الوثيقة | مشاهدة الموضوع - تساؤلات كبيرة تحيط بإعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران
تغيير حجم الخط     

تساؤلات كبيرة تحيط بإعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران

مشاركة » الأربعاء يونيو 25, 2025 4:43 am

2.jpg
 
أثار إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل تساؤلات حول مدى صموده بعد 12 يوماً من التصعيد العسكري الذي شمل ضربات متبادلة بين الطرفين على مواقع نووية وعسكرية. ترمب سعى لضرب منشآت إيرانية من دون التورط في حرب طويلة، بينما جاء الرد الإيراني محسوباً. وعلى رغم إعلان التهدئة، الاتفاق لا يزال هشاً ولا تزال تفاصيله غامضة، وسط دعوات لمفاوضات جديدة في شأن البرنامج النووي الإيراني، في وقت تواجه طهران ضغوطاً داخلية وخارجية غير مسبوقة.

عندما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب قاذفات قنابل لضرب مواقع نووية إيرانية مطلع الأسبوع، كان يراهن على أنه يستطيع مساعدة إسرائيل حليفة بلاده في شل برنامج طهران النووي مع عدم الإخلال بتعهده منذ فترة طويلة بتجنب التورط في حرب طويلة الأمد.

وبعد أيام قليلة فحسب، يوحي إعلان ترمب المفاجئ أمس الإثنين، في شأن اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بأنه ربما يكون قد أعاد حكام طهران إلى طاولة المفاوضات.

لكن لا تزال هناك قائمة طويلة من التساؤلات الكبيرة التي لم تتم الإجابة عنها، منها إذا ما كان أي وقف لإطلاق النار يمكن أن يسري بالفعل ويصمد بين خصمين لدودين تحول صراع "الظل" بينهما الذي استمر لأعوام إلى حرب جوية تبادلا فيها خلال 12 يوماً الغارات الجوية.

ولا يزال من غير المعروف أيضاً فحوى الشروط التي اتفق عليها الطرفان، وهي غير مذكورة في منشور ترمب الحماسي على وسائل التواصل الاجتماعي الذي أعلن فيه "وقف إطلاق النار الكامل والشامل" الوشيك، وإذا ما كانت الولايات المتحدة وإيران ستعيدان إحياء المحادثات النووية الفاشلة، ومصير مخزون إيران من اليورانيوم المخصب الذي يعتقد عدد من الخبراء أنه ربما نجا من حملة القصف التي شنتها الولايات المتحدة وإسرائيل.

وقال جوناثان بانيكوف، نائب مسؤول الاستخبارات الوطنية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط سابقاً، "حقق الإسرائيليون كثيراً من أهدافهم... وإيران تبحث عن مخرج... تأمل الولايات المتحدة في أن تكون هذه بداية النهاية. يكمن التحدي في وجود استراتيجية لما سيأتي لاحقاً".

تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحروب وإحلال السلام (رويترز)
3.jpg
 



تساؤلات وشكوك

لا تزال هناك تساؤلات أيضاً في شأن ما تم الاتفاق عليه بالفعل، حتى في وقت عزز إعلان ترمب الآمال في نهاية الصراع الذي أثار مخاوف من اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقاً.

وفي الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء، قال الجيش الإسرائيلي إنه رصد صواريخ أطلقت من إيران باتجاه إسرائيل. وأفادت هيئة الإسعاف الإسرائيلية بسقوط قتلى في قصف صاروخي على مبنى في بئر السبع.

وبعد ذلك بوقت قصير، قال ترمب إن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران "دخل حيز التنفيذ الآن" وحث البلدين على عدم انتهاكه.

وبعد إعلان البلدين دخول وقف النار حيز التنفيذ، عاد الجيش الإسرائيلي وأعلن بعد وقت قصير رصد إطلاق صواريخ من إيران والتصدي لها، ليعود وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ويأمر الجيش بالرد بقوة على ما وصفه بانتهاك إيران للاتفاق، وهو ما نفته طهران من جهتها.

وبينما أكد مسؤول إيراني في وقت سابق أن طهران قبلت وقف إطلاق النار، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إنه لن يكون هناك وقف للأعمال القتالية ما لم توقف إسرائيل هجماتها.

لكن ذلك لم يمنع ترمب والموالين له من الاحتفاء بما يعتبرونه إنجازاً كبيراً لنهج السياسة الخارجية الذي يسمونه "السلام من خلال القوة".

وكان ترمب قد أيد ما خلصت إليه إسرائيل عن أن إيران تقترب من تطوير سلاح نووي، وهو ما تنفيه طهران منذ فترة طويلة. وقالت أجهزة الاستخبارات الأميركية في وقت سابق من العام الحالي إن تقييمها هو أن إيران لا تصنع سلاحاً نووياً، وقال مصدر مطلع على تقارير استخباراتية أميركية لـ"رويترز" الأسبوع الماضي، إن هذا الرأي لم يتغير.
رد إيران المحسوب

جاء إعلان ترمب بعد ساعات فقط من إطلاق إيران صواريخ على قاعدة جوية أميركية في قطر لم تسفر عن وقوع إصابات، وذلك رداً على إسقاط الولايات المتحدة قنابل خارقة للتحصينات زنة 30 ألف رطل على منشآت نووية إيرانية تحت الأرض مطلع الأسبوع.

وقالت مصادر مطلعة إن مسؤولي إدارة ترمب اعتبروا أن رد إيران أمس كان محسوباً لتجنب زيادة التصعيد مع الولايات المتحدة.

ودعا ترمب إلى إجراء محادثات مع إسرائيل وإيران. وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن تل أبيب وافقت على وقف إطلاق النار طالما لا تشن إيران هجمات جديدة. وذكر المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن إيران أشارت إلى أنها لن تشن ضربات أخرى.

وأضاف المسؤول أن ترمب تحدث مباشرة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكان نائب الرئيس الأميركي جيه. دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو والمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف على اتصال مباشر وغير مباشر مع إيران. وتوسطت قطر وساعدت في التواصل مع الإيرانيين.

وقال المسؤول في البيت الأبيض، إن إيران أبدت أيضاً تقبلها لوقف إطلاق النار لأنها في "حال ضعف شديد"، إذ عاش الإيرانيون أياماً شهدوا فيها قصفاً إسرائيلياً لمواقع نووية وعسكرية إضافة إلى استهداف كبار العلماء النوويين والقادة الأمنيين بعمليات قتل.

وتحدث ترمب علناً أيضاً في الأيام القليلة الماضية عن احتمالات "تغيير النظام" في إيران.

وذكر ثلاثة مسؤولين إسرائيليين في وقت سابق أمس الإثنين، أن الحكومة الإسرائيلية تتطلع إلى إنهاء حملتها على إيران قريباً، ونقلوا هذه الرسالة إلى الولايات المتحدة، لكن كثير سيعتمد على طهران.

وقالت لورا بلومنفيلد، الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط بكلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة في واشنطن، "أما وقد أعلن ترمب ’السلام العالمي‘ سيكون من الصعب على نتنياهو معارضته علناً".

صحيفة إيرانية تعنون عن الضربة الإيرانية على قاعدة العديد الأميركية في قطر (وانا/رويترز)
4.jpg
 



الحل ليس سهلاً

يمثل قرار ترمب غير المسبوق قصف مواقع نووية إيرانية خطوة طالما تعهد تجنبها، وهي التدخل عسكرياً في حرب خارجية كبرى.

ولم يراهن الرئيس الأميركي، في أكبر وربما أخطر تحرك في سياسته الخارجية منذ بدء ولايته الرئاسية، على قدرته على إخراج الموقع النووي الإيراني الرئيس في فوردو من الخدمة فحسب، بل أيضاً ألا يجتذب سوى رد محسوب ضد الولايات المتحدة.

وكانت هناك مخاوف من أن ترد طهران بإغلاق مضيق هرمز، أهم شريان نفطي في العالم، ومهاجمة قواعد عسكرية أميركية متعددة في الشرق الأوسط وتفعيل نشاط وكلاء لها ضد المصالح الأميركية والإسرائيلية في مناطق مختلفة من العالم.

وإذا استطاع ترمب نزع فتيل الصراع الإسرائيلي الإيراني، فقد يتمكن من تهدئة عاصفة انتقادات الديمقراطيين في الكونغرس وتهدئة الجناح المناهض للتدخل العسكري في قاعدته الجمهورية التي ترفع شعار "لنجعل أميركا عظيمة مجدداً" في شأن القصف الذي خالف تعهداته الانتخابية.

كما سيسمح له ذلك بإعادة التركيز على أولويات السياسة مثل ترحيل المهاجرين غير المسجلين وشن حرب رسوم جمركية ضد الشركاء التجاريين. لكن ترمب ومساعديه لن يتمكنوا من تجاهل الشأن الإيراني والتساؤلات العالقة التي يطرحها.

وتساءل دنيس روس، وهو مفاوض سابق لشؤون الشرق الأوسط في إدارات جمهورية وديمقراطية، "هل يصمد وقف إطلاق النار؟ نعم، يحتاج إليه الإيرانيون، والإسرائيليون هاجموا بصورة كبيرة قائمة الأهداف" التي وضعها الجيش الإسرائيلي.

لكن لا تزال العقبات قائمة، إذ يقول روس، "ضعفت إيران بصورة كبيرة، لكن ما هو مستقبل برامجها النووية والصاروخية الباليستية؟ ماذا سيحدث لمخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب؟ ستكون هناك حاجة إلى المفاوضات، ولن يكون حل هذه المسائل سهلاً".
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير