منذ سنوات، والحديث عن نزع سلاح حزب الله يتكرر كإسطوانة مشروخة، تُحرّكها أصابع خارجية وتردّدها ألسنة لبنانية مأجورة أو واهمة. واليوم، يعود هذا الملف إلى الواجهة، وكأن لبنان يعيش في جنة أمان واستقرار، وكأن العدو الصهيوني قد محا اسمه من خريطة الأطماع!
الحقيقة التي يحاولون طمسها أن سلاح حزب الله لم يكن يوماً عبئاً على لبنان، بل كان الدرع الذي حمى الجنوب وردع إسرائيل، وحفظ توازن الرعب الذي يمنع تل أبيب من التفكير باجتياح جديد. هذا السلاح ليس بندقية عابرة ولا ترسانة طائشة، بل هو ثمرة تضحيات آلاف الشهداء، ونتاج عقود من الجهد والتدريب والخبرة القتالية.
من يتحدث اليوم عن تسليم السلاح يتجاهل أن المنطقة كلها على صفيح ساخن:
حدود الجنوب تشتعل كل يوم مع العدو الصهيوني.
واشنطن وتل أبيب تبحثان عن ثغرة لضرب محور المقاومة.
والفتن الداخلية يتم تحريكها كلما سنحت الفرصة لإشغال لبنان بنفسه.
فهل يعقل أن يسلّم حزب الله سلاحه في هذه اللحظة بالذات؟!
هذا ليس قراراً سيادياً كما يزعمون، بل وصفة انتحار جماعي للبنان. من يطالب به إمّا أنه يعيش في عالم الخيال، أو أنه يؤدي خدمة مجانية – وربما مدفوعة – للعدو.
إن سلاح المقاومة ليس ملك حزب الله وحده، بل ملك كل لبناني شريف، وكل عربي حرّ، وكل إنسان يدرك أن الحقوق لا تُسترد إلا بالمقاومة. من يفرّط به اليوم، يكتب بيده فاتورة الاحتلال غداً.
أما القرار الذي يلوّحون به، فسيتحول – إن صدر – إلى ورقة ضغط إعلامية وسياسية، لكنها ستبقى حبراً على ورق ما دام العدو قائماً، وما دامت الإرادة الحرة في لبنان حاضرة.
المعادلة واضحة:
من يريد نزع سلاح حزب الله عليه أولاً أن يضمن للبنان جيشاً قادراً على مواجهة إسرائيل، ودولة مستقلة القرار، وإقليم آمن من الفتن. وما عدا ذلك، فكل كلام عن نزع السلاح هو مؤامرة بغطاء وطني.