غزة (الاراضي الفلسطينية) (أ ف ب) – أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أن إسرائيل تعتزم السيطرة على كامل أراضي غزة، مع تكثيف جيشها غاراته الجوية وعملياته البرية في القطاع الفلسطيني المحاصر حيث أعلن الدفاع المدني الاثنين مقتل 52 شخصا على الأقل.
الى ذلك، أشار نتانياهو الى أن على بلاده تفادي حدوث مجاعة في القطاع المحاصر “لأسباب دبلوماسية”، غداة إعلانه السماح بدخول “كمية أساسية” من الغذاء الى القطاع بعد شهرين من إطباق الحصار على سكانه البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.
وقال نتانياهو في شريط مصوّر إن “القتال شديد ونحن نحقق تقدما. سوف نسيطر على كامل مساحة القطاع … لن نستسلم. غير أن النجاح يقتضي أن نتحرك بأسلوب لا يمكن التصدي له”.
وأتت تصريحاته غداة تأكيد الجيش أن قواته بدأت عملية برية واسعة في شمال وجنوب غزة، على الرغم من الدعوات الدولية المتزايدة لوقف إطلاق النار وتخفيف الأزمة الانسانية التي يشهدها القطاع المدمّر جراء الحرب المتواصلة منذ أكثر من 19 شهرا.
وقال نتانياهو الاثنين “يجب ألا نسمح بان ينزلق السكان نحو المجاعة، وذلك لأسباب عملية ودبلوماسية على السواء”، مشيرا إلى أن حتى داعمي إسرائيل لن يكونوا متسامحين مع “مشاهد المجاعة الجماعية”.
أعلن مكتب نتانياهو الأحد أن قرار السماح بدخول “كمية أساسية” من المساعدات جاء “بناء على توصية الجيش ونظرا إلى الحاجة العملياتية للسماح بتكثيف الحملة العسكرية لإلحاق الهزيمة بحماس”.
وقال الرئيس الاميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي إن الكثيرين في غزة “يتضوّرون جوعا”، وأن بلاده تسعى إلى “معالجة” الوضع.
وفي الفاتيكان، أكد البابا لاوون الرابع عشر الأحد أنه “يتألم بشكل كبير أمام ما يحدث في قطاع غزة”.
وحذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبرييسوس من خطر المجاعة في غزة حيث يوجد “مليونا شخص يتضورون جوعا”.
وقال مكتب الامم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) إنه يناقش مع السلطات الإسرائيلية استئناف دخول المساعدات. وأوضح في بيان “تواصلت السلطات الإسرائيلية معنا لاستئناف تسليم المساعدات المحدودة، الآن نجري مناقشات معهم حول كيفية تنفيذ ذلك في ظل الظروف الحالية على الأرض”.
– تطويق مستشفى –
وندد وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير بقرار إدخال بعض المساعدات، وقال إن نتانياهو “يرتكب خطأ جسيما من خلال هذه الخطوة… حماس يجب أن تُسحق فقط، وليس أن تمد في الوقت ذاته بالأوكسجين للبقاء على قيد الحياة”.
أما وزير المال بتسلئيل سموطريتش فأكد أن “ما سيدخل في الأيام المقبلة سيكون الحد الأدنى فقط: بعض المخابز التي تُعد الخبز للناس، ومطابخ مجتمعية تقدم وجبة مطبوخة يوميًا. هذا سيسمح للمدنيين بتناول الطعام، ولأصدقائنا في العالم بمواصلة توفير الحماية الدبلوماسية لنا”.
وتؤكد إسرائيل أن هدفها من إطباق الحصار وتوسيع العمليات زيادة الضغط على حماس ودفعها إلى الافراج عن الرهائن المحتجزين في القطاع.
ميدانيا، قال الجيش الإسرائيلي الاثنين إن قواته “استهدفت أكثر من 160 هدفا خلال الساعات الأخيرة”.
وأصدر الجيش أمرا بالإخلاء “الفوري” لسكان محافظة خان يونس ومنطقتي بني سهيلا وعبسان المجاورتين.
من جانبه، أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 52 شخصا في غارات إسرائيلية استهدفت القطاع منذ فجر الاثنين.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل لوكالة فرانس برس “52 شهيدًا نتيجة تواصل القصف الإسرائيلي على قطاع غزة منذ منتصف الليل وفجر اليوم حتى هذه اللحظة، وما زال القصف مستمرًا، والاحتلال يوسع عمليته البرية مرتكبًا مجازر حرب جديدة ومخلفاً عددًا كبيرًا من الشهداء”.
وسجلت الحصيلة الأعلى في خان يونس بجنوب القطاع، حيث أفاد بصل عن مقتل 22 شخصا في مناطق متفرقة من المحافظة.
وفي خان يونس أيضا، قال محمد سرحان متحدثا عن القصف “وكأنها القيامة، إطلاق نار من جميع الجهات، أحزمة نارية، طيران (إف 16)، ومروحي يقوم بإطلاق النار”.
وأوضح “أقصى ما تمكنا فعله أننا أخذنا الأطفال، لدي طفل (عمره) عام ونصف، وطفل 8 سنوات، أخذتهم إلى أكثر منطقة أمانا”.
وتحدث بصل عن “عدد من الشهداء سقطوا برصاص الاحتلال في ساحة مستشفى الإندونيسي في شمال غزة”، مؤكدا تعذر الوصول إليهم بسبب “استمرار حصار القوات الإسرائيلية للمستشفى وإطلاق النار عليه”.
وطالت الضربات الإسرائيلية الاثنين “محيط مستشفى ناصر” في خان يونس، بحسب بصل الذي أشار الى أن إحداها استهدفت “غرفة الأمن ومخزن الأدوية”.
وفي مستشفى الأقصى في دير البلح، كان فتى يتحسس وجه جثة أحد أقاربه التي وضعت على الأرض إلى جانب جثث أخرى قرب ثلاجة الموتى.
– “دفعة أو دفعتان” –
وفي الدوحة، استؤنفت المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، من دون تسجيل تقدم يُذكر للتوصل لاتفاق.
وقال مكتب نتانياهو إن الاتفاق يجب أن يشمل الإفراج عن كل الرهائن وإقصاء الحركة الفلسطينية من القطاع وجعل غزة منطقة منزوعة السلاح.
منذ انهيار الهدنة الهشة التي استمرت شهرين واستئناف إسرائيل عملياتها في قطاع غزة، فشلت المفاوضات التي تتوسط فيها كل من قطر والولايات المتحدة في تحقيق اختراق.
ويُصر نتانياهو على عدم إنهاء الحرب دون “القضاء بشكل كامل على حماس” التي ترفض تسليم سلاحها أو التخلي عن الحكم في القطاع.
وقال مصدر مطلع في حماس إن الحركة مستعدة “لإطلاق سراح كل الأسرى الإسرائيليين المحتجزين دفعة واحدة بشرط أن يتم التوصل لاتفاق شامل ودائم لوقف إطلاق النار”، مشيرا الى أن إسرائيل تسعى إلى “الإفراج عن أسراها على دفعتين أو دفعة واحدة مقابل هدنة مؤقتة”.
اندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 بعد هجوم مباغت شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل، أسفر عن مقتل 1218 شخصا، غالبيتهم من المدنيين وفقا لتعداد أجرته وكالة فرانس برس بالاستناد إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
ومن بين 251 رهينة خطفوا خلال الهجوم لا يزال 57 في غزة بينهم 34 قال الجيش الاسرائيلي إنهم قتلوا.
ومنذ بدء الحرب بلغ عدد القتلى في غزة 53486، وفقا لأحدث حصيلة أوردتها وزارة الصحة التابعة لحماس، بينهم 3340 قتيلا على الأقل منذ استئناف إسرائيل ضرباتها في 18 آذار/مارس.