الوثيقة | مشاهدة الموضوع - العراق ما بعد التحالف الدولي.. تحديات الداخل وضغوط الخارج
تغيير حجم الخط     

العراق ما بعد التحالف الدولي.. تحديات الداخل وضغوط الخارج

مشاركة » الثلاثاء أغسطس 19, 2025 5:32 am

في تطور لافت يشير إلى بدء تنفيذ اتفاق الانسحاب بين بغداد وواشنطن، أفاد مصدر أمني عراقي، ببدء أولى مراحل انسحاب القوات الأمريكية من البلاد.

وأكد المصدر تحرك رتل عسكري من قاعدة عين الأسد باتجاه الأراضي السورية.

وتُعد قاعدة عين الأسد، الواقعة غرب الأنبار، ثاني أكبر القواعد الجوية في العراق، وتضم قوات أمريكية وعراقية ضمن قيادة عمليات البادية والجزيرة.

ويأتي هذا الانسحاب ضمن خطة تدريجية من مرحلتين، من المقرر أن تبدأ رسمياً في أيلول/ سبتمبر 2025، وتستكمل بالكامل في أيلول/ سبتمبر 2026، بحسب مصدر حكومي.

وتشمل المرحلة الأولى انسحاب القوات من بغداد، ولاحقاً تقليص عدد الجنود الأمريكيين إلى أقل من 500 عنصر يتمركزون في أربيل، فيما يُعاد نشر البقية في دولة الكويت.

إنجاز حكومي

ويؤكد المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، صباح النعمان، أن انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق يمثل أحد أبرز إنجازات الحكومة، مشيراً إلى أنه يُعد مؤشراً واضحاً على قدرة البلاد في التصدي للإرهاب وحفظ الأمن والاستقرار دون الحاجة إلى دعم خارجي.

ويقول النعمان إن هذا الانسحاب “ما كان ليتحقق لولا الجهود السياسية الحثيثة وإصرار رئيس مجلس الوزراء على إغلاق هذا الملف بشكل كامل”.

ويضيف أن “تصاعد قدرات قواتنا الأمنية، إلى جانب السعي الحكومي المستمر لتطوير المنظومة العسكرية والأمنية بأحدث التقنيات التسليحية والفنية، بالإضافة إلى تعزيز كفاءة الأجهزة الاستخبارية، كلها عوامل تمكّن العراق من مسك الملف الأمني بالكامل وردع أي تهديد لأمن البلاد”.

توازنات سياسية وأمنية

من جهته، ينوّه عضو ائتلاف دولة القانون، عمران الكركوشي، إلى أن ملف انسحاب التحالف لا يزال موضع جدل داخل الأوساط السياسية، إلا أنه يسير وفق اتفاقيات أمنية واضحة ضمن اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة مع الولايات المتحدة.

ويؤكد الكركوشي أن إعادة تموضع القوات الأمريكية، يأتي لتنفيذ الاتفاقيات الأمنية بين الطرفين وليس نتيجة ضغوط خارجية أو توترات إقليمية.

ويقول الكركوشي إن “الانسحاب يتم وفق تفاهمات رسمية بين بغداد وواشنطن، ولا علاقة له بالخلاف الإيراني – الإسرائيلي أو التصعيد في المنطقة”، مشدداً على أن “الوجود الأمريكي ما زال تحت مظلة مكافحة الإرهاب وبتنسيق دبلوماسي مع الحكومة العراقية”.

لم يمنع الخروقات الجوية

من جانبه، ينتقد النائب هيثم الزركاني استمرار بقاء قوات التحالف في العراق رغم “عجزها عن منع الخروقات الجوية المتكررة”، مؤكداً أن البرلمان أقر مطلب الانسحاب بعد تحقيق قدر كافٍ من الاستقرار الأمني.

ويضيف الزركاني أن “الأجواء العراقية استُخدمت لتنفيذ اعتداءات على دول الجوار، من دون رد من التحالف، كما أن الولايات المتحدة تعمدت عدم تزويد العراق بمنظومات دفاع جوي متطورة، ما يجعل انسحابها أو بقاؤها بلا أثر فعلي”.

تحول في طبيعة العلاقة

وكشف متحدث باسم السفارة الأمريكية في بغداد، عن قرب توقيع شراكة “مدنية” جديدة بين العراق والتحالف الدولي.

ويؤكد أن التحالف سيتحول من دور عسكري إلى شراكة أمنية واستشارية بقيادة مدنية، تهدف إلى دعم الاستقرار وبناء قدرات العراق، دون إنهاء كامل لمهمة مكافحة داعش.

تحديات ما بعد الانسحاب

من جهته، يحذر الخبير الأمني علي المعماري من أن الانسحاب من قاعدتي “عين الأسد” و”فيكتوريا” تم بناء على تقييمات لجهوزية القوات العراقية، لكنها غير مكتملة بعد، خصوصاً في ما يتعلق بالقوة الجوية والاستخباراتية.

ويقول المعماري إن “القوات العراقية تملك خبرات قوية في المعارك البرية ضد الإرهاب، لكنها لا تزال تفتقر إلى منظومات دفاع جوي فعالة، ورادارات متقدمة قادرة على التصدي للصواريخ والطائرات المعادية”.

ويلفت إلى أن تأمين الحدود يتطلب تقنيات متطورة، حيث لا يمكن للقوات البرية العمل بفاعلية من دون دعم استخباري وجوي متكامل.

التهديدات لم تعد محلية

بدوره يرى الخبير الأمني عدنان الكناني أن الخطر الذي يواجه العراق لم يعد محلياً فقط، بل أصبح إقليمياً ودولياً.

ويوضح أن “داعش كتنظيم انتهى، وما تبقى منه خلايا صغيرة، لكن التهديد الأكبر يأتي من أطراف خارجية، مثل احتمال اجتياح تركي، أو محاولة افتعال صراع عراقي – سوري”.

ويؤكد الكناني أن “الولايات المتحدة وإسرائيل قد تسعيان لاستخدام العراق كمنصة لممارسة الضغط أو شنّ العدوان على إيران، ما يشكل خطراً استراتيجياً على السيادة العراقية”.

نفوذ إقليمي متصاعد

وفي السياق ذاته، يشدد الخبير الأمني سيف رعد على أهمية الدور الذي لعبه التحالف في توفير الدعم الاستخباري والتقني، بما في ذلك الأقمار الصناعية، ومنظومات الرصد الجوي، والتي كانت تُستخدم عند الحاجة لتحديد أهداف عسكرية أو مراقبة نشاطات مشبوهة.

ويقول رعد إن “انسحاب التحالف قد يترك فراغاً، خاصة في ظل التوتر داخل سوريا، وتحركات تنظيم داعش في مخيم الهول، الذي لا يبعد سوى كيلومترات عن الحدود العراقية”.

ويضيف: “إيران بدورها تسعى لملء هذا الفراغ، خاصة بعد توقيع اتفاق أمني مع العراق مؤخراً، تزامناً مع التحركات الأمريكية للانسحاب”.

ويختتم رعد تحليله بالقول إن “انسحاب التحالف لا يعني نهاية التحديات الأمنية، بل قد يكون بداية لصراع نفوذ جديد، وعلى العراق أن يكون مستعداً له سياسياً وأمنياً”.

ومع اقتراب موعد الانسحاب الكامل لقوات التحالف الدولي من العراق، تتجه الأنظار إلى المرحلة التالية من التعاون الأمني بين بغداد وواشنطن، وسط تحذيرات من فراغ استخباري وجوي، وتخوفات من تصاعد النفوذ الإقليمي في الداخل العراقي.

وبينما تؤكد الحكومة العراقية قدرتها على ملء هذا الفراغ، يبقى التحدي الأكبر في كيفية الحفاظ على التوازن الأمني دون الاتكال على الدعم الخارجي
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron