لندن ـ «القدس العربي»: اكتشف العلماء أن الكون يتلاشى أسرع بكثير مما كانوا يعتقدون، وحددوا بدقة متى سيفنى، وهو ما دفع إلى الاعتقاد بأن العالم سينتهي أقرب مما كان يسود الاعتقاد سابقاً.
وخلص فريق من الباحثين من جامعة رادبود في هولندا إلى أن جميع نجوم الكون ستُظلم في غضون «كوينفيجينتيليون» سنة، أي واحد متبوعاً بـ78 صفراً.
وحسب تقرير نشرته جريدة «دايلي ميل» البريطانية، واطلعت عليه «القدس العربي»، فإن هذه المدة أقصر بكثير من التنبؤ السابق بـ10 أس 1100 سنة، أو واحد متبوعاً بـ1100 صفر.
وترتبط العملية التي يعتقدون أنها تُسبب موت الكون بإشعاع «هوكينغ»، حيث تُصدر الثقوب السوداء إشعاعاً أثناء «تبخرها» تدريجياً إلى العدم.
وكان يُعتقد أن هذه ظاهرة حصرية بالثقوب السوداء، لكن الباحثين أظهروا أن أشياء مثل النجوم النيوترونية والأقزام البيضاء يمكن أن تتبخر أيضاً بشكل مشابه للثقوب السوداء.
وتُمثل النجوم النيوترونية والأقزام البيضاء المرحلة الأخيرة من دورة حياة النجم. وتنفجر النجوم الضخمة متحولةً إلى مستعرات عظمى ثم تنهار إلى نجوم نيوترونية، بينما تتدهور النجوم الأصغر، مثل شمسنا، إلى أقزام بيضاء.
ويمكن لهذه النجوم «الميتة» أن تستمر لفترات طويلة للغاية، لكن وفقاً للباحثين، فإنها تتبدد تدريجياً وتنفجر بمجرد أن تصبح غير مستقرة للغاية.
وبعبارة أخرى، فإن معرفة المدة التي يستغرقها نجم نيوتروني أو قزم أبيض للموت تُساعد العلماء على فهم الحد الأقصى لعمر الكون، لأن هذه النجوم ستكون آخر النجوم التي تموت.
ولم تأخذ الدراسات السابقة إشعاع «هوكينغ» في الاعتبار، وبالتالي بالغت في تقدير الحد الأقصى لعمر الكون، وفقاً للباحث الرئيسي هينو فالكي، أستاذ علم الفلك الراديوي وفيزياء الجسيمات الفلكية في جامعة رادبود.
وسعى فالكي وزملاؤه إلى تصحيح هذا الأمر بحساب المدة التي تستغرقها النجوم النيوترونية والأقزام البيضاء للتحلل عبر عملية شبيهة بإشعاع هوكينغ، ووجدوا أن الأمر يستغرق «كوينفيجينتيليون» سنة.
وقال في بيان: «لذا فإن نهاية الكون تأتي أسرع بكثير مما كان متوقعاً، ولكن لحسن الحظ، لا يزال الأمر يستغرق وقتاً طويلاً جداً».
وفي عام 1975 قال الفيزيائي البريطاني الشهير ستيفن هوكينغ إن الجسيمات والإشعاعات يمكن أن تفلت من ثقب أسود، وهو ما يتناقض مع الاعتقاد السائد بأن لا شيء يفلت من جاذبية هذه الأجسام الضخمة للغاية. ولكن وفقاً لهوكينغ، يمكن أن يتشكل جسيمان مؤقتان على حافة ثقب أسود، وقبل أن يندمجا، يُسحب أحدهما إلى داخل الثقب الأسود ويهرب الآخر. وهذه الجسيمات الهاربة هي إشعاع «هوكينغ».
ومع هروب المزيد والمزيد من هذه الجسيمات بمرور الوقت، يتحلل الثقب الأسود تدريجياً. ويتناقض هذا أيضاً مع نظرية النسبية لألبرت أينشتاين، التي تنص على أن الثقوب السوداء لا يمكن إلا أن تنمو.
واستخدم الفريق البحثي دراستهم لعام 2023 والمنشورة في مجلة «رسائل المراجعة الفيزيائية»، لوضع الأساس لهذا الاكتشاف الأخير.
وفي العمل السابق، أظهر فالكي وزملاؤه أن جميع الأجسام ذات المجال الجاذبي يجب أن تكون قادرة على التبخر عبر عملية مماثلة.
وعلاوة على ذلك، أشارت حساباتهم إلى أن معدل التبخر يعتمد فقط على كثافة الجسم. ومن هنا، كان تطبيق مفهوم إشعاع هوكينغ على النجوم النيوترونية والأقزام البيضاء في دراستهم الجديدة يعتبر أمراً بسيطاً نسبياً.
وعلى الرغم من أن هذه الحسابات الجديدة تُقلص عمر الكون بسنواتٍ لا تُصدق، إلا أنها لا تُغير حقيقة أن البشر ليسوا مضطرين للقلق بشأن نهاية كل شيء في أي وقت قريب. لكنها تُقدم نظرةً جديدةً على نظرية هوكينغ المثيرة للجدل.
وقال والتر فان سويجليكوم، المؤلف المشارك، وأستاذ الرياضيات في جامعة رادبود: «بطرح هذه الأسئلة والنظر في الحالات القصوى، نريد فهم النظرية بشكل أفضل، وربما يوماً ما، سنكشف لغز إشعاع هوكينغ».