الوثيقة | مشاهدة الموضوع - الموقع النووي الإيراني اللغز: هل دمرت أمريكا منشأة فوردو؟ لا أحد يعرف
تغيير حجم الخط     

الموقع النووي الإيراني اللغز: هل دمرت أمريكا منشأة فوردو؟ لا أحد يعرف

القسم الاخباري

مشاركة » الأربعاء أغسطس 20, 2025 2:54 pm

2.jpg
 
لندن – “القدس العربي”:

بعد مرور أكثر من شهرين على ضرب المفاعلات النووية الإيرانية في عملية أمريكية- إسرائيلية، لا أحد يعرف حجم الضرر الذي حصل للمفاعلات الرئيسية وبخاصة مفاعل فوردو المبني تحت الأرض.

وفي تقرير أعده جيمس غلانز وصموير غراندوز وجونو لي وإريك شميدت وماركو هيرننديز قالوا إنه بدون الوصول إلى الموقع، قد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يتمكن الخبراء الدوليون من تقييم حجم الأضرار التي لحقت بفوردو بدقة، مع أن تقييما أمريكيا حديثا توصل إلى أن الموقع قد تضرر بشدة.

لكن إلقاء نظرة على القنبلة المستخدمة وهيكل المنشأة، بالإضافة إلى تقييم جيولوجيا الموقع، تقدم بعض الأدلة. فقد استخدم الأمريكيون قنبلة جي بي يو -57 العملاقة التي أطلقوها من مقاتلة بي-2 وتزن 30,000 رطل ومحملة بـ 5,000 رطل من المتفجرات وتصطدم بالأرض بسرعة تفوق سرعة الصوت تقريبا قبل أن تنفجر. ورغم قوتها، يقول الخبراء إنه حتى قنبلة مثل جي بي يو-57 ليست قادرة على تدمير هدف محصن مدفون عميقا في صخور جبل.

يظهر تقدير تقريبي أن مقذوفا يزن 30,000 رطل ويتحرك بسرعة أسرع من سرعة الصوت سيقطع مسافة تتراوح بين خمسة إلى عشرة أمتار على الأكثر، ويخترق عدة أنواع معروفة من الصخور، بما في ذلك تلك التي يرجح وجودها في فوردو

ويظهر تقدير تقريبي أن مقذوفا يزن 30,000 رطل ويتحرك بسرعة أسرع من سرعة الصوت سيقطع مسافة تتراوح بين خمسة إلى عشرة أمتار على الأكثر، أي ما يصل إلى حوالي 35 قدما، ويخترق عدة أنواع معروفة من الصخور، بما في ذلك تلك التي يرجح وجودها في فوردو، كما قال رايان هيرلي، الأستاذ المشارك في الهندسة الميكانيكية بجامعة جونز هوبكنز والخبير في طبيعة عمل الصخور في الظروف القاسية.

وتضع معظم التقديرات عمق فوردو في مكان ما بين 260 و360 قدما. وقد تسمح الشقوق التي خلفها الانفجار الأول للقنابل اللاحقة بالوصول إلى عمق أكبر، ولكن من الصعب التنبؤ بمدى ذلك.

ويعتقد هيرلي وخبراء آخرون أن الحساب الدقيق للأضرار سيظل مستحيلا بدون معالجة حاسوبية متقدمة وبيانات سرية عن اختبارات في العالم الحقيقي وتقدير السرعة الدقيقة وشكل القنبلة، والمعرفة الواسعة بهيكل فوردو وجيولوجيا الموقع.

وتقول الصحيفة إن المخططين للهجوم عندما بحثوا عن مناطق ضعف في بنية فوردو، ركزوا على فتحات التهوية التي تفتح على سفح الجبل فوق المخبأ، مما يسمح لهم بتجنب محاولة اختراق الصخور الصلبة فوق المنشأة. وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية مطلع على عملية صنع القرار، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن الفتحات الرئيسية لم تكن تتجه للأسفل بشكل مستقيم. بل كانت تتعرج وتدور بشكل لولبي إلى حد ما في الأعلى، مما يعني أن الطريق إلى المخبأ لم يكن مستقيما حتى النهاية. ولم يكن الشكل الدقيق لفتحات التهوية واضحا، لكن زواياها تعني أن القنابل ستواجه مزيجا من الصخور والأنفاق المفتوحة. ولهذا قرر المخططون للضربة أنهم سيحتاجون إلى قنابل متعددة. وكان كل من الفتحات ينفتح على شكل رمح بثلاث شعب في الأعلى، حسب إحاطة البنتاغون في 26 حزيران/يونيو. وفي كلا الموقعين، كان الهدف هو تفجير كتلة خرسانية بقنبلة واحدة وإسقاط خمس قنابل أخرى أسفل الفتحة الرئيسية.

وأشار الخبراء إلى عامل الجيولوجيا في تحديد حجم الدمار، حيث يعتمد الضرر الذي تتركه قنبلة جي بي يو -57 على الجيولوجيا عند نقطة الارتطام.

وقد أفاد عدد من الذين استشارتهم صحيفة “نيويورك تايمز” أن مسحا إيرانيا لمنطقة فوردو، نشر عام 2020 في مجلة “جيوبيرسيا”، وهي مجلة أكاديمية تابعة لجامعة طهران، يشير إلى أن الصخور هناك تتكون في معظمها من “إغينمبرايت”، وهو نوع من الصخور البركانية. ويقول يتسحاف ماكوفسكي، أستاذ علم الجيولوجيا بجامعة حيفا أن صخور إغينمبرايت “صعبة الحفر”. وقال إن المساكن القديمة الجوفية في كابادوكيا، وسط تركيا، نحتت في مادة إغينمبرايت، وبعض هذه الهياكل لها مستويات متعددة، تربط بين الأنفاق ومئات المداخل.

وقال ماكوفسكي إن الدرجة الدقيقة أو صلابة إغينمبرايت حول فوردو غير واضحة، ولكن كما هو الحال في كابادوكيا، ربما سهلت هذه المادة بناء مخبأ تحت الأرض. وقال إنه من الناحية البصرية، يبدو إغينمبرايت حول فوردو لينا نسبيا، ولكن يلزم إجراء دراسة أدق للتأكد من ذلك. وأضاف أن صخور إغينمبرايت قدمت ميزة أخرى للإيرانيين. لأنها مسامية نسبيا، يمكن أن تعمل على كبح موجات الصدمة المدمرة، مثل تلك الناتجة عن القنابل الأمريكية.

وقال إنه بهذه الطريقة، قد يعمل إغينمبرايت مثل “أكياس من الرمل حول الحصون القديمة والتي وضعت لمنع اختراق الرصاص”.

وقال نيك غلوماك، أستاذ الهندسة وخبير المتفجرات في جامعة إلينوي أوربانا-شامبين، إنه لا شك في تأثير إغينمبرايت، أو الطف البركاني، في تخفيف الصدمات. وأضاف: “يعرف الطف في أوساط خبراء الانفجارات بأنه مادة امتصاص طاقة عالية الكفاءة، بل إنه من أفضلها على الإطلاق”. وتابع: “تستخدم مواد مسامية كهذه في العديد من التطبيقات للحد من مساحة الضرر المرتبطة بانفجار مادة شديدة الانفجار”.

قال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية إن مجمع فوردو كان يحتوي أيضا على طوابق متعددة، مما أدى إلى زيادة عدد القنابل التي حسبت الولايات المتحدة أنها بحاجة إليها لتدمير أجهزة الطرد المركزي وغيرها من المعدات

كل هذا عن الطبيعة والقنابل، أما عن المنشأة نفسها، فقد قال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية إن مجمع فوردو كان يحتوي أيضا على طوابق متعددة، مما أدى إلى زيادة عدد القنابل التي حسبت الولايات المتحدة أنها بحاجة إليها لتدمير أجهزة الطرد المركزي وغيرها من المعدات.

لكن هناك احتمال بشأن حماية المنشأة بطرق أخرى واستخدام كتل خرسانية قوية، وبخاصة أن إيران تعتبر من أكبر منتجي الخرسانة في العالم، وقد نشر باحثون إيرانيون أبحاثا حول الخرسانة الممزوجة بألياف فولاذية دقيقة ومواد تقوية أخرى. وقال كلاي نايتو، أستاذ الهندسة الإنشائية في جامعة ليهاي، والذي تركز أبحاثه على فعالية الخرسانة المسلحة، بأنه من خلال تشكيل جسر فوق الشقوق الدقيقة عند تعرض الخرسانة للإجهاد، يمكن للألياف أن تجعلها أكثر مقاومة للانفجارات أو الصدمات. وأضاف البروفسور نايتو: “يمكن أن يضاعف استخدام الألياف قوة الشد مرتين أو ثلاث مرات، ويسمح للشقوق بالبقاء مستقرة. وهذا يحافظ على تماسك الخرسانة إلى حد كبير”.

وأضاف أن مدى فاعليتها يعتمد على قوة الانفجار ومزيج الخرسانة المحدد. ومن غير الواضح ما إذا كان الإيرانيون قد وضعوا هذه المادة في فوردو، لكنه قال إنه أصبح من المعتاد في الولايات المتحدة رش الخرسانة داخل الأنفاق بألياف فولاذية كطبقة حماية ودعم هيكلي. قد تتضمن الأساليب الأكثر تعقيدا استخدام ألواح فولاذية لامتصاص صدمة الانفجار أو منع شظايا الخرسانة من التطاير عن الجدران وإتلاف المعدات أو إصابة الأفراد.

ومع ذلك فإن بعض التدابير الوقائية المطبقة في فوردو معروفة. وقد وصف مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مر السنين غرفا ذات جدران سميكة تفصلها أبواب ثقيلة مقاومة للانفجار.

وبعد كل هذا فالسؤال هو عن حجم الضرر الذي تعرضت له منشأة فوردو؟

يعتمد الكثير على مدى قرب أي من القنابل من المنشأة. ولكن مع وجود العديد من المتغيرات والكثير من المجهول، قد يكون من الصعب التأكد حقا مما حصل، وقال مسؤول وزارة الدفاع إن القنابل ربما لم تصل إلى غرف الطرد المركزي نفسها، على الرغم من أن المحللين ما زالوا يجرون تقييمات مفصلة. وأضاف المسؤول أن الهدف كان استخدام موجات الصدمة والآثار الأخرى للانفجارات لتدمير أجهزة الطرد المركزي. وإذا لم تصل القنابل إلى المخبأ نفسه، فلا يزال من الممكن أن تسبب الانفجارات أضرارا جسيمة إذا حدثت خارج فتحة تهوية مباشرة. وفي هذه الحالة، سيكون هناك بعض الأضرار الهيكلية في مكان اصطدام موجات الصدمة.

قال أندرو نيكلسون، مدير شركة فايبر للعلوم التطبيقية، وهي شركة مقرها إدنبرة تطور برامج محاكاة الانفجارات وتدرس آثار الأحمال الشديدة على الهياكل: “وبعد ذلك، كلما دخلنا الأنفاق الأوسع وأبعد، يكون لها تأثير ضار على المعدات”. حتى لو نجحت قنبلة واحدة أو أكثر في الوصول إلى المخبأ، فقد يظل الضرر، مهما بلغت قوته، محدودا.

وعلق بيتر ماكدونالد، وهو مدير آخر في شركة فايبر: “أعتقد أنه سيدمر كل شيء بشكل كبير”.

ولكن على الرغم من الدمار الذي سيلحق بالمعدات جراء انفجار في مساحة محصورة داخل المخبأ، لكن ماكدونالد لا يتوقع انهيارا كاملا لمنشأة فوردو.

ومن المرجح أن يقتصر الضرر الهيكلي على المناطق القريبة من الانفجار.

ويعلق برفسور هيرلي، خبير الهندسة الميكانيكية في جامعة جونز هوبكنز، أن النهج العام للبنتاغون بدا سليما. وأضاف: “أعتقد أنهم لو درسوا الجيولوجيا وفتحات التهوية بدقة كما ذكر، فمن المرجح أنهم تسببوا في أضرار جسيمة. ويتماشى هذا مع ثقة المسؤولين الأمريكيين المتزايدة بأن الضربة ألحقت أضرارا بالغة بفوردو ودمرت مجموعة أجهزة الطرد المركزي فيه. لكن جون ب. وولفستال، مدير المخاطر العالمية في اتحاد العلماء الأمريكيين ومسؤول ضبط الأسلحة في البيت الأبيض خلال إدارتي أوباما وبايدن، قال إن مدى تأثير الضربة الأمريكية على فوردو في تراجع البرنامج النووي الإيراني سيعتمد على مدى تمزيق موجات الصدمة والآثار الأخرى للانفجار للمخبأ.

وقال وولفستال: “إذا كانت موجة صدمة، فهناك الكثير من الأشياء التي يجري انتشالها. أما إذا كانت انفجارا ناريا ودمر كل شيء، فغالبا ما تبقى إلا القليل جدًا. ولكن إلى أن نعرف ذلك، لا يمكنني إجراء حساب دقيق لكمية ما قد تبقى وكمية ما يمكن إنقاذه”.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار