الوثيقة | مشاهدة الموضوع - المهمة الحيوية لإعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة • نجاح محمد علي
تغيير حجم الخط     

المهمة الحيوية لإعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة • نجاح محمد علي

مشاركة » السبت مارس 16, 2024 4:44 am

قبل انتخابه وبعد انتخابه ، كان الرئيس الأميركي جو بايدن يقول إن الولايات المتحدة ستعود إلى الانضمام إلى خطة العمل الشاملة المشتركة المعروفة بالاتفاق النووي الإيراني إذا استأنفت طهران التزامها الكامل بها. وكانت إيران تقول، من جهتها، إنها ستفعل ذلك إذا خففت واشنطن العقوبات عليها . لم يتحقق ذلك ، و قبل انتهاء ولاية بايدن الرئاسية ينبغي لكل من الطرفين استخدام الإطار الموجود أصلاً بدلاً من محاولة انتزاع تنازلات من الطرف الآخر.

تعرض الاتفاق النووي للصدمات والرضوض، بات على آخر رمق. فمنذ عام 2018، وهو يتعرض لهجوم لا هوادة فيه: انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، وحملة ممارسة “أقصى درجات الضغط” من قبل إدارة ترامب على طهران، وأعمال تخريب ممنهجة استهدفت المنشآت النووية الإيرانية، واغتيال كبير العلماء النوويين الإيرانيين، إضافة إلى تزايد تحدي إيران للقيود التي تفرضها خطة العمل الشاملة المشتركة. تهدد جميع هذه الضغوط بإنهاء الاتفاق.
يوفر إعادة انتخاب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة فرصة لمنع انهيار الاتفاق. لكن ينبغي على إدارته، وكذلك على القيادة الإيرانية والمشاركين الآخرين في خطة العمل الشاملة المشتركة، العمل بسرعة قبل 20 كانون الثاني/يناير من أجل وقف أزمة توشك على الاندلاع.

في هذا الواقع نقلت صحيفة فايننشال تايمز عن مسؤولين أمريكيين وإيرانيين قولهم إن واشنطن وطهران أجرتا محادثات سرية هذا العام .واشنطن سعت لإقناع طهران باستخدام نفوذها على الحوثيين لإنهاء الهجمات في البحر الأحمر، مقابل العودة إلى الاتفاق. النووي.

لكن إذا كان النزاع حول البرنامج النووي الإيراني ومسألة كيفية العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة ، حتى قبل ثلاث سنوات، تعتبر العقدة الرئيسية في علاقات طهران الخارجية مع مايسمى المجتمع الدولي وخاصة الغرب ، إلا أن هناك عاملين أضيفا إلى هذه العقدة؛ أولاً، الهجوم العسكري للجيش الروسي على أوكرانيا في 25 فبراير 2021، ثم عملية حماس في 7 أكتوبر 2023، والتي غيرت شكل وطبيعة التوتر بين طهران والغرب عن الماضي. هذا في حين أن النزاعات الأخرى المستمرة، سواء كانت مايتعلق بحقوق الإنسان أو قضية الإرهاب أي دعم إيران لحركات التحرر ، لعبت دائمًا دورًا هامشيًا في التوترات بين الجانبين.
بمعنى آخر، يمكن أن يكون حل النزاع النووي، رغم التغيرات الكميّة والنوعية التي طرأت عليه، هو المفتاح الأساسي لفتح الطريق أمام خفض التصعيد بين الطرفين.

في يوم الاثنين الماضي، قال “ناصر كناني”، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ، في مؤتمر صحفي “إيران مستعدة لعودة جميع الأطراف {وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين} إلى خطة العمل الشاملة المشتركة”. لكن هل جميع الأطراف المتفاوضة على خطة العمل الشاملة المشتركة جاهزة لهذه العودة؟ والأهم من ذلك، ما مدى استعداد طهران لهذه الدعوة؟ هل هذه الدعوة أشبه بمجاملة دبلوماسية أم أن العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة مدرجة بالفعل على جدول الأعمال؟

كان العام الماضي مليئا بالفرص والتشويق في سياق دبلوماسية لا تتعلق بالنزاع النووي الإيراني مع الغرب فحسب، بل أيضا بمدى إمكانية استعادة العلاقات . ورغم أن هذه الفرص وصلت فجأة إلى طريق مسدود في العام السابق ، إلا أنها هذا العام في وضع أكثر تعقيدا بكثير مما كانت عليه في الماضي، مع بروز المزيد من الطبقات، التي تواجه الفشل وتواجه مستقبلاً غامضاً.
ويبدو أن تعليق الوضع أصبح حالة دائمة في دبلوماسية طهران . وقد يفسر هذا الوضع في نظر “أصحاب العقول البسيطة” على أنه فرصة للتغلب على المشاكل اليومية؛ وبحسب المثل المعروف “إذا حدث غداً فلنفكر به غداً”، فمن الممكن تأجيل اقتراب الأزمة إلى الغد، لكن البقاء في عزلة دبلوماسية يزيد حجم الضرر كل يوم، خاصة في الميدان، وتحديداً في الوضع الاقتصادي والمطالب الشعبية ذات الصلة.

والآن، أكثر من أي وقت مضى، تحتاج طهران إلى الانفتاح في علاقاتها الخارجية. هذا في حين أن حتى الثغرات التي نشأت في بعض المجالات، بما في ذلك إمكانية الإفراج عن جزء من الأموال الإيرانية المحتجزة في العراق وكوريا الجنوبية، لا تزال معلقة. وقد أعلنت بغداد مؤخراً أنها تستطيع تسليم النفط الأسود مقابل ديونها البالغة 10 مليارات دولار لإيران؛ لأن العقوبات الأمريكية رغم أنها أحادية غير قانونية ، تمنع الدفع نقداً.

كما أن 6 مليارات دولار من ديون كوريا الجنوبية المسددة لا تزال{بعد طوفان الأقصى} لم يتم البت فيها ولم يتم المساس بها في بنك قطر . ولم يتم الإعلان عن سبب واضح لذلك بعد، لكن ما يمكن استخلاصه هو أنه حتى إشعار آخر، لا يوجد أي خبر عن الاستفادة من الأموال المذكورة بشكل نقدي.

والآن يواجه الغرب مشكلته مع طهران، وليس فقط مع تطور القدرة النووية الإيرانية، وما قدمه المدير العام للوكالة النووية الدولية في تقريره ربع السنوي لمجلس محافظي الوكالة؛ بل امتدت إلى طبيعة العلاقات بين طهران وموسكو، خاصة في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا، وكذلك الحرب العدوانية على الشعب الفلسطيني المظلوم الصابر في غزة ومستقبل منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي المنطقة الخليجية. وهذا هو النهج الذي اتبعته إدارة دونالد ترامب خلال السنوات الأربع التي قضاها في منصبه في الولايات المتحدة.
وتألف هذا النهج من: تعليق خطة العمل الشاملة المشتركة، والانسحاب منها؛ تجميد طهران في أي محاولة للتخلص من العقوبات المفروضة عليها؛ وإبعاد طهران عن روسيا والصين؛ العمل على قطع أو تقليص نفوذ طهران الإقليمي؛ الضغط للحد من تكنولوجيا الصواريخ الإيرانية، والأهم من ذلك، خلق إجماع عالمي ضد سياسات طهران الاقليمية بشكل خاص.

وكان من الممكن أن تكون إدارة جو بايدن فرصة لتحييد عواقب نهج إدارة ترامب السابقة تجاه طهران؛ كما حدث في الانفراجات التي تم التوصل لها في بيع النفط الإيراني للصين وبعض الدول بما فيها الهند. لكن منذ البداية، اعتمد بايدن أيضاً نهجاً حازماً وحذراً. يتألف هذا النهج من الحد من أهداف طهران التصديرية وجعل أي نمو اقتصادي لإيران يعتمد على صادرات النفط. ومن وجهة نظر بايدن، في كل مرة يتم فيها الاقتراب من الاتفاق النووي، كان هناك احتمال لفتح فتحات جديدة في خدمة تخفيف الضغوط المفروضة على طهران.
إن تأخر طهران في تسريع اختتام مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة والمأزق الذي خلقته بسبب اندلاع الحربين في أوكرانيا ثم في غزة، أدى إلى إضعاف الرغبة العامة لدى واشنطن وأوروبا في التركيز على إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة والخروج منها. إلى نهاية هاتين الحربين. هذا فيما المجتمع الدولي مصدوم من صوت أقدام ترامب على العودة إلى المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض.

والسؤال الآن هو؛ هل سيكون إعلان استعداد طهران للعودة إلى الاتفاق النووي موضع ترحيب من قبل الأطراف المتفاوضة؟ وما هو رأي الأطراف المتفاوضة؟
وأخيراً، ألم يحن الوقت لتلقي الفرص في المواقف المحتملة وفقاً للخبرات المكتسبة؟

إن التوقف عن العودة إلى الالتزام الكامل بخطة العمل الشاملة المشتركة إلى أن تتم تسوية كل شيء فإنه يخاطر بعدم تسوية أي شيء على الإطلاق.

صحيح أن التفاوض تحت ظل التهديد النووي الإيراني ليس مغرياً. لكن الانتقادات ستكون أكثر إقناعاً لو لم تكن الولايات المتحدة هي التي اتخذت الخطوة الأولى بالانسحاب من الاتفاق – واللجوء فعلياً إلى عملية ابتزاز خاصة بها من خلال فرض العقوبات.

• نجاح محمد علي صحفي استقصائي مستقل من العراق. خبير في الشؤون الايرانية والإقليمية
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات