الوثيقة | مشاهدة الموضوع - فوردو: قلعة نووية إيرانية محصنة في باطن الجبل
تغيير حجم الخط     

فوردو: قلعة نووية إيرانية محصنة في باطن الجبل

مشاركة » السبت يونيو 21, 2025 3:12 pm

1.jpg
 
منشأة فوردو النووية الإيرانية، المحصنة تحت الأرض قرب قم، تشكل مصدر قلق دولي متزايد، بسبب قدرتها على تخصيب اليورانيوم بدرجات عالية، فيما تعجز إسرائيل عن تدميرها إلا بقنابل أميركية خارقة، مما يجعلها محوراً رئيساً في التوتر المتصاعد حول برنامج إيران النووي.

في أعماق تلال تقع وسط إيران، كثفت سلطات طهران إنتاجها من اليورانيوم المخصب، في تقرير حديث أعربت الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، وهي هيئة رقابية تابعة للأمم المتحدة، عن "بالغ قلقها" من "الزيادة الكبيرة في إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب وتخزينه" في إيران.

يشار إلى أنه عام 2018، عندما انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق النووي الذي توسط فيه سلفه الرئيس باراك أوباما، الذي كبح جماح البرنامج النووي الإيراني في مقابل تخفيف العقوبات عن إيران، لم تكن طهران تمتلك سوى 150 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.6 في المئة فقط. أما اليوم، فارتفع هذا الرقم إلى 409 كيلوغرامات مخصبة بنسبة 60 في المئة.

واستناداً إلى تحليل أجراه "معهد العلوم والأمن الدولي" Science and International Security (ISIS) الذي يتخذ من واشنطن العاصمة مقراً له، يمكن لإيران أن تحول هذا المخزون إلى مئات الكيلوغرامات من اليورانيوم المخصب بنسبة 90 في المئة، والصالح للاستخدام في صنع أسلحة نووية في غضون أسابيع قليلة.

كذلك، هذه الكمية تكفي لإنتاج تسعة أسلحة نووية.

في المقابل، تدير إيران أكثر من 30 منشأة في أنحاء البلاد، تشارك في مراحل مختلفة من دورة الوقود النووي، وجرى قصف عدد منها في الغارات الإسرائيلية الأخيرة التي تستهدف تعطيل القدرات النووية المحتملة لإيران.إلا أن أكثر هذه المنشآت إثارة للقلق، والمعروفة باسم فوردو، لا تزال سليمة. فهي مخبأة تحت الأرض ومحصنة بشدة، وتحتوي على نحو 2700 جهاز طرد مركزي أساس لتخصيب اليورانيوم.

في ما يأتي تورد "اندبندنت" ما هو متوافر من معلومات عن منشأة فوردو، التي تقع قرب مدينة قم الإيرانية، وتلقي الضوء على الأسباب التي تجعلها محط اهتمام إسرائيل ومثار قلقها إلى هذا الحد.

متى شيدت منشأة فوردو، وما طبيعتها؟

تعد فوردو ثاني منشأة إيرانية لتخصيب اليورانيوم، بعد الموقع الرئيس الإيراني في نطنز، محافظة أصفهان. كل ما يمكن رؤيته منها من الجو، هو خمسة مداخل أنفاق محفورة في سلسلة جبال، وتقع جميعها ضمن محيط أمني واسع.

يقال إن الموقع الذي يقع على عمق نحو 80 متراً تحت الصخور والتربة، محمي أيضاً بأنظمة صواريخ أرض - جو إيرانية وروسية، إلا أن بعض التقارير أشارت إلى أن إسرائيل ربما تكون قد استهدفت بالفعل هذه الدفاعات.

على رغم أن منشأة فوردو هي أصغر من نطنز حجماً، إلا أنها كثيراً ما كانت محور قلق دولي في ما يتعلق ببرنامج إيران لتخصيب اليورانيوم. وكان الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما عبر عن ذلك عندما كشف عن وجودها عام 2009، في حضور الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، قائلاً إن حجمها وتصميم بنيتها "يتجاوزان ما يتطلبه برنامج نووي سلمي".

وكانت إيران أبلغت "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" قبل أيام فقط من تصريح أوباما، عزمها تشييد منشأة جديدة لتخصيب الوقود، لكن بحلول ذلك الوقت، كانت أعمال البناء بدأت قبل أعوام. وفي هذا الإطار تؤكد الوكالة الرقابية الدولية، أن لديها صوراً التقطتها أقمار اصطناعية، تظهر أن موقع فوردو كان قيد الإنشاء منذ عام 2002.

لماذا تعد المنشأة محورية في الصراع الإسرائيلي - الإيراني؟

ليس من قبيل المصادفة أن الصواريخ الإسرائيلية الأولى التي ضربت إيران في هذه الجولة الأخيرة من الأعمال العدائية، جاءت بعد أن أصدرت "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" تقريراً أعربت فيه عن "قلقها البالغ" إزاء برنامج طهران لتخصيب اليورانيوم.

ونبهت الوكالة في تقريرها المؤرخ في الـ31 من مايو (أيار) الماضي، إلى أن "الارتفاع الحاد في إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب وتخزينه من جانب إيران - الدولة الوحيدة غير النووية التي تنتج مثل هذه المواد النووية - هو أمر مقلق للغاية".

بعد أسابيع قليلة، قال سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة يشيئيل لايتر لقناة "فوكس نيوز"، إن الحملة الجوية ضد إيران "ينبغي أن تستكمل بتدمير منشأة فوردو".

أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو فاعتبر أن برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم، وإمكان امتلاك طهران أسلحة نووية، يشكلان تهديداً وجودياً لبلاده.

وقد تم استهداف عدد من المواقع النووية الإيرانية الأخرى بالقصف الإسرائيلي، منها منشأتان لإنتاج أجهزة الطرد المركزي ضربتا صباح الأربعاء الماضي. إضافة إلى ذلك، جرى اغتيال عشرات من المسؤولين والعلماء النوويين الإيرانيين.

هل يمكن تدمير منشأة فوردو؟

في هذه النقطة تكمن مشكلة إسرائيل، فعلى رغم كونها من أكثر دول العالم تسلحاً وتمتلك بعضاً من أكثر الأسلحة المتطورة، ولديها تفوق جوي على إيران يمنح جيشها حرية القصف أينما شاء، إلا أنه قواتها تفتقر للأسلحة التي لديها القدرة على اختراق مخبأ عميق مثل موقع فوردو.

ووفقاً للخبراء، فإن السلاح الوحيد الذي يعتقد أنه قادر على إلحاق أضرار جسيمة بالمنشأة الإيرانية هو قنبلة "جي بي يو 57 / بي الخارقة للتحصينات الضخمة" GBU-57/B Massive Ordinance Penetrator التي تزن 30 ألف رطل، التي تمتلكها الولايات المتحدة.

ويوضح جاستن برونك الباحث البارز في مركز الأبحاث "المعهد الملكي للخدمات المتحدة" Royal United Services Institute (RUSI) والخبير في القوة الجوية، أن الطريقة الوحيدة لتدمير منشأة فوردو هي بإحداث تفجيرات متعددة في النقطة نفسها، باستخدام هذه القنبلة أميركية الصنع.

علاوة على ذلك، يشير برونك إلى أن هذا السلاح لا يمكن إيصاله إلا بواسطة قاذفة القنابل الشبح الأميركية "يو أس بي 2 سبيريت" US B-2 Spirit، ويؤكد أن نجاح الضربة "يتوقف كلياً على دقة إطلاق هذه القنابل وكفاءة استخدامها".

إلا أنه حتى الآن، لم تبد الولايات المتحدة أية نية واضحة لضرب الموقع النووي، وكانت إدارة الرئيس ترمب منخرطة في مفاوضات على الملف النووي مع طهران قبل الهجمات الإسرائيلية الأخيرة. مع ذلك، لم يستبعد الرئيس الأميركي احتمال شن عمل عسكري.

وأفاد مسؤولون أميركيون لشبكة "سي بي أس نيوز" بأن ترمب يدرس الانضمام إلى إسرائيل في هجماتها، وذلك لمنع إيران من تخصيب اليورانيوم إلى مستويات تمكنها من صنع أسلحة نووية.

وفي حديث على متن "طائرة الرئاسة الأميركية"، كان ترمب واضحاً في شأن خطه الأحمر عندما قال "لا يمكن لإيران أن تمتلك أسلحة نووية، المسألة هي بهذه البساطة".

في المقابل، كان المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي صريحاً هو الآخر بالمقدار نفسه، عندما حذر الولايات المتحدة من أنها ستواجه "عواقب مدمرة لا يمكن إصلاحها" إذا ما قامت بالتدخل.

© The Independent
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير