حذر باحثون في الشأن الاقتصادي من أن مستقبل ميناء الفاو الكبير، الذي يُعد أحد أبرز المشاريع الاستراتيجية للعراق في مجال النقل البحري والتجارة الإقليمية، بات مهدداً بسبب محاولات ترسيم الحدود البحرية في خور عبد الله مع الكويت، وهو ما قد يؤدي إلى تقليص السيطرة العراقية على الممرات المائية الحيوية في هذا الخور.
وقال الباحث الاقتصادي ضياء عبد الكريم، إن “ميناء مبارك الكبير الكويتي هو ميناء شكلي من حيث الوظيفة التجارية، لكن الهدف الحقيقي من إنشائه يكمن في فرض واقع جغرافي جديد يسمح للكويت بالتأثير في الممرات البحرية التي يعتمد عليها العراق، لا سيما في خور عبد الله”.
وأضاف أن “الكويت تسعى من خلال هذا الترسيم إلى أن تكون شريكاً في إيرادات النقل التي ستتحقق عبر ميناء الفاو الكبير، رغم أن هذا الخور عراقي تاريخياً، كما تؤكد ذلك الخرائط القديمة والوثائق الرسمية”.
وأكد عبد الكريم أن “ترسيم الحدود البحرية في هذا الخور، وبالطريقة التي تُطرح حالياً، لن يكون في صالح العراق لا اقتصادياً ولا استراتيجياً”، مشدداً على أن “المصلحة الوطنية تقتضي الإبقاء على سيادة العراق الكاملة على مياه خور عبد الله، وعدم الانجرار إلى اتفاقيات قد تُفقده هذا الحق مستقبلاً”.
ويُعد خور عبد الله الممر البحري الرئيسي الذي يربط العراق بالخليج العربي، ويمثل شرياناً أساسياً لحركة السفن التجارية نحو موانئ أم قصر والفاو. وقد أثار مشروع ميناء مبارك الكويتي منذ إطلاقه في عام 2011 جدلاً واسعاً في العراق، بسبب قربه الشديد من الحدود البحرية المشتركة، وتأثيره المحتمل على حركة الملاحة العراقية.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي عبدلله الدليمي إن “أي تنازل عن سيادة العراق على خور عبد الله سيؤثر على قدرته في إدارة ميناء الفاو بصورة مستقلة”، محذراً من أن “الكويت قد تستخدم هذا الترسيم كورقة ضغط مستقبلية للتحكم في حجم ووتيرة الصادرات والواردات العراقية”.
ودعا الدليمي الحكومة العراقية إلى “إعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة مع الكويت بشأن الحدود البحرية، ومراجعة قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولا سيما القرار 833، بما يضمن حفظ حقوق العراق المائية والاقتصادية”.
وتؤكد أوساط اقتصادية عراقية أن نجاح ميناء الفاو الكبير وتحقيق عوائده المرجوة يعتمد بالدرجة الأولى على بقاء العراق صاحب القرار الوحيد في إدارة حركة الملاحة عبر خور عبد الله، وأن أي تقاسم أو شراكة إجبارية قد تقلص من فعالية المشروع وتضعف مكانته في خارطة النقل الإقليمي والدولي.