنسانية الجديدة في رفح

مشاركة » الاثنين يوليو 14, 2025 8:27 pm

1.jpg
 
تتضمن خطة "المدينة الإنسانية" فكرة بناء تجمع كامل من الخيم المتراصة على أنقاض مدينة رفح التي يحتلها الجيش الإسرائيلي منذ أشهر طويلة ودمر مبانيها بالكامل، لكن لماذا يرفضها الغزيون والإسرائيليون على السواء؟

رفض الغزيون والإسرائيليون على السواء "المدينة الإنسانية" في رفح، فقد أشعلت هذه الخطة موجة غضب وانتقادات وشكوك في أنها بوابة تهجير وطرد للمدنيين في غزة من أراضيهم، وعادة ما يعارض سكان القطاع هذه الفكرة لأنها تعد مقدمة لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ترحيلهم، لكن لماذا تنتقدها تل أبيب؟

بينما كان وفدا "حماس" وإسرائيل يبحثان ملفات وقف إطلاق النار المرتقب، طرح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو خطة إقامة "مدينة إنسانية" على أنقاض رفح جنوب القطاع وحشر الغزيين فيها وتأهيلهم للهجرة الطوعية، مما انعكس سلباً على المفاوضات التي يأمل ترمب في أن تفضي إلى هدنة موقتة مدتها 60 يوماً.
مدينة من خيم

وبحسب خطة "المدينة الإنسانية" التي أعلن تفاصيلها وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، فإنها تتضمن بناء مدينة كاملة من الخيم المتراصة على أنقاض مدينة رفح التي يحتلها الجيش الإسرائيلي منذ أشهر طويلة ودمر مبانيها بالكامل، وفكرة "المدينة الإنسانية" تتمثل في معسكر ضخم لنحو 600 ألف غزي خلال المرحلة الأولى، على أن يؤوي في مرحلة لاحقة جميع سكان غزة، وبحسب الخطة سيمنع الغزيون المدنيون من مغادرة المدينة بعد دخولها، على أن توفر لهم منظمات دولية الطعام ويحميهم الجيش الإسرائيلي عن بعد، ثم يشجعهم على الهجرة.
5.jpeg
 

قد تكون "المدينة الإنسانية" بوابة لتنفيذ خطة ترمب تجاه غزة (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

وتقتضي الخطة أن يجمع الجيش الإسرائيلي الغزيين داخل "المدينة الإنسانية"، على أن يستكمل تزامناً تدمير ما بقي من القطاع وقتل كل من يرفض الانتقال إلى المعسكر الإنساني، وهكذا لن تكون للحرب بوادر نهاية.

ولاقت فكرة نتنياهو انتقادات من جميع من سمعها، فهي عبارة عن معسكر اعتقال ضخم لعزل الغزيين، إذ اعتبرتها الأمم المتحدة "معسكر غيتو" يمهد لتهجير قسري واسع النطاق، أما منظمة العفو الدولية فقالت إنها ترقى إلى جريمة حرب، وكذلك رفضها الاتحاد الأوروبي وعقّب عليها المستشار الألماني فريدريش ميرتس بالقول إنها "ممارسات غير مقبولة"، أما العرب فحذروا إسرائيل من السير فيها ورفضوها بالمطلق.
الغزيون: خطة فاشلة وتعلمنا الدرس

وأثارت "المدينة الإنسانية" الرعب في غزة وأجمع السكان على رفض التجاوب معها، فيقول شادي "من المؤكد أن خطة التهجير الإسرائيلية – الأميركية هذه ولدت ميتة، ولن تنجح حتى بالضغط العسكري، ففكرة تجميع السكان في مدينة خيم أمر مرعب وغير إنساني"، مضيفاً أن "خطة التهجير والنزوح الجماعي التي ينوي نتنياهو تنفيذها في رفح لن تحدث، ولن نكرر الذهاب إلى المناطق الإنسانية والآمنة، فعندما توجهنا للمواصي قُتلنا ولم نجد هناك طعاماً ولا خدمات صحية ولا لوجستية"، ويتساءل "هل يعقل أن نكرر الخطأ نفسه؟".

وعندما تولى ترمب الرئاسة أعلن خطة تحويل غزة إلى ريفييرا الشرق الأوسط، في فكرة تتضمن تهجير الغزيين من القطاع إلى دول مستضيفة وعدم السماح لهم بالعودة للقطاع، وفيما واجهت هذه الخطة انتقادات يبدو أن نتنياهو أعجب بها ويحاول تطبيقها.

وبغضب تصرخ هيفاء "يريد تهجرينا، ولكن سنظل نعيش في أماكن سكننا ولن ذهب إلى المدينة الإنسانية، فنحن لا نعتزم النزوح من جديد، ففي كل منطقة إنسانية نعاني تجارب قاسية، وفي المواصي مثلاً قتل أهلي في مجزرة مروعة راح ضحيتها آلاف القتلى والمصابين"، مضيفة أن "حياة الخيم صعبة في الصيف والشتاء، فالحياة في خيمة شبه مستحيلة، وخطة نتنياهو لن تنجح ولن يتعاون معها الغزيون لأن إسرائيل سبق أن قدمت لنا وعوداً كثيرة بإيجاد أماكن ومناطق آمنة وتوفير الطعام لكنها تقتلنا".

أما عابد الذي ذهب لتسلم الطعام من "مؤسسة غزة الإنسانية" وعاد مبتور القدم فيقول إن "المناطق الإنسانية لتوزيع الطعام في رفح ليست إنسانية، ولا أعتقد أننا سنذهب إلى مدينة الخيم، فربما نموت جميعاً قبل ذلك"، مضيفاً أن "التهجير من غزة هو العنوان الذي تخفيه المدينة الإنسانية في طياتها وهذا لن يحدث، فلن نغادر غزة المدمرة نحو مناطق لا نعرف العيش فيها وربما تكون 'غيتو' جديداً وربما تكون أشد قسوة علينا".
4.jpeg
 

زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد سخر من الخطة باعتبارها خيالاً (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)
كُلف مالية باهظة

وبالمجمل يرفض الغزيون "المدينة الإنسانية" لرفضهم النزوح والتهجير القسري والعيش في خيم والموت من أجل الطعام، لكن هذه الخطة الغريبة وجدت أيضاً رفضاً إسرائيلياً، فلماذا تعارضها تل أبيب؟

لتنفيذ الخطة يعتمد نتنياهو على الجيش الإسرائيلي وهو الطرف الأبرز ضمن معارضين لـ "المدينة الإنسانية"، إذ يرى رئيس أركان القوات المسلحة الإسرائيلية إيال زامير أنهم بحاجة إلى عام وأكثر لإنشاء المخيمات، وهذا يتعارض مع مبدأ تقصير أمد الحرب وليس إطالة القتال إلى ما لا نهاية، كما أنه يعتقد أن كلفة إقامة الـ "غيتو" ستكون مرتفعة وتصل إلى 15 مليار دولار، وأن مجرد إخلاء عُشر السكان المقرر نقلهم سيستغرق أشهراً عدة، وفي النهاية فإن هذه الخطة تعني إقامة حكم عسكري إسرائيلي في غزة، ويقول زامير "أعارض هذا التوجه فالخطة تفتقر إلى آلية أمنية وتنظيمية واضحة، وتتطلب نشر قوات عسكرية كبيرة في غزة"، وركز على جوانب الكُلف المالية الباهظة والثمن العسكري الثقيل، مؤكداً أنها ستقتطع من قدرات الجيش على تحقيق مهماته داخل القطاع وعلى رأسها القتال ضد "حماس" وإعادة المخطوفين.
المعارضة: إنها معسكر اعتقال

أما زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد فقد سخر من الخطة باعتبارها خيالاً، وقال إنها "فكرة سيئة من النواحي كافة وستجبر إسرائيل على عدم وجود خيار سوى البقاء في غزة، وإذا لم يتمكن الناس من المغادرة فستكون المدينة معسكر اعتقال، وإذا تمكنوا من المغادرة فلا حاجة إليها"، بينما علّق رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت بأنه "إذا جرى ترحيل الغزيين إلى المدينة الإنسانية الجديدة فيمكن القول إن هذا جزء من تطهير عرقي لم يحدث من قبل في العالم".
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير

cron