الوثيقة | مشاهدة الموضوع - مشاهد الدمار في خان يونس تدمي القلوب.. أحياء مُسحت بالكامل ورائحة الموت تفوح من تحت الركام
تغيير حجم الخط     

مشاهد الدمار في خان يونس تدمي القلوب.. أحياء مُسحت بالكامل ورائحة الموت تفوح من تحت الركام

مشاركة » الاثنين إبريل 08, 2024 4:33 pm

3.jpg
 
غزة – “القدس العربي”:

لم تختلف مشاهد الدمار التي خلفتها قوات جيش الاحتلال في مدينة خان يونس، بعد أربعة أشهر ونصف على شنها العملية العسكرية البرية، عن تلك التي تركتها خلفها في مناطق غزة والشمال، بل إن حجم الدمار زاد قليلا في بعض المناطق، التي تغيرت ملامحها بالكامل، بعد أن طحنتها آلة الحرب الإسرائيلية.

طحن المنازل

وفي هذه المدينة التي عانت ويلات أطول اجتياح بري متواصل شهدته مناطق القطاع منذ بدء الحرب، تغيرت الكثير من الملامح الأساسية للأحياء السكنية.

ففي بعض المناطق، مسحت قوات جيش الاحتلال جراء الغارات الجوية وعمليات النسف المتعمد والهدم باستخدام الجرافات الضخمة، عشرات المنازل المتجاورة، وسوتها جميعا بالأرض.

ومع بدء العودة التدريجية للسكان النازحين قسرا، لتفقد مناطق سكنهم وما تبقى من منازلهم، اتضح لهم جليا حجم الكارثة، بعد الغياب القسري الذي استمر لأربعة أشهر.

وكان هؤلاء السكان تركوا المدينة قسرا مع بدايات شهر ديسمبر من العام الماضي، بعد أيام قليلة من انتهاء “الهدنة المؤقتة” التي دامت لثمانية أيام، حيث بدأ جيش الاحتلال بتوسيع رقعة هجومه على القطاع، وأعلن عن بدء الدخول في عملية برية في مدينة خان يونس.

وكان جيش الاحتلال مع بداية العملية البرية، شرع تحت تهديد الأحزمة النارية والقصف المدفعي، بالطلب من السكان بالخروج من مناطق سكنهم، والتوجه غربا إلى منطقة “المواصي”، أو جنوبا إلى مدينة رفح، ولاحقا وسع عملياته حتى وصلت إلى أطراف “المواصي” التي يقطنها كم كبير من النازحين، بعد أن حاصر مشافي المدينة الواقعة غرب خان يونس، والمناطق المجاورة لها.

هذا ولم يجد الكثير من الأهالي أي شواهد تدل على منازلهم، سوى معرفتهم بالمكان الذي كانت قائمة عليه قبل الحرب. وفي مناطق تقع قي منطقة “المشروع” و”بطن السمين”، ومحيط مشفيي “الأمل” و”ناصر”، سويت الكثير من المنازل المجاورة بالأرض، وتشابك حطامها الذي غطى تلك المناطق، بشكل صعب على السكان معرفة مكان سكنهم.

الاستمرار في النزوح

“القدس العربي” تواصلت مع عدد من المواطنين في المدينة، بعد عودتهم الجزئية لمناطق سكنهم، فقال رامز صالح، الذي كان برفقة عدد من أشقائه، إنهم لم يستطيعوا تحديد مكان منزلهم بدقة، بعد أن تشابك ركامه مع ركام المنازل المجاورة.

وبحسرة تحدث رامز عن ذكريات الأسرة الممتدة في المنزل الكبير، ويقول إنه قبل الحرب كان يقيم هو وخمسة من أشقائه وأبنائهم في شقق داخل المنزل، وقال بحسرة “وين بدنا نروح”، وبجواره كان أحد أشقائه يصرخ بعد مشاهدة حجم الدمار.

ويقول إن الأمر أصاب معظم سكان الحي، لافتا إلى أنهم شاهدوا منذ أن دخلوا حدود المدينة التي كانت تشهد توغلا بريا، كما كبيرا من الدمار، الذي طال البنى التحتية والمنازل والمصانع والمنشآت العامة والكثير من المنازل.

وسيضطر رامز وأشقاؤه للبقاء في خيام النزوح التي أقاموها غرب مدينة رفح، بعد أن فروا بما عليهم من ملابس وأطفالهم، بعد دخول جيش الاحتلال لمنطقة سكنهم بشكل مفاجئ.

وفي مناطق وسط المدينة، ترك جيش الاحتلال دمارا كبيرا هناك، طال مركز المدينة وبالأخص المنطقة التجارية، مما سيؤثر لاحقا على الحركة التجارية في هذه المدينة.

كذلك أكد مزارعون كثر من المدينة تعمد جيش الاحتلال، تدمير الدفيئات الزراعية التي كانوا يقيمونها على أراضيهم الواقعة في مناطق عدة، وقال أبو محمد طعيمة، إن خسارة الدفيئات الزراعية، جاءت مترافقة أيضا مع تدمير وحرق الكثير من الحقول، حيث أجبرهم النزوح القسري، على ترك محاصيلهم دون التمكن من جني ثمارها، ما كبدهم مخاسر كبيرة في هذا الموسم.

ويؤكد أبو محمد أن معاودة إصلاح نظام الزراعة في المدينة التي تعتبر أكبر سلة غذائية في القطاع، سيحتاج إلى وقت طويل، ما سيطيل من مدة شح الخضار من الأسواق.

وأظهرت صور جوية حجم الدمار الكبير الذي خلفته قوات جيش الاحتلال بعد انسحابها، وهناك تقارير أولية تشير إلى أن حجم الدمار بلغ أكثر من 53% من المباني في هذه المدينة.

ولا يوجد في المدينة في هذا الوقت أي مقومات للحياة، خاصة بعد خروج المشافي عن الخدمة، جراء الهجمات الإسرائيلية.

انتشال الجثث

ولا يزال المواطنون وفرق الطوارئ والإنقاذ، تعمل على انتشال جثامين شهداء من تحت ركام المنازل، وبعضهم قضى وبقي تحت الركام منذ بداية الهجوم البري، وذلك بعد أن قام السكان وتلك الطواقم، بانتشال جثامين الكثير من الشهداء من الطرقات والشوارع.

وقد أعلن جهاز الدفاع المدني، البدء بعملية انتشال جثث الشهداء بعد الانسحاب من المدينة، لافتا إلى أن أغلب الجثث التي جرى انتشالها كانت متحللة، نظرًا لطول مدة الاجتياح.

وتفوح رائحة الموت من كافة أحياء المدينة، وعلاوة عن حجم الدمار في المزارع، تعمدت قوات الاحتلال تدمير الأشجار التي كان المواطنون ولجان الاحياء يزرعونها في الشوارع.

وكان من بين من عادوا إلى المدينة أيضا محمود أبو مصطفى، والذي تضرر منزله بشكل بليغ ولم يعد يصلح للسكن، وقال إنه صدم من حجم الدمار الذي شاهده، بعد وصوله إلى منطقة سكنه.

وقال هذا الرجل إنه وغيره الكثيرين لم يفضل العودة لتفقد المكان في اليوم الأول للانسحاب، خشية من شن الجيش هجوما مباغتا، أو أن يكون الانسحاب خدعة لارتكاب مجازر.

ولا يفكر هذا الرجل حاليا بالسكن في المنزل بإمكانياته البسيطة، وسيضطر للبقاء في خيمة نزوح أقامها في منطقة “المواصي”، حيث عبر لـ “القدس العربي” أيضا عن خشيته من عودة جيش الاحتلال لتنفيذ عملية مباغتة، على غرار تلك التي نفذها ضد مناطق غرب مدينة غزة، بعد انسحابها من هناك، بعد أن كانت قد نفذت عملية الاجتياح الكبير، في بدايات الحرب.

ولا توجد في المدينة شبكات مياه، فيما دمر الاحتلال الكثير من شبكات الصرف الصحي، كما جرفت قوات الاحتلال بشكل متعمد الطرقات الرئيسة والفرعية في المدينة، وحلت الرمال وأكوام الطين بدلا من الشوارع المعبدة.

وسابقا حذرت منظمات اغاثية دولية من خطر القنابل الإسرائيلية التي لم تنفجر خلال الحرب، ودعت الأهالي لعدم الاقتراب والعبث بها، ومن المحتمل أن يكون هناك كم كبير من هذه القذائف في مدينة خان يونس.

ورغم تلك المخاوف وحجم الدمار، إلا أن هناك مواطنين فضلوا العودة للسكن في مناطق سكتهم المدمرة، وبعضهم يفكر في إقامة خيام السكن فوق أو بجوار الدمار.

الخشية من هجوم مباغت

كذلك هناك خشية من السكان، من أن يكون الانسحاب مقدمة للعملية البرية التي يهدد جيش الاحتلال بتنفيذها في مدينة رفح المجاورة، من حيث إفساح المجال للنازحين في تلك المدينة، بالتوجه شمالا إلى خان يونس.

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مصادر في الجيش الإسرائيلي، بأن أحد أسباب الانسحاب هو ترك أماكن للنازحين الذين سيطلب منهم مغادرة رفح.

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية، أن الجيش يواصل استعداداته لعملية مستقبلية في رفح، لافتة إلى أن وزارة الجيش نشرت مساء الأحد، أي بعد أقل من 24 ساعة على الانسحاب، مناقصة لشراء عشرات آلاف الخيم للاجئين في رفح.

ووفقا لما نشر، فإنه من المتوقع أن يتم شراء 40 ألف خيمة، تؤوي كل واحدة منها 12 شخصا، وهذه الخيام سيتم تسليمها للمنظمات الدولية في غزة، حتى يتم إقامة مدينة خيام ضخمة يصل إليها لاجئون من رفح تجاه شمال غزة، حيث يستعد الجيش الإسرائيلي لعملية بمشاركة أكثر من وحدة عسكرية.

وقالت الهيئة إن العملية ستنطلق بعد أسابيع، حيث ستكون عدة أحداث مهمة بالأفق، وفي مقدمتها المحاولة المستمرة للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير